انتهيت منذ اسبوع من كتاب “Global Tilt: Leading Your Business Through the Great Economic Power Shift” للمؤلف الأمريكي (الهندي الأصل) رام شاران، الذي صدر منذ 3 أشهر، الكتاب يتناول ظاهرة التحول الاقتصادي العالمي من الشمال نحو الجنوب، الذي يفصل الشمال عن الجنوب هو خط 31 تقريبا، وعندما ننظر الى مجموعة الدول التي تقع جنوب هذا الخط سوف نلاحظ أنه بالفعل هناك تحول في اتجاه القوة الاقتصادية العالمية من شمال الخط نحو جنوبه، والتطورات العالمية التي تحدث في العالم تسير أساسا في مصلحة الجنوب أكثر من الشمال، فالزيادة في أعداد المستهلكين في العالم تتم أساسا في الجنوب، والزيادات الجوهرية في الدخل التي تحدث في العالم تحدث بصورة واضحة في الجنوب، وسوف تشهد العقود القادمة نموا هائلا في أعداد الطبقة الوسطى في الجنوب بصفة خاصة في الهند والصين، هذا التطور سوف يحدث نتائج اقتصادية هائلة في العالم، نحن نتحدث عن نمو في دخول مئات الملايين من المستهلكين في الجنوب والذي سيشكلون قوة استهلاكية هائلة تلعب دورا هاما في نمو الناتج في هذه الدول.
الكاتب يعطي أمثلة كثيرة لهذا التحول في
القوة الاقتصادية على المستوى الكلي Macro في المقدمة، غير أن الجانب الأكبر من الكتاب يركز بعد ذلك على المستوى
الجزئي Micro،
بصفة أساسية حول كيفية استفادة الشركات في الشمال من هذه التطورات التي تحدث في
الجنوب، وأن تؤقلم من سياساتها واستراتيجياتها ونظمها حتى وثقافتها للاستفادة من
هذا التحول، فالفرص القادمة في العالم سوف تكون أساسا من الجنوب وليس من الشمال،
وهناك تطورات فنية وتقنية تقلل من سيطرة الشمال على مجريات الاقتصاد العالمي
والتطورات التي تحدث فيه، بصفة خاصة التقنيات الرقمية والطباعة ثلاثية الابعاد
والتي ستحول من طبيعة نماذج الأعمال على المستوى الدولي.
أكثر من ذلك فإن المؤلف يحذر الشركات في
الشمال من أن الشركات الجنوبية قادمة، ويعطي أمثلة كثيرة عن رجال أعمال بدأو من
الصفر تقريبا وتحولوا بعد ذلك الى تكوين امبراطوريات أعمال في الجنوب، على سبيل
المثال شركة تاتا الهندية وشركة بهارتي ايرتل التي اشترت شركة زين الإفريقية والتي
من المتوقع أن تكون صاحبة أكبر عدد من المشتركين في خطوط الهواتف النقالة في
العالم، وشركة واواي الصينية.. الخ.
يخصص الكاتب الجزء الثاني من الكتاب لوصف
الاستراتيجيات التي يجب أن تتبعها الشركات في الشمال لكي تعظم استفادتها من
التطورات الحادثة في الجنوب بتفصيل أعتقد أنه مفيد جدا للمدراء التنفيذيين للشركات
ومدراء العموم. أنصح أي مدير تنفيذي باقتناء الكتاب.
يعاب على المؤلف أن الأمثلة التي كان يضربها
تأتي غالبا من الهند، ربما بحكم نشأته، والشركات التي يستشهد بها غالبا ما تكون
هندية، حتى المواقف التي يذكرها للتدليل على حجة محددة يريد اثباتها فإنه يستخدم
الهند. مع أن هناك تشكيلة هامة من دول الجنوب التي يتوقع أن تكون تجاربها غنية جدا
في هذا المجال.
بدأت القراءة في كتاب لعالم الاقتصاد Joseph E.
Stiglitz الحاصل على جائزة نوبل
في الاقتصاد بعنوان: The Price of Inequality: How Today's
Divided Society Endangers Our Future. من مقدمة الكتاب أعتقد أن المؤلف سوف
يتناول بالتحليل قضية فشل السوق وتحول الاقتصادات لأن تعمل أساسا لصالح فئة قليلة
من السكان في دول العالم، سواء في الدول المتقدمة أو الدول المتخلفة. أمام فشل
السوق هذا فشلت النظم السياسية في التدخل لتعديل النظام بحيث يعمل لصالح المجموع
وليس لصالح الصفوة، ونتيجة لذلك انتفض الشارع ليس فقط في دول مثل تونس ومصر وزلزت
كراسي ديكتاتوريات ربما كانت أكثر الديكتاتوريات استقرارا في التاريخ مثل الديكتاتور
معمر القذافي والديكتاتور حسني مبارك، وانما أيضا انتشرت الاحتجاجات في كافة انحاء
العالم، وبدأت تظهر في الغرب دعاوى تعكس ذلك مثل احتلال بورصة وول ستريت، وانتشار تظاهرات العاطلين
في أوروبا، والشغب في بريطانيا.. الخ. الكتاب يبدو شيق جدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق