السبت، يونيو ١٣، ٢٠٠٩

لماذا ينتشر الفساد في الكويت

هناك شبه اتفاق بين المراقبين أن الفساد يتجذر في الكويت بصورة متزايدة عاما بعد آخر، وهناك أسباب عديدة لانتشار الفساد في الكويت، والمتتبع لتقارير هيئة الشفافية الدولية يلاحظ أن هناك تدهورا واضحا في ترتيب الكويت العالمي بالنسبة لمؤشر مدركات الفساد. ويعكس مؤشر مدركات الفساد مدى انتشار الفساد في الدولة. ويوضح الجدول التالي تطور مؤشر مدركات الفساد في الكويت مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي خلال الخمس سنوات الماضية، ومن الجدول يتضح أن الكويت قد احتلت المركز 35 عالميا من بين 133 دولة عام 2003، وفي عام 2007 تدهور مركز الكويت عالميا إلى 60 من بين 180 دولة، وهو ما يعكس التدهور الكبير في أداء الكويت في مكافحة الفساد، ويشير إلى أن مكامن الفساد ما زالت منتشرة، بل ويتسع نطاق تأثيرها العام في الدولة. وبالمقارنة مع باقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، فان الكويت تحتل بشكل عام المركز الأسوأ بعد المملكة العربية السعودية، التي احتلت المركز الأخير بين دول مجلس التعاون في عام 2007، والمركز 79 عالميا في نفس العام.

مؤشر مدركات الفساد في دول مجلس التعاون

Country

2003

2004

2005

2006

2007

Qatar

32

38

32

32

32

UAE

37

29

30

31

34

Bahrain

27

34

36

36

46

Oman

26

29

28

39

53

Kuwait

35

44

43

46

60

S. Arabia

46

71

70

70

79

Source: Transparency International "Global Corruption Report" various issues.

أمس الجمعة 12 يونيو ذكرت الصحف في الكويت نبأ اعتداء أحد أعضاء مجلس الأمة على مدير عام إدارة الهجرة العميد كامل العوضي، لرفض الأخير تمرير معاملات للنائب إلا من خلال التسلسل البيروقراطي المعمول به لإقرار تلك المعاملات، وحسب ما نشرته الصحف فان النائب قام بتهديد المسئول بأنه سوف يستجوب وزيره، ولم يكتف بذلك بل اعتدى عليه بقذفه بمجسم البوم الذي كان موضوعا على مكتب المدير. في تصريح آخر اليوم لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد قال بأنه "إذا كان ضابط كبير يتعرض للإهانة فما بالك بالأصغر" (القبس 13/6/209 الصفحة الأولى)، في إشارة إلى سوء استغلال بعض أصحاب النفوذ لنفوذهم. ويبدو أن بعض النواب ينظرون إلى المقعد على انه بمثابة تصريح يعطيهم الحق في أن يفعلوا ما يشاءون في ظل الحصانة التي يوفرها لهم القانون، وإلا فان سيف الاستجواب يمكن سحبه من المغمد في أية لحظة. السؤال الأساسي هو هل يستطيع كبار الموظفين، كما أشار وزير الداخلية مقاومة هذا الترهيب؟، وإذا كان بعض كبار الموظفين لا يستطيعون، فماذا عن الصغار منهم كما عقب وزير الداخلية على الحادث؟. في الواقع فإن الحادثة تفسر لنا أحد اسباب انتشار الفساد في الدولة، للأسف القضية في غاية الحساسية، والتعامل مع هذا الموطن من مواطن الفساد مسألة ليست سهلة.

غير أنه من الواضح أن الموظف العام في الدولة لا يتمتع بالغطاء القانوني المناسب الذي يحميه من اعتداءات الجمهور عليه. فمن وقت لأخر نسمع عن اعتداءات على الأطباء والمدرسين والموظفين بكافة أشكالهم. مما لا شك فيه أن القانون الحالي لا يقدم الحماية الكافية للموظف العام، كما لا يوفر العقوبة الرادعة على المعتدي، أيا كان هو أو كان موقعه. مما لا شك فيه أن مكافحة الفساد في الكويت تحتاج إلى تضافر الجهود على المستوى القومي لمواجهة الظاهرة واجتثاث الفساد من جذوره، وهو مهمة ليست بالسهلة، بدون غطاء قانوني مناسب يعاقب الجميع، أيا كانت مراكزهم.

هناك ٤ تعليقات:

  1. ما شاء الله
    تحليل رائـع ..

    سلمكـ الباري و وفقكـ على جهودك الراقية

    ردحذف
  2. قال تعالى ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]

    اولا: اشكرك د محمد على طرحك وانا متابع دقيق لهذه المدونه الراقيه

    ثانيا: قد شدني تدهور الكويت في مؤشر مدركات الفساد مع انني الاحظ بأن هناك صحوة وخاصه من الشباب حولي لمحاولة التقليل من هذه الافه التي اصابت مجتمعنا الكويتي خاصه والعربي ايضا. قد لاحظت كثير من الشباب الذين يقفون بوجه الفساد: الرشاوى والواسطه الخ ولكن املي بأن يطغى هذا التوجه الشبابي على التوجه السائد حاليا ويحدث باذن الله التغيير للأفضل لكويتنا الغاليه. ولكن هذا التوجه مثل ما تفضلت يحتاج الى تضافر الجهود وعدم اليأس وان شاء الله شباب الكويت قادر على التغيير

    ردحذف
  3. شكرا محمد
    للأسف الفساد آفة ليست سهلة وينتشر في عالمنا العربي والاسلامي انتشار النار في الهشيم، وتحتاج الظاهرة الى جهود جبارة لمحاصرتها، ولأن آثارها عظيمة ومدمرة فإن ذلك يتطلب كما ذكرت تضافر كافة القوى في المجتمع المدني. بالاضافة الى ما ذكرت هناك ايضا جمعية الكويت للشفافية، وهناك برلمانيون ضد الفساد.. الخ، وهي حركات مهمة وضرورية للتوعية بالظاهرة ومحاولة حشد القوى ضد الفساد. للأسف ما زال امامنا الكثير لمواجهة الظاهرة، بصفة خاصة على الجانب التشريعي، مطلوب قانون خاص للفساد، وبوليس خاص للفساد، ومحاكم خاصة للفساد، وجهاز اعلامي لفضح المتورطين فيه.
    شكرا على تعليقك واهتمامك

    ردحذف