منذ 3 أسابيع أصدرت مؤسسة CMA، وهي مؤسسة متخصصة في المعلومات عن الائتمان في العالم تقريرها الفصلي عن مخاطر الديون السيادية في العالم بعنوان " CMA Global Sovereign Credit Risk Report, 1st Quarter, 2010 "، وقد عرض التقرير ترتيبا لأخطر الديون السيادية في العالم، وأكثر الديون السيادية في العالم أمانا، ويوضح الجدول رقم (1) الترتيب المبدئي الذي أعدته المؤسسة عن أخطر الديون السيادية في العالم في الربع الأول من هذا العام، واتجاهات تطور هذه الديون، والاحتمال التراكمي للتوقف عن السداد، ومن ثم تصنيف CMA الضمني لتلك الدول. ويقصد بالاحتمال التراكمي للتوقف عن السداد Cumulative Probability of Default (CPD) احتمال إلا تتمكن دولة ما من الوفاء بالتزاماتها خلال فترة زمنية محددة (5 سنوات).
ويوضح الجدول رقم (1) ترتيب دول العالم صاحبة أخطر الديون السيادية، ومن الجدول يلاحظ أنه مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي 2009، استمرت الديون السيادية لفنزويلا تحتل قائمة أكثر الديون السيادية في العام خطورة، ولم يتغير ترتيب دبي أيضا باعتبارها صاحبة سادس أخطر دين سيادي في العالم. بينما انخفض ترتيب الأرجنتين بدرجة واحدة حيث احتلت المركز الثاني عالميا، بعد أن كانت في المركز الثالث، وانخفض ترتيب اليونان بدرجة واحدة إلى تاسع أخطر ديون سيادية في العالم. في الوقت الذي تحسنت فيه درجة خطورة كل من الديون السيادية لأوكرانيا (درجة)، وآيسلاندا (درجتين) ولاتفيا (درجة). وقد أدرج هذا التقرير ثلاثة دول إلى قائمة الدول صاحبة الديون السيادية الأخطر في العالم وهم باكستان في المركز الثالث، والعراق في المركز الخامس، ومصر في المركز العاشر، وهي أخبار جديدة تماما عن الدين السيادي المصري. ومقارنة بالتقرير الماضي فإن ثلاثة دول خرجت من قائمة الدول صاحبة أخطر الديون السيادية في العالم وهي ليثوانيا، ولبنان ورومانيا.
احتلال اليونان المركز التاسع بين الدول صاحبة أكثر الديون السيادية خطورة لا يعكس الوضع الحقيقي لليونان حاليا، كما أن ارتفاع احتمال إفلاس اليونان لم يؤد إلى التأثير على ترتيب الدول المشتركة معها في اليورو، غير أن التحديث الذي أصدرته CMA أمس 29 أبريل أعاد ترتيب دول العالم صاحبة الديون الأكثر خطورة بشكل جوهري كما يتضح من الجدول رقم (2)، وعكس بالفعل الوضع الحرج للدين السيادي اليوناني ووفقا للجدول التالي، تدهور ترتيب اليونان بست درجات من الترتيب التاسع إلى الترتيب الثالث، ودخلت البرتغال قائمة الدول صاحبة أكثر الديون خطورة لتحتل الترتيب الثامن، بينما خرجت مصر من القائمة.
من ناحية أخرى أصدرت مجلة الأكونوميست أول أمس (28 أكتوبر 2010) تحديثا عن موقف الديون السيادية لليونان، حسب ما يوضحه الشكل رقم (1)، وتذكر الأكونوميست أن وكالة ستاندارد أند بور تصنف الآن السندات اليونانية على أنها سندات خردة Junk bonds، وذلك نتيجة للمخاوف المتزايدة من احتمال تأخر حصولها على المساعدات اللازمة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمواجهة أزمة السيولة الحادة التي تواجهها. المشكلة هي انه عندما تحدث أزمة ديون سيادية في منطقة ما فإن اثر الأزمة ينتشر بين الدول المجاورة أو الدول ذات التعرض المالي القوي لتلك الدولة، ومن الشكل يلاحظ أنه بالإضافة إلى اليونان أصبحت تصنف الديون السيادية لكل من البرتغال واسبانيا وايرلندا وايطاليا على أنها من الديون الخطرة، وكما يتضح من الشكل فان هامش معدل الفائدة بين سندات الدين الألماني وسندات ديون تلك الدول آخذ في التزايد، مما يعكس اتساع درجة المخاطرة، وهو أوضح ما يكون في حالة اليونان.
الشكل رقم (1) هامش معدل الفائدة بين ديون بعض الدول الأوروبية والسندات الألمانية
ووفقا لـ CMA وحسبما يوضح الجدول رقم (3) فإن أفضل الديون السيادية من حيث درجة الأمان تتركز في شمال وغرب أوروبا، ومقارنة بالتقرير السابق، فقد خرجت فرنسا وبلجيكا من قائمة الدول صاحبة أكثر الديون السيادية أمانا في العالم، وتم استبدالهما بالسويد وهونج كونج، بينما تدهور ترتيب كل من ألمانيا وهولندا بدرجة، في الوقت الذي تدهور فيه ترتيب الولايات المتحدة 3 درجات، بعد أن كانت صاحبة المركز السابع من حيث أكثر الديون السيادية أمانا في العالم.
استمرار بقاء الولايات المتحدة في قائمة الدول صاحبة أكثر الديون أمانا في العالم هو رد على المتشككين في قدرة أمريكا على خدمة ديونها والذين يتوقعون أن الدولار سوف ينهار بسبب مشكلة الديون الأمريكية، الذين يعتقدون أن الدولار سوف ينهار بسبب الدين الأمريكي يجهلون حقيقة أن هذا الدين مقوم أساسا بالعملة الأمريكية، ومن ثم فإنه ليس هناك أدنى احتمال لإفلاس أمريكا نتيجة عدم قدرتها على خدمة هذا الدين، تلك هي مشكلة الدول الأخرى وليس مشكلة أمريكا، ببساطة لأن خدمة الدين الأمريكي في حالة تدهور الأوضاع في الولايات المتحدة سوف تتطلب فقط قيام الولايات المتحدة بطبع المزيد من الدولارات ومن ثم تحمل بعض التضخم في سبيل استيفاء احتياجات خدمة الدين السيادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق