الاختلال المالي في العالم هو احد القضايا التي أثارت الاهتمام العالمي. فالأمريكيين يفرطون في الانفاق، والآسيويين يفرطون في الادخار، وهو ما يسبب عدم التوازن المالي بين آسيا والولايات المتحدة، بصفة خاصة بين الصين وأمريكا. البعض يتصور أن حل هذا اللغز يتطلب أن يغير أحد الطرفين من سلوكه.
...
بالطبع في معظم الثقافات ينظر للدين على أنه نقيصة، بينما ينظر للادخار على أنه فضيلة، غير هذه النظرة تعد سطحية بشكل عام. ذلك أن الاقتصاد العالمي من الممكن أن يتوقف النمو فيه إذا توقفت هذه العلاقة التبادلية، على سبيل المثال يرى نيل فيرجسون أن النمو الاقتصادي العالمي في الألفية الماضية تم أساسا بسبب عمليات الاقتراض والاستدانة، وبالتالي فبدلا من القول بأن المقترضين في العالم يفرطون في الانفاق، فإن هؤلاء المقترضين يمثلون فرصة الاستثمار لمن يفرطون في الادخار، ومن ثم تمكين الدول التي تدخر من أن تحصل على عائد مناسب على رؤوس أموالها.
...
خلال الثلاثة عقود الماضية اقترضت الولايات المتحدة تريليونات الدولارات، وهو ما مكنها من تمويل فترات الرفاه المرتفع، ومن هذا المنطلق فإن الدين قد يمثل فضيلة.
ولكن إذا كان الدين يمثل فضيلة فهل الادخار يعد نقيصة؟
...
يرى مايكل كيسي أن هذه الفرضية يمكن اختبارها بصورة جيدة على الحالة الصينية. فهي أكبر دولة في العالم تدخر، حيث يبلغ معدل الادخار في الصين أعلى معدل في العالم، حيث تدخر الصين أكثر من نصف دخلها، في ظل هذه المعدلات الاستثنائية للادخار فإن الصين تواجه تدفقا هائلا من الأموال التي يدخرها المقيمين فيها على اختلاف أشكالهم، حيث يضيفون تريليونات اليوان كل عام، على سبيل المثال في العام المنتهي في يونيو 2011 نمنت مدخرات الصينيين بمعدل يصل إلى 17%، بحيث بلغت مدخرات القطاع العائلي 33.2 تريليون يوان، أو 5.2 تريليون دولارا، أي أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لباقي دول البريك مجتمعة (البرازيل والهند وروسيا).
...
بهذا الحجم الهائل من المدخرات فإن الأسر في الصين توفر للقطاع الخاص رصيدا ضخما للغاية من رؤوس الأموال المعدة للاقتراض، وبمعدلات فائدة منخفضة، فإذا ما أضفنا إلى ذلك القيمة المنخفضة للعملة والأجور المنخفضة للعمال، فإن هذه التوليفة مجتمعة تمكن المنتجين في الصين من تصدير المنتجات الصينية عند مستويات منخفضة من الأسعار للدول المستوردة مثل الولايات المتحدة، الأمر الذي يساعدهم على السيطرة على حصص أكبر من أسواق الدول المستوردة مثل السوق الأمريكي.
...
على الجانب الآخر تقف الولايات المتحدة في الطرف المعاكس للصورة، حيث تعد معدلات الادخار للأسر الأمريكية واحدة من بين الأقل في العالم، لذلك تحقق الولايات المتحدة بشكل مستمر عجزا في حسابها الجاري قدر ما بين 3-6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، ولذلك يتحتم على الولايات المتحدة أن تقترض من الخارج الفرق بين انفاقها ودخلها، أو الفجوة بين ادخارها واستثمارها.
...
بهذا الشكل يتمكن أكبر اقتصادان في العام من تغذية بعضهما البعض.
...
من كتاب:
The Unfair Trade: How Our Broken Global Financial System Destroys the Middle Class
لمايكل كيسي
...
بالطبع في معظم الثقافات ينظر للدين على أنه نقيصة، بينما ينظر للادخار على أنه فضيلة، غير هذه النظرة تعد سطحية بشكل عام. ذلك أن الاقتصاد العالمي من الممكن أن يتوقف النمو فيه إذا توقفت هذه العلاقة التبادلية، على سبيل المثال يرى نيل فيرجسون أن النمو الاقتصادي العالمي في الألفية الماضية تم أساسا بسبب عمليات الاقتراض والاستدانة، وبالتالي فبدلا من القول بأن المقترضين في العالم يفرطون في الانفاق، فإن هؤلاء المقترضين يمثلون فرصة الاستثمار لمن يفرطون في الادخار، ومن ثم تمكين الدول التي تدخر من أن تحصل على عائد مناسب على رؤوس أموالها.
...
خلال الثلاثة عقود الماضية اقترضت الولايات المتحدة تريليونات الدولارات، وهو ما مكنها من تمويل فترات الرفاه المرتفع، ومن هذا المنطلق فإن الدين قد يمثل فضيلة.
ولكن إذا كان الدين يمثل فضيلة فهل الادخار يعد نقيصة؟
...
يرى مايكل كيسي أن هذه الفرضية يمكن اختبارها بصورة جيدة على الحالة الصينية. فهي أكبر دولة في العالم تدخر، حيث يبلغ معدل الادخار في الصين أعلى معدل في العالم، حيث تدخر الصين أكثر من نصف دخلها، في ظل هذه المعدلات الاستثنائية للادخار فإن الصين تواجه تدفقا هائلا من الأموال التي يدخرها المقيمين فيها على اختلاف أشكالهم، حيث يضيفون تريليونات اليوان كل عام، على سبيل المثال في العام المنتهي في يونيو 2011 نمنت مدخرات الصينيين بمعدل يصل إلى 17%، بحيث بلغت مدخرات القطاع العائلي 33.2 تريليون يوان، أو 5.2 تريليون دولارا، أي أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لباقي دول البريك مجتمعة (البرازيل والهند وروسيا).
...
بهذا الحجم الهائل من المدخرات فإن الأسر في الصين توفر للقطاع الخاص رصيدا ضخما للغاية من رؤوس الأموال المعدة للاقتراض، وبمعدلات فائدة منخفضة، فإذا ما أضفنا إلى ذلك القيمة المنخفضة للعملة والأجور المنخفضة للعمال، فإن هذه التوليفة مجتمعة تمكن المنتجين في الصين من تصدير المنتجات الصينية عند مستويات منخفضة من الأسعار للدول المستوردة مثل الولايات المتحدة، الأمر الذي يساعدهم على السيطرة على حصص أكبر من أسواق الدول المستوردة مثل السوق الأمريكي.
...
على الجانب الآخر تقف الولايات المتحدة في الطرف المعاكس للصورة، حيث تعد معدلات الادخار للأسر الأمريكية واحدة من بين الأقل في العالم، لذلك تحقق الولايات المتحدة بشكل مستمر عجزا في حسابها الجاري قدر ما بين 3-6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، ولذلك يتحتم على الولايات المتحدة أن تقترض من الخارج الفرق بين انفاقها ودخلها، أو الفجوة بين ادخارها واستثمارها.
...
بهذا الشكل يتمكن أكبر اقتصادان في العام من تغذية بعضهما البعض.
...
من كتاب:
The Unfair Trade: How Our Broken Global Financial System Destroys the Middle Class
لمايكل كيسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق