نشر في جريدة القبس بتاريخ الأربعاء 11/2/2009
شهدت الأيام القليلة الماضية الإفصاح عن مشروع قانون للاستقرار المالي في دولة الكويت، والذي تضمن مقترحات لمعالجة أزمة القطاع المالي في دولة الكويت. في ذات الوقت تم نشر مشروع الميزانية العامة للدولة المقترح للعام المالي 2009/2010. وقد جاء المشروعان متناقضان في أهدافهما وآثارهما على الاقتصاد المحلي.
قانون تعزيز الاستقرار المالي، وفقا للصياغة المنشورة ليس خطة إنقاذ، ومن ثم من المتوقع حدوث بعض حالات الإفلاس حتى مع إقرار القانون بصيغته المقترحة حاليا، حيث يتكون مشروع القانون المقترح من 3 أجزاء أساسية الجزء الأول خاص بالبنوك ويهدف إلى ضمان العجز المالي مقابل الأصول المتعثرة والمضطربة لدى البنوك وضمان الانخفاض الذي قد يطرأ على قيمة محافظ الاستثمارات المالية والعقارية القائمة لدى البنوك، فضلا عن إمكانية شراء أصول متعثرة أو مضطربة لدى البنوك. معالجة أوضاع شركات الاستثمار حسب الجزء الثالث من مشروع القانون، لم تكن على نفس المستوى من الكثافة، حيث سيتم تصنيف الشركات حسب أهمية دورها في الاقتصاد، وملاءتها المالية، والمخاطر التي يمكن أن تترتب على تعثر هذه الشركات، أي أن أسلوب معالجة أوضاع تلك الشركات سوف يختلف من حالة إلى أخرى. كذلك احتوى مشروع القانون على جزء متعلق بدعم قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي، وذلك من خلال ضمان القروض والتمويل الجديد الذي يحصل عليه عملاء البنوك المحلية من جميع قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي والذي يتم استخدامه محليا، وبحد أقصى 4 مليارات دينار. هذه ببساطة جوانب المشروع المقترح فيما يتعلق بالاستقرار المالي، والمشروع بشكله الحالي ليس كافيا لإحداث الاستقرار المنشود، لسببين:
الأول هو أن الميزانية المدرجة للمشروع (حوالي 1.5 مليار دولار) غير كافية قياسا بحجم التزامات القطاع المالي الداخلية والخارجية وحجم الأصول المتعثرة والمضطربة في القطاع المالي.
الثاني أن القانون لم يشمل إجراءات كافية لتحفيز النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي في دولة الكويت.
نتائج قانون الاستقرار المالي إذن معروفة سلفا، وهي أنه سيكون بمثابة حقنة مسكنة للقطاع المالي في دولة الكويت، يتبعها حدوث استقرار مؤقت في أوضاع البورصة، بصفة خاصة بالنسبة لأداء القطاع المالي، أي بالنسبة لأسهم البنوك وشركات الاستثمار، أما بالنسبة لأسعار أسهم باقي القطاعات في البورصة فسوف تستمر في التراجع. لقد أثبتت تجارب الأزمة الحالية أن خطط الإنقاذ المالي ليست كافية للحد من تدهور أداء سوق المال. على سبيل المثال فان خطة بولسون في الولايات المتحدة بضخ 700 مليار دولار للإنقاذ المالي لم تحل دون تدهور أسواق المال في الولايات المتحدة، وبات من الواضح أن الاقتصاد في حاجة إلى خطة أضخم للتحفيز المالي. خطة أوباما المقترحة للتحفيز المالي سوف تكلف الميزانية ما يزيد عن 800 مليار دولار، تستخدم في صورة حزمة إجراءات في مجال الإنفاق العام في صورة استثمار في البنية التحتية، ومزايا ضريبية للأفراد ولقطاع الأعمال لوقف عمليات تسريح العمال وتشجيع مستويات استثمار قطاع الأعمال. ومن المؤكد أنه سوف يتم إقرار الخطة على الرغم من أنها سوف تؤدي إلى عجز في الميزانية يقدر بحوالي 2 تريليون دولار خلال العامين القادمين.
الخلاصة هي أن هناك اتفاق حاليا بين جميع المراقبين على أن خطط إنقاذ القطاع المالي ليست حلا للازمة الاقتصادية التي يواجهها العالم، وأن الأمر يحتاج إلى تحفيز مالي للاقتصاد المحلي، بمعنى أنه لا بد من استخدام مزيج من السياستين النقدية والمالية، لأن أداء القطاعات الاقتصادية في بورصة الأوراق المالية لا يعتمد على ضخ سيولة في القطاع المالي فقط، وإنما يعتمد على نتائج أداء القطاعات في الاقتصاد الحقيقي، ذلك أن أسعار الأسهم سوف تعتمد أساسا على حجم أعمال الشركات، ومعدلات أرباحها، ومستويات التوزيع للأرباح... الخ، وهي جميعها تعتمد على مستويات النشاط الاقتصادي المحلي الحقيقي.
للأسف جاء مشروع ميزانية 2009/2010 مخيبا للآمال في هذا الوقت بالذات، حيث انخفض الإنفاق الاستثماري في الباب الرابع من 1664.5 إلى 1220 مليون دينار، أي بنسبة 26.7%، وهو ما يمثل أكبر نسبة للخفض في جوانب الإنفاق العام في مشروع الميزانية. ويعني ذلك أن ميزانية الدولة في العام المقبل، وهو العام المتوقع ان تصل فيه الازمة الى أشدها، هي ميزانية انكماشية. بهذه الميزانية الانكماشية تسير الكويت في خط معاكس تماما للاتجاه العام في العالم اجمع، حيث تميل دول العالم حاليا المتقدمة والنامية إلى أن ترصد المزيد من الأموال لأغراض زيادة الإنفاق العام كتحفيز مالي للاقتصاد المحلي للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. لقد كان من المفترض أن تحمل ميزانية 2009/2010 أخبارا سارة للقطاع غير النفطي باعتماد ميزانية ضخمة للإنفاق الاستثماري على قائمة مشروعات الكويت الضخمة التي ما زالت حبيسة الأدراج حتى وقتنا هذا، وذلك باستخدام جانب من فوائض الكويت التي تحققت خلال فترة ارتفاع أسعار النفط. الوقت الحالي ليس وقتا للتقتير على الاقتصاد. اقتصاديات دورات الانكماش تقوم على مبدأ أساسي هو المزيد من الإنفاق، أي عكس ما نراه حاليا من تراجع المشاريع الضخمة لدولة الكويت واحدا تلو الآخر بين الإلغاء أو التأجيل.
قانون تعزيز الاستقرار المالي، وفقا للصياغة المنشورة ليس خطة إنقاذ، ومن ثم من المتوقع حدوث بعض حالات الإفلاس حتى مع إقرار القانون بصيغته المقترحة حاليا، حيث يتكون مشروع القانون المقترح من 3 أجزاء أساسية الجزء الأول خاص بالبنوك ويهدف إلى ضمان العجز المالي مقابل الأصول المتعثرة والمضطربة لدى البنوك وضمان الانخفاض الذي قد يطرأ على قيمة محافظ الاستثمارات المالية والعقارية القائمة لدى البنوك، فضلا عن إمكانية شراء أصول متعثرة أو مضطربة لدى البنوك. معالجة أوضاع شركات الاستثمار حسب الجزء الثالث من مشروع القانون، لم تكن على نفس المستوى من الكثافة، حيث سيتم تصنيف الشركات حسب أهمية دورها في الاقتصاد، وملاءتها المالية، والمخاطر التي يمكن أن تترتب على تعثر هذه الشركات، أي أن أسلوب معالجة أوضاع تلك الشركات سوف يختلف من حالة إلى أخرى. كذلك احتوى مشروع القانون على جزء متعلق بدعم قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي، وذلك من خلال ضمان القروض والتمويل الجديد الذي يحصل عليه عملاء البنوك المحلية من جميع قطاعات النشاط الاقتصادي المحلي والذي يتم استخدامه محليا، وبحد أقصى 4 مليارات دينار. هذه ببساطة جوانب المشروع المقترح فيما يتعلق بالاستقرار المالي، والمشروع بشكله الحالي ليس كافيا لإحداث الاستقرار المنشود، لسببين:
الأول هو أن الميزانية المدرجة للمشروع (حوالي 1.5 مليار دولار) غير كافية قياسا بحجم التزامات القطاع المالي الداخلية والخارجية وحجم الأصول المتعثرة والمضطربة في القطاع المالي.
الثاني أن القانون لم يشمل إجراءات كافية لتحفيز النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي في دولة الكويت.
نتائج قانون الاستقرار المالي إذن معروفة سلفا، وهي أنه سيكون بمثابة حقنة مسكنة للقطاع المالي في دولة الكويت، يتبعها حدوث استقرار مؤقت في أوضاع البورصة، بصفة خاصة بالنسبة لأداء القطاع المالي، أي بالنسبة لأسهم البنوك وشركات الاستثمار، أما بالنسبة لأسعار أسهم باقي القطاعات في البورصة فسوف تستمر في التراجع. لقد أثبتت تجارب الأزمة الحالية أن خطط الإنقاذ المالي ليست كافية للحد من تدهور أداء سوق المال. على سبيل المثال فان خطة بولسون في الولايات المتحدة بضخ 700 مليار دولار للإنقاذ المالي لم تحل دون تدهور أسواق المال في الولايات المتحدة، وبات من الواضح أن الاقتصاد في حاجة إلى خطة أضخم للتحفيز المالي. خطة أوباما المقترحة للتحفيز المالي سوف تكلف الميزانية ما يزيد عن 800 مليار دولار، تستخدم في صورة حزمة إجراءات في مجال الإنفاق العام في صورة استثمار في البنية التحتية، ومزايا ضريبية للأفراد ولقطاع الأعمال لوقف عمليات تسريح العمال وتشجيع مستويات استثمار قطاع الأعمال. ومن المؤكد أنه سوف يتم إقرار الخطة على الرغم من أنها سوف تؤدي إلى عجز في الميزانية يقدر بحوالي 2 تريليون دولار خلال العامين القادمين.
الخلاصة هي أن هناك اتفاق حاليا بين جميع المراقبين على أن خطط إنقاذ القطاع المالي ليست حلا للازمة الاقتصادية التي يواجهها العالم، وأن الأمر يحتاج إلى تحفيز مالي للاقتصاد المحلي، بمعنى أنه لا بد من استخدام مزيج من السياستين النقدية والمالية، لأن أداء القطاعات الاقتصادية في بورصة الأوراق المالية لا يعتمد على ضخ سيولة في القطاع المالي فقط، وإنما يعتمد على نتائج أداء القطاعات في الاقتصاد الحقيقي، ذلك أن أسعار الأسهم سوف تعتمد أساسا على حجم أعمال الشركات، ومعدلات أرباحها، ومستويات التوزيع للأرباح... الخ، وهي جميعها تعتمد على مستويات النشاط الاقتصادي المحلي الحقيقي.
للأسف جاء مشروع ميزانية 2009/2010 مخيبا للآمال في هذا الوقت بالذات، حيث انخفض الإنفاق الاستثماري في الباب الرابع من 1664.5 إلى 1220 مليون دينار، أي بنسبة 26.7%، وهو ما يمثل أكبر نسبة للخفض في جوانب الإنفاق العام في مشروع الميزانية. ويعني ذلك أن ميزانية الدولة في العام المقبل، وهو العام المتوقع ان تصل فيه الازمة الى أشدها، هي ميزانية انكماشية. بهذه الميزانية الانكماشية تسير الكويت في خط معاكس تماما للاتجاه العام في العالم اجمع، حيث تميل دول العالم حاليا المتقدمة والنامية إلى أن ترصد المزيد من الأموال لأغراض زيادة الإنفاق العام كتحفيز مالي للاقتصاد المحلي للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. لقد كان من المفترض أن تحمل ميزانية 2009/2010 أخبارا سارة للقطاع غير النفطي باعتماد ميزانية ضخمة للإنفاق الاستثماري على قائمة مشروعات الكويت الضخمة التي ما زالت حبيسة الأدراج حتى وقتنا هذا، وذلك باستخدام جانب من فوائض الكويت التي تحققت خلال فترة ارتفاع أسعار النفط. الوقت الحالي ليس وقتا للتقتير على الاقتصاد. اقتصاديات دورات الانكماش تقوم على مبدأ أساسي هو المزيد من الإنفاق، أي عكس ما نراه حاليا من تراجع المشاريع الضخمة لدولة الكويت واحدا تلو الآخر بين الإلغاء أو التأجيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق