عندما اندلعت ثورة تونس واعقبها ثورة مصر، وانتشرت عدوى الربيع العربي في عدة دول في المنطقة العربية، كتبت هذا المقال الذي نشر في القبس http://economyofkuwait.blogspot.com/2011/02/23-23-18.html بعنوان على من سيأتي الدور في العالم العربي، حاولت فيه ان اقدم ترتيبا للنظم التي تقوم فيها الثورات، وهي بشكل اساسي الجزائر وليبيا واليمن والاردن والبحرين والمغرب، ولم تكن الثورة قد اندلعت في سوريا، استنادا الى ما تنشره الأكونوميست عن مؤشرات اقتصادية عن هذه الدول، بصفة اساسية عدد السكان، ونسبة السكان الاقل من 25 عاما (وقود الثورة)، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل، وترتيب الدولة في الفساد، وترتيب الدولة في الديمقراطية، وحرية الصحافة، ومؤشر الاستقرار السياسي.
وأشرت الى أنه يمكن الاسترشاد بالمتغيرات السابقة في رسم صورة، ولو أولية، عن ترتيب احتمالات سقوط النظم في هذه الدول، فنسبة السكان الأقل من 25 عاما إلى إجمالي عدد السكان تعطي خلفية عن مخزون عناصر الثورة في الدولة، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج (باستخدام مدخل تعادل القوة الشرائية) يعبر عن حجم الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها السكان، حيث لعب العامل الاقتصادي دورا كبيرا في ثورتي مصر وتونس، أما مؤشرات الترتيب العالمي في مجال الديمقراطية والفساد وحرية الصحافة فتعطي خلفية عن طبيعة البيئة التي يعيش فيها الناس ومدى القهر الذي يتعرضون له، وأخيرا مؤشر عدم الاستقرار الذي يوضح مدى هشاشة النظام.
تحليل هذه البيانات يوحي بأنه من المفترض أن يسقط النظام اليمني أولا، حيث أنه الأكثر عرضة وفقا لهذه المؤشرات، يليه النظام الليبي ثم النظام في الجزائر في النهاية. غير أنه لا يمكن التكهن بما سوف يحدث على أرض الواقع، حيث سيعتمد مسار الأحداث في تلك الدول على عدة عوامل أهمها أسلوب مقاومة السلطات للثوار فيها (كلما ازدادت حدة مقاومة السلطات للثوار كلما ازداد احتمال سقوط النظام)، ودرجة القمع التي سيتعرض لها الثوار (كلما ازدادت درجة القمع كلما ساعد ذلك على سرعة سقوط النظام)، ودرجة ذكاء الحكومات في التعامل مع المطالب الجماهيرية (كلما ارتفعت درجة ذكاء الحكومات في التعامل مع المطالب الجماهيرية كلما قل احتمال سقوط النظام)، والأهم من ذلك كله، مدى إصرار الثوار على التغيير (كلما ازدادت درجة إصرار الثوار على إسقاط النظام كلما ازدادت احتمالات سقوطه).
تحليل هذه البيانات يوحي بأنه من المفترض أن يسقط النظام اليمني أولا، حيث أنه الأكثر عرضة وفقا لهذه المؤشرات، يليه النظام الليبي ثم النظام في الجزائر في النهاية. غير أنه لا يمكن التكهن بما سوف يحدث على أرض الواقع، حيث سيعتمد مسار الأحداث في تلك الدول على عدة عوامل أهمها أسلوب مقاومة السلطات للثوار فيها (كلما ازدادت حدة مقاومة السلطات للثوار كلما ازداد احتمال سقوط النظام)، ودرجة القمع التي سيتعرض لها الثوار (كلما ازدادت درجة القمع كلما ساعد ذلك على سرعة سقوط النظام)، ودرجة ذكاء الحكومات في التعامل مع المطالب الجماهيرية (كلما ارتفعت درجة ذكاء الحكومات في التعامل مع المطالب الجماهيرية كلما قل احتمال سقوط النظام)، والأهم من ذلك كله، مدى إصرار الثوار على التغيير (كلما ازدادت درجة إصرار الثوار على إسقاط النظام كلما ازدادت احتمالات سقوطه).
وبناء على المؤشرات توقعت ان تسقط اليمن أولا يليها ليبيا ثم الجزائر. الأوضاع في الجزائر استقرت بشكل كبير، وخرجت بالتالي من قائمة الدول التي تواجه اضطرابات يمكن ان تهدد النظام، على الأقل في الوقت الحالي، ودخلت سوريا قائمة الدول المضطربة والأوضاع تسير فيها على نحو سيئ جدا، ونفس القصة تتكرر، النظام يعتبر نفسه مختلفا عن الحالات الاخرى وانه قادر على التعامل مع الأوضاع بدون أن يعطي الحق لشعبه في ان يختار من يقوده.
أمس الاثنين 21/8/2011 كان يوما تاريخيا في العالم العربي، حيث انتهت المسرحية السخيفة وسقط اسخف نظام كان يحكم دولة في العالم العربي. وأخيرا سقط النظام، الحمد لله والشكر لله الذي انقذ اخواننا في ليبيا من هذا المعتوه بعد أن حكمها هذا المعقد نفسيا لمدة 42 عاما طويلة مرت ثقيلة ثقل الدهر عليهم. فهناك اجيال تعيش الآن في ليبيا لم تر غير هذا المعتوه رئيسا لهم للأسف الشديد. أخيرا هب الشعب الليبي لكي يحرر ليبيا زنقة زنقة، دار دار من فلول هذا المعتوه.
لقد فرض هذا المعتوه على الشعب الليبي نظما لم تراها دولة اخرى في العالم واصر على الا يكون هناك مؤسسات للدولة ونظام مثل ذلك الذي تتبناه كل دول العالم، وحرص على ان يضم اسم دولته الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي وهو اطول اسم لدولة في العالم، كما حرص على ان يضم هذا الاسم العظمى لتكون بذلك ليبيا هي ثاني دولة تحمل هذا الاسم بصورة رسمية بعد بريطانيا العظمى، وذلك لأسباب في نفسه المعقدة.
اصر المعتوه على أن تظل جميع الخيوط في يده بعد ان تخلص من زملاءه الذين قاموا بانقلابه المشئوم، ليستأثر بثروة ليبيا في يده ينثرها هنا وهناك وبأسلوب يعبر عن شخصية المعتوه بامتياز، مثل تمويل المنظمات الارهابية وتدبير الاعمال التخريبية وقتل المعارضين له في الداخل والخارج وانتاج قنابل نووية والدفع لمن يهللون له والدفع لملوك افريقيا لكي يعلنوه ملكا عليهم.... الخ، والشعب الليبي لا يملك ان يفعل شيئا للجم جماح هذا السفيه. طوال الـ 42 عاما عاش هذا الرجل يتحدث لنفسه وللعالم من حوله من خلال شريط احلام اليقظة الذي لا يمر الا أمام عينه فقط.
تحديات ليبيا بعد المعتوه ضخمة جدا جدا، فمن الممكن ان تتحول ليبيا الى جوهرة افريقيا اذا ما استقرت الاوضاع وتم توجيه ثروات الشعب لمصلحته وفي مستقبله ومستقبل اجياله، ومن الممكن ان تسير الأمور على نحو أسوأ اذا وتتحول ليبيا (لا قدر الله) نحو فوضى عارمة عندما يبدأ كل طرف في المطالبة بنصيبه، أو عندما تحدث حربا أهلية، خصوصا في ظل التركيبة القبلية المعقدة في ليبيا.
أدعو الله الا تحدث أي من هذه السيناريوهات وان يجلس عقلاء ليبيا للنظر في مستقبلها، فليبيا تملك امكانيات ضخمة لو تم توجيهها على النحو الصحيح فسوف تحول ليبيا الى دولة حديثة، وهذا ما اتمناه لليبيا، فالليبيين شعب طيب جدا، ويستحق كل الخير.
والآن أعود الى نفس السؤال الذي سألته في مقالي السابق اعلاه. على من سيأتي الدور في العالم العربي؟ نظام من سيسقط اولا؟ سوريا أم اليمن؟. لن اخوض في هذا الحديث لأنه من الواضح ان الاقتصاديين لا يجيدون التنبؤ، على الرغم من اننا نحاول استخدام النماذج والمؤشرات المختلفة في سبيل ذلك. إذ يظل المستقبل وما سيحدث فيه بيد الله سبحانه وتعالى.
إذا كان تنبؤ الإقتصاديين لم يصيب فكان المفروض أن يصيب تنبؤ السياسيين حول الثورات العربية و مع ذلك لم يتنبأ بها سياسي.
ردحذفشكرا مساعد
ردحذفلقد كان اختبارا للمؤشرات الاقتصادية لمعرفة مدى تحولها الى واقع من الناحية السياسية، ولكنها لم تتحول على النحو الذي يجب ان يكون من الناحية الاقتصادية
العقيد معمر القذافي قائد عظيم،سياسي ومفكر من الدرجة الاولى،وما هذه الحملة الصليبية الشرسه لاسقاطه الا لوأد مشروعه العظيم باعتماد الدينار الذهبي كعملة للتداول
ردحذفمن يفكر في اعتماد الدينار الذهبي كعملة للتداول شخص لا يفهم أ ب الاقتصاد
ردحذف