لست من أعداء الديمقراطية، ولا أفضل الحكم الأوتوقراطي، ولكن إذا أصبحت الديمقراطية عائقا أمام التنمية، وسبيلا لضياع الموارد وهدر القدرات والإمكانيات، أو على الأقل تضييعا للوقت، فليس هناك حاجة إليها. من الواضح للعيان أن هناك مشكلة في صيغة الممارسة الديمقراطية الحالية، والتي تجعل كل عضو عبارة عن حزب مستقل بذاته، حيث مطلوب من كل عضو أن يحارب على جبهته الانتخابية بمفرده، ومطلوب منه أيضا أن يقدم كشف حساب لناخبيه عند عودته مرة أخرى ليطالبهم بإعادة انتخابه، الأمر الذي يجعل العضو دائما تحت ضغوط ناخبيه لكي يضمن مقعده في المجلس التالي. وكلنا يعلم ما هي ضغوط الناخبين.
أعلم أن الكثير لن يعجبه حديثي هذه المرة، ولكن دعونا نكون صادقين مع أنفسنا، ما الذي عاد علينا من هذه المؤسسة خلال الفترة الماضية؟ كيف كان يمكن أن تكون أوضاع التنمية لدينا بدون هذا البرلمان، لو وضعت مسئولية اتخاذ القرار في أشخاص هم محل ثقة الجميع. كم موظف تم الزج به في أروقة الحكومة من خلاله؟ كم مسئول لا يستحق موقع ما وهو غير مؤهل له ووضع فيه بسببه؟ كم معاملة خاصة اجبر المسئولين على توقيعها من خلال أعضاءه؟ كم حجم الموارد التي أهدرت بمباركة منه؟ كم مرة ادخل البلد في أزمات سياسية لتتعطل فيها الجهود وتضيع فيها الطاقات في مناقشة محاور استجواباته المثيرة للجدل؟ كم مشروع إنتاجي تم رفضه من خلاله بدعوى أو بأخرى؟ بل كم خطة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وافق عليها أو أقرها؟ كم مرة أوقفت القرارات والخطط والبرامج لحين انتخاب أعضاءه؟... كم ...؟.
من الواضح أن الكويت تدفع ثمنا باهظا للاحتفاظ بهذه المؤسسة. كفانا تأزيما سياسيا يجعل قطار التنمية محلك سر، تجربتنا الديمقراطية جعلت من حولنا يخاف من مجرد السماح بإنشاء برلمان، بل ويستشهد بما يحدث لدينا للتعبير عن مساوئ الديمقراطية. أوضاعنا الاقتصادية لا تتحمل ما يصر البعض على أن يدخل هذا البلد فيه. دعونا نستبدل مجلس الأمة بمجلس شورى أو مجلس استشاري أو مجلس للحكماء أو أي صيغة أخرى تمكننا من أن نملك ديناميكية صناعة القرار، بدلا من الشلل التنموي الذي نحن فيه. مشاريعنا تنهار واحدا تلو الآخر بين إلغاء وتأجيل، والجميع لا يملك سوى الوقوف لكي يتفرج على ما يحدث. إن التنمية لا تحتاج لمجلس أمة إذا ما كان من ألد أعداءها، دعونا نضحي بالمجلس من أجل مصلحة الكويت ومستقبل أجيالها. نحن في حاجة إلى أن نخرج أنفسنا مما نحن فيه والذي يستهلكنا حتى الرمق الأخير، ويجعل الوقت يضيع من أيدينا ونحن نقف موقف المتفرج بين معارك مفتعلة، للأسف نحن لا نملك رفاهية تضييع الوقت كما يتصور البعض، فالوقت الذي يفصلنا عن نهاية عصر النفط أصبح قصيرا جدا، أقصر من تصورات أي أحد، ماذا سنقول لأجيالنا القادمة؟ كنا نتشدق بالديمقراطية وفي خضم ذلك نسينا أن نعد لكم مستقبلا يليق بكم!، ما أسخفها من إجابة!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق