هل هذه الأرقام حقيقية؟
أصبت بدهشة كبيرة عندما قرأت عن السعر الذي دفع في لاعب الكرة البرتغالي كريستيانو رونالدو المصنف كأفضل لاعب من قبل الفيفا في العالم لهذا العام، إذ خلصت إلى نتيجة مفادها "أن الأزمة المالية العالمية سوف تتكرر وبصورة أخرى في صناعة كرة القدم". فقد اشترى نادي مانشستر يونايتد الانجليزي اللاعب رونالدو في عام 2003 في مقابل 12.24 مليون جنية استرليني (حوالي 20 مليون دولار أمريكي بمعدل صرف اليوم)، وفي يونيو 2009، أعلن نادي مانشستر يونايتد انه قد تلقى عرضا لبيع رونالدو في مقابل 80 مليون جنية استرليني (131 مليون دولار أمريكي) إلى نادي ريال مدريد الاسباني، وهو سعر أقل ما يوصف بأنه سعر تاريخي، حيث يبدو ان الثمن الريعي للاعبي كرة القدم يتزايد بسرعة صاروخية.
ما الذي يدفع ناديا مثل ريال مدريد الى دفع 131 مليون دولار ثمنا لضم لاعب واحد، وما هي الميزانية الرأسمالية التي يحتاجها أي نادي كرة قدم من أجل الاستثمار في شراء اللاعبين، بصفة خاصة المشهورين منهم لتكوين فريق تنافسي لكرة القدم. وفقا لهذه النتائج فإن رونالدو كان الدجاجة التي تبيض ذهبا لمانشستر يونايتد. فقد حقق مانشستر يونايتد أرباحا مباشرة تعادل حوالي 550% في عملية شراء وبيع رونالدو، وبمعنى آخر فإن سعر رونالدو كان يتزايد بنسبة 100% في المتوسط سنويا خلال الفترة التي قضاها مع مانشستر يونايتد، لا يوجد في عالم اليوم استثمارا يحقق هذا القدر الهائل من العوائد، ويبدو أنه نفس الدافع لدى ريال مدريد لضم نفس اللاعب، فكيف يدفع هذا الرقم الضخم جدا للاعب كرة قدم دون التأكد من أن اللاعب يساوي من الناحية الفعلية أكثر من المبلغ الذي سيدفع فيه. من المؤكد أن القيمة الحالية لتدفقات العوائد المستقبلية المباشرة وغير المباشرة لشراء رونالدو تفوق بشكل كبير مبلغ الـ 131 مليون دولار الذي سيدفع فيه الآن، وإلا لما أقدم ريال مدريد على عرض هذا الرقم الضخم لضم اللاعب. الامر المثير للقلق هو أنه يبدو أيضا أن صناعة كرة القدم بدأت تواجه حالة مضاربة شديدة على النجوم، بصفة خاصة المشهورين منهم، وهو ما يعكس حالة الرواج الشديد الذي تعيشه الصناعة حاليا، ويبدو أنها تحقق أرباحا طائلة حتى في ظل مناخ الأزمة العالمية.
فقاعات الأسعار ليست قاصرة إذن على المساكن والأسهم وغيرها من الاصول المالية، وإنما امتدت اليوم لتطال لاعبي كرة القدم. فقاعة أسعار لاعبي كرة القدم إذا انفجرت فقد تؤدي إلى إفلاس بعض نوادي كرة القدم خصوصا في ظل سيادة نمط جديد من المضاربة على أسعار النجوم، أو على الأقل سوف يترتب عليها رفع تكلفة المشاهدة، إما من خلال رفع اسعار تذاكر الدخول أورفع تكلفة حقوق البث للمباريات لمجاراة الأسعار الفلكية للنجوم، الأمر الذي قد يؤثر على شعبية اللعبة، أو على الاقل على فرص محدودي الدخل في الحصول على حق مشاهدة مباريات اللعبة الشعبية الأولى في العالم، والتي يتزايد الاتجاه نحو حصر حقوق بثها الى القنوات التجارية، بحيث لم تعد مشاهدة مباريات كرة القدم مجانية تقريبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق