الأحد، مايو ٢٦، ٢٠١٣

فشل الرأسمالية


سكان الولايات المتحدة يفترض أنهم من الطبقة الوسطى، وفي ظل هذا التوزيع للدخل يفترض أنه عندما ينمو الاقتصاد تنمو جميع الطبقات سويا نحو الأعلى، ولكن مع مرور الوقت اكتشف الأمريكيون أن فرص انتقالهم من الطبقة الوسطة الى الطبقة الأعلى شبه معدومة تقريبا. من ناحية أخرى فإن من هم في الطبقات المرتفعة الدخل غالبا ما يظلون في هذه الطبقة ولا ينحدرون نحو الطبقات الأسفل، على سبيل المثال فإن الأسر الغنية دائما ما تؤمن أفضل المدارس لأبنائها، ويضمنون أيضا التحاقهم بأفضل الجامعات، وبالتالي فإن هؤلاء غالبا ما تتوافر لهم افضل الفرص المتاحة في المجتمع الأمريكي.
ستيجليتز يصف المجتمع الأمريكي بمجتمع الـ 99%، في إشارة إلى أن الطبقة الوسطى في المجتمع الأمريكي اصبحت تمثل 99% منه، بينما يعمل الاقتصاد الأمريكي أساسا لصالح الـ 1% وهي فئة الصفوة من الأثرياء في المجتمع الأمريكي، وهو ما يشكل نمطا متطرفا من الانفصال الطبقي، هذا الانفصال الطبقي أصبح اليوم أكثر وضوحا في أمريكا أكثر من أي وقت مضى.
وقد اثبتت الأزمة المالية العالمية أن الاقتصاد الأمريكي يعمل أساسا لصالح الطبقة العليا، فما حدث هو أن 24 مليون أمريكي فقدوا وظائفهم، بينما ذهب من تسببوا في الأزمة بمرتباتهم الضخمة والبونس اللامعقول الذي حصلوا عليه من الصفقات التي أدت الى انطلاق الأزمة، فماذا حدث؟ لقد قامت الحكومة بإنقاذ البنوك، بينما رفضت أن تمدد اعانات البطالة لملايين العاطلين عن العمل.
ما يحدث حاليا هو أن معظم الأمريكيين لا يستفيدون من ثمار النمو في الاقتصاد الأمريكي ومستويات الدخول من الناحية الحقيقية تتراجع اليوم عما كان عليه الوضع من عقد من الزمان. لقد فشلت الرأسمالية في أن تحقق ما وعد به منظروها للناس، وترتب عليها نتائج معاكسة تماما لما يفترض أن يحققه نظام السوق الحر، والتي تتمثل حاليا في اللا مساواة والتفاوت في مستويات الدخول، والتلوث والبطالة، والأهم تراجع القيم التي تسود طبقة الرأسمالية في عالم اليوم، بينما لا تتم محاسبة من يتسبب في ذلك في المجتمع الرأسمالي. لقد كان من المفترض أن النظام الرأسمالي في الدول الرأسمالية يحاسب هؤلاء الذين تسببوا في هذه المآسي التي ترتبت على الأزمة، ولكن النظم السياسية في الدول الرأسمالية فشلت في أن تقوم بذلك، ولذلك شهد عام 2011 أكبر عملية خروج للناس إلى الشوارع في أمريكا وأوروبا.
من كتاب:

Joseph E. Stiglitz: “The Price of Inequality: How Today's Divided Society Endangers Our Future”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق