البعض يدعي أن الصين تحولت الى عملاق صناعي بفضل سياسات معدل الصرف
التي تبنتها بالحرص على تقييم اليوان بقيمة أقل من القيمة السوقية له حتى تعطي
منتجاتها الصناعية ميزة تنافسية مكتسبة.
غير أنه من الناحية الواقعية تحولت الصين إلى عملاق صناعي بقوة العمل
الهائلة التي توظفها في أداء العمليات الصناعية المختلفة بأجور متدنية، وعلى نطاق
غير مسبوق في التاريخ. السبب يعود الى وجود مئات الملايين من الأشخاص المستعدين
للعمل الشاق وبأجور منخفضة، والمستعدين للانتقال والعمل في ظل ظروف عمل قد لا
يقبلها أعضاء قوة العمل في دولة أخرى، حيث يقضي هؤلاء العمل ليلهم ونهارهم في
العمل، في المجالات المختلفة، هؤلاء العمال شكلوا الهيكل العظمي للنظام الصناعي في
العالم، بالدور الذي تلعبه الصين في النظام الصناعي العالمي اليوم.
في معظم المصانع الصينية يعمل هؤلاء العمال المهاجرون بحوالي 2000
يوان شهريا، أي ما يعادل 300 دولارا أمريكيا. قد يبدو هذا الأجر منخفض جدا بالنسبة
لنظيره في أمريكا أو أوروبا، أو حتى الكثير من اقتصادات الدول الناشئة، لكنه إذا
ما قورن بأجر عامل الأرز في الريف الصيني حيث يقطن هؤلاء العمال المهاجرين، والذي
يساوي 300 دولارا في السنة، فإنه يعد تحسنا جوهريا في مستوى الدخول وبالطبع
المعيشة، بل وتحسن كبير في ظروف العمل مقارنة بظروف العمل في مناطقهم الأصلية.
ليس فقط ذلك، فإنه على الرغم من أن نظام العمل الأسبوعي هو 40 ساعة
عمل أسبوعيا، فإن أغلب هؤلاء العمال يعملون لمدة 60 ساعة أسبوعيا وذلك لتحقيق قدر
أعلى من الدخول والمدخرات وتحويل جانب منها للأسر التي تركوها خلفهم في الريف.
عندما
تقارن هذه المستويات من الأجور مع تلك السائدة في الولايات المتحدة مثلا، فإنها لا
تمثل شيئا على الإطلاق. أكثر من ذلك فإن أصحاب المصانع في الصين لا يوفرون لهؤلاء
العمال المهاجرين التسهيلات والفوائد المختلفة التي يحصل عليها العمال المناظرين
لهم في الغرب، مثل التأمين الاجتماعي والخدمات الصحية وغيرها. أكثر من ذلك فإن
الصناعيين في الصين يستفيدون كما سبقت الإشارة من معدلات الصرف المتدنية لليوان،
وكذلك من معدلات الفائدة المنخفضة التي يحددها البنك المركزي لا قوى السوق النقدي.
مثل هذه
السياسات المصطنعة، تعطي المنتجين في الصين ميزة تنافسية قوية جدا في مواجهة
منافسيهم في الدول الصناعية الأخرى في العالم، حيث تمكن الصناعيين الصينين من بيع
منتجاتهم بما يطلق عليه السعر الصيني.
من كتاب:
The Unfair Trade: How Our Broken Global Financial System
Destroys the Middle Class
لمايكل
كيسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق