نشر في جريدة الجريدة الكويتية
التنمية بدون الاعتماد على موارد النفط في الكويت، ليست حلما وإنما هي ضرورة ليس لنا فيها أي خيار، إذا أردنا أن يكون لنا مكان في عالم المستقبل مثلما هو الحال اليوم. لا يمكن لنا الاستمرار في المستقبل بمورد ناضب، سوف ينتهي يوما ما بعد، 20 عاما أو بعد 50 أو 100 عاما، الشيء الوحيد المؤكد أنه سوف ينتهي، والشيء المؤكد أيضا أنه سوف يأتي علينا هذا اليوم ونحن ننظر إلى موانئنا حيث كانت حاملات النفط تزرع المكان جيئة وذهابا لتأتي لنا بالدولارات السهلة، ولم يعد لها أي أثر، إما لانتهاء النفط، أو لعدم رغبة العالم في استهلاك النفط بسبب اكتشاف بديل للنفط أو لأي سبب آخر، إذا لم نكن مستعدين لهذا اليوم فسوف تكون تبعاته مأساوية علينا جميعا، ببساطة شديدة إنه سيكون بمثابة يوم القيامة بالنسبة لنا.
التنمية بدون الاعتماد على موارد النفط في الكويت، ليست حلما وإنما هي ضرورة ليس لنا فيها أي خيار، إذا أردنا أن يكون لنا مكان في عالم المستقبل مثلما هو الحال اليوم. لا يمكن لنا الاستمرار في المستقبل بمورد ناضب، سوف ينتهي يوما ما بعد، 20 عاما أو بعد 50 أو 100 عاما، الشيء الوحيد المؤكد أنه سوف ينتهي، والشيء المؤكد أيضا أنه سوف يأتي علينا هذا اليوم ونحن ننظر إلى موانئنا حيث كانت حاملات النفط تزرع المكان جيئة وذهابا لتأتي لنا بالدولارات السهلة، ولم يعد لها أي أثر، إما لانتهاء النفط، أو لعدم رغبة العالم في استهلاك النفط بسبب اكتشاف بديل للنفط أو لأي سبب آخر، إذا لم نكن مستعدين لهذا اليوم فسوف تكون تبعاته مأساوية علينا جميعا، ببساطة شديدة إنه سيكون بمثابة يوم القيامة بالنسبة لنا.
التنمية بدون الاعتماد على النفط ليست خيارا أو حلما، إنها قدرنا الذي لا بد أن نتعامل معه كما هو بكل معطياته وتبعياته، وأن نبذل كل ما أوتينا من جهد للخلاص من قيد المورد الطبيعي الذي يكبل انطلاقنا بعيدا عنه. لسوء الحظ، وحتى هذه اللحظة كانت حياتنا سهلة ومريحة، كل ما نفعله هو استخراج النفط من باطن الأرض والحصول على المقابل ليتفتق أذهان الكثير منا حول سبل إنفاق المقابل الذي نحصل عليه من النفط دون أن نستثمر في قدراتنا على الاستمرار في المستقبل.
مشكلة النفط أنه علمنا ثقافة الاستهلاك المرتفع وأفقدنا ثقافة الادخار والاستعداد للمستقبل، فبالنسبة للكثير من الناس قد يبرز هذا السؤال "لماذا ندخر ونحرم أنفسنا من متاع الدنيا، والنفط مخزون في باطن الأرض سوف يأتينا غدا وبعد غد بما نحتاج إليه من موارد؟"، إنها النظرة الغير رشيدة التي أفقدتنا مواردنا التي أتيحت لنا وحولت عوائد النفط إلى مساكن فاخرة وسيارات فارهة وسلع للاستهلاك الترفي، وهو أسوأ ما يمكن ان نوجه إليه عوائدنا النفطية. لسوء الحظ أنه لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو لأن الزمن سوف يقهرنا يوما ما، من المؤكد أن ذلك اليوم ليس الآن، أو في المستقبل المنظور خلال العشرين عاما القادمة مثلا، ولكن هذا اليوم آت لا محالة في نقطة زمنية ما في المستقبل، وأننا سوف نعيش هذا اليوم، أو سوف يعيشه أبناءنا فماذا فعلنا لاستقبال هذا اليوم، أي اليوم الذي تنفد فيه موارد النفط أو الذي يستغني فيه العالم عن النفط؟، واقع الحال يشير إلى أننا لم نفعل شيء، نحن نعيش حالة من الاسترخاء المؤقت اعتمادا على هذا المورد الناضب.
الاستغناء التدريجي عن النفط ليس خيارا إذن وإنما هو ضرورة حتمية للكويت ليس هناك أي بديل لها إذا أردنا أن يكون لنا وجود وكيان في المستقبل، والتحديات التي تواجهنا في هذا المجال عظيمة جدا، ويجب أن نكون على نفس القدر من المسئولية في مواجهة تلك التحديات. نحن في حاجة إلى استثمار كل فلس يأتي به النفط لكي نرسي أساسا قويا لاقتصاد تنافسي يمكن أن يشق طريقه بسهولة بعيدا عن هذا المورد الناضب، لا أن نوجه هذا الإيراد العظيم نحو المنح والرواتب والكوادر الخاصة جدا ودفع الديون عن الناس ودعم من لا يستحق. نحن في حاجة إلى استخدام هذا الإيراد في تهيئة مواردنا البشرية وتعليمها على أعلى مستوى حتى نتحول إلى اقتصاد مبتكر يملك ميزة التنوع والمنافسة، نحن في حاجة إلى استثمار مكثف جدا في بناء ميزة تنافسية مكتسبة في الكثير من السلع والخدمات التي سنعمل بشق الأنفس على أن نكتسب فيها الميزة لنواجه بها المستقبل، نحن في حاجة إلى بنى تحتية كفؤة وفعالة تسهل لنا تحقيق هذا الحلم، نحن في حاجة إلى تغيير ثقافتنا الاستهلاكية وحلم الوظيفة الحكومية السهلة وميزة الحياة الهادئة، نحن في حاجة إلى تغيير نظرتنا إلى العمل المنتج، أيا كانت طبيعته، فهو شرف لنا نمارسه بجد وكد لكي نكسب قوتنا بقوة يميننا، لا بما تمنه به الأرض علينا، نحن في حاجة إلى أن نتحول إلى ما يشبه خلية النحل لكل منا دور يؤديه لكي نضمن تنويع مواردنا بعيدا عن النفط الناضب، نحن في حاجة إلى خطط تنموية جادة علمية وعملية ترسم لنا خارطة طريق محددة اليوم وغدا وفي الأمد البعيد لكيفية الانفكاك من أوضاعنا الحالية وسيناريوهات تحقيق ذلك ومتطلباته، ونستثمر في برامجها كل ما أوتينا من مال وجهد.
لحسن الحظ أننا نمتلك الموارد المادية التي إذا ما أحسن توجيهها سوف تمكننا من تحقيق ذلك. إن النفط يعطينا فرصة استثنائية وميزة لا تملكها كل الدول النامية في العالم، لكي نطور من قدراتنا بشكل علمي، كل ما نحتاج إليه هو أن نكون رؤية واضحة حول دورنا في المستقبل، نؤمن بها ونسعى جاهدين لتحقيقها، وأن نكون على مستوى الحدث لنواجه تحديات المستقبل. باختصار ليس لدينا أي خيار، نحن في حاجة إلى تنويع طاقاتنا الإنتاجية بعيدا عن النفط لكي نضمن الاستمرار في المستقبل بنفس مستوى الرفاهية التي نعيشها اليوم وأكثر، وإلا فان هناك يوما أسودا ينتظرنا، والمستقبل يحمل أخبارا غير سارة تماما بالنسبة لنا أو لأجيالنا القادمة، والذين سوف يلعنوننا بكل ما أوتوا من قوة لأننا كنا أنانيين ولم نكن على مستوى المسئولية التي يفترض أن يضطلع بها الآباء، كنا ننظر تحت أقدامنا فقط، وكان محور اهتمامنا هو نوع السيارة وماركة الساعة ودولة السفر، وهي اهتمامات أفضل ما يمكن ان توصف به أنها تافهة. وأخيرا هل حلم التنمية بدون النفط ممكنا؟ نعم إنه ممكن وليس مستحيلا كما يتصور البعض، وعلينا أن ننظر إلى تجارب الآخرين من حولنا والذين تحولوا من دول فقيرة في الموارد إلى دول غنية جدا بقدراتها التنافسية وإبداعاتها التقنية، بقيمة العمل والإيمان به حقق الكثير من دول العالم المعجزات وصاروا موضع إعجاب العالم بأسرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق