ألقت جانيت يلين الرئيس الجديد للاحتياطي الفيدرالي خطابا مهما أمام مؤتمر إعادة الاستثمار الذي عقد في شيكاغو يوم 31 آذار (مارس) الماضي، حيث نبهت إلى أهم خصائص سوق العمل الأمريكي في الوقت الحالي، ومبررات عدم تحسن معدلات البطالة، والدور المرتقب للاحتياطي الفيدرالي للتعامل مع هذه القضية، وأنه رغم كل الجهود التي بذلها الاحتياطي الفيدرالي فما زال هناك هدفان أساسيان بعيدي المنال وهما تعظيم معدلات التوظف في الاقتصاد الأمريكي، والحفاظ على معدل مناسب للتضخم.
تحدثت يلين في البداية عن الدور الذي لعبه الاحتياطي الفيدرالي في مساعدة الاقتصاد الأمريكي على مواجهة نتائج الأزمة المالية، وعلى التعافي من الكساد العظيم الذي حل به في أعقاب الأزمة لضمان حد أدنى من معدلات النمو من خلال خفض معدلات الفائدة لضمان سهولة الحصول على التمويل اللازم لشراء المساكن، ومساعدة مؤسسات الأعمال على التوسع في الاستثمار بتكلفة اقتراض أرخص، ولمساعدة المستهلكين على تمويل شراء سياراتهم بتكلفة أقل لمساعدة صناعة السيارات في أمريكا... إلخ، وذلك بهدف مساعدة سوق العمل على فتح فرص عمل كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من العاطلين.
وعلى الرغم من أن أي رئيس للاحتياطي الفيدرالي سيستخدم إحصاءات تراجع البطالة من أكثر من 10 في المائة في 2009 "التعريف 3 لمعدل البطالة" إلى 6.7 في المائة حاليا، في التأكيد على أن السياسات النقدية هي المسؤولة عن هذا التراجع، وأن الـ 7.5 مليون وظيفة التي تم فتحها في سوق العمل هي نتاج السياسات التوسعية التي انتهجها، وذلك تنفيذا لالتزامه أمام الكونجرس برفع معدلات التوظف لضمان الحفاظ على مستويات رفاهية الشعب الأمريكي، إلا أن يلين تناولت واقع سوق العمل بشجاعة مؤكدة أنه لم يستعد حتى اليوم أوضاعه الطبيعية، وأن غالبية الأمريكيين ينظرون حاليا إلى التعافي الذي يحققه الاقتصاد الأمريكي على أنه لا يختلف عن حالة الكساد التي عاشوها منذ بداية الأزمة، وذلك نتيجة لضعف استفادتهم من هذا التعافي في مستويات النشاط الاقتصادي.
إن أسوأ الخصائص الحالية لسوق العمل الأمريكي في الوقت الحالي هي ارتفاع أعداد العاطلين المصنفين ضمن قائمة البطالة طويل الأجل "أكثر من 26 أسبوعا"، فلم يسجل التاريخ الأمريكي أعداد العاطلين الذين يعانون البطالة طويلة الأجل مثل تلك التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي، وأن هؤلاء لا يستفيدون من التعافي الاقتصادي الحالي، حيث إن الوظائف الجديدة التي يتم فتحها تحجب عن هؤلاء، نظرا لأن مؤسسات الأعمال لا توظف العاطلين الذين قضوا وقتا طويلا في حالة بطالة، الأمر الذي يؤدي الى زيادة المعاناة لهذه الفئة من العاطلين.
تلفت يلين الانتباه إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتغير على نحو سريع، إلى حد أن العمال الذين يبحثون عن العمل لا تتوافر لديهم المهارات التي يحتاج إليها أصحاب العمل، وبمعنى آخر فإن جانبا من البطالة التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي يصنف ضمن البطالة الهيكلية، وهي نوع من البطالة يصعب إيجاد حل له، لأنها تعني وجود عاطلين لديهم مهارات لم يعد يطلبها سوق العمل، أو أن سوق العمل يطلب مهارات لا تتوافر لديهم، بسبب سرعة التغير في هيكلة الاقتصاد، حيث تواجه أمريكا في الوقت الحالي تحديات كبيرة متصلة بقدرة النظام التعليمي على إعداد الطلاب لمتطلبات المنافسة في ظل اقتصاد عولمي، وأن معالجة مثل هذا النوع من البطالة تقتضي أن يكون نظام التعليم قادرا على تخريج المهارات التي يحتاج إليها سوق العمل، وهو أمر مكلف ويحتاج الى وقت، الأمر الذي يجعل مشكلة البطالة أعقد من مجرد عدم توافر وظائف.
الرسالة التي تريد يلين إيصالها ببساطة هي أن طبيعة البطالة التي يواجهها الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي أكثر تعقيدا من تلك التي غالبا ما يعهد الكونجرس إليه باستهدافها من خلال أدوات السياسة النقدية التوسعية، حيث لا يملك الأدوات المناسبة للتعامل مع بعض أشكال البطالة الحالية، فإذا كانت البطالة معظمها هيكلي، فإن ارتفاع معدل البطالة يعكس حقيقة أن العمال يفتقدون مؤهلات أداء الوظائف، وليس لأن الطلب الكلي في الاقتصاد أقل من المستويات التي تؤمن الحد الأدنى لخلق وظائف تستوعب الباحثين عن العمل، وبالتالي فإن التحفيز النقدي للاقتصاد في ظل هذه الظروف سيحمل مخاطر تضخمية. وتؤكد يلين أنها ستعمل في الفترة القادمة على تقييم المدى الذي تنتشر فيه البطالة الهيكلية في سوق العمل الأمريكي، ومن ثم صياغة قرارات السياسة النقدية على هذا الأساس، حتى لا تخاطر بتغذية الضغوط التضخمية من استمرار السياسات التوسعية دون فعالية.
غير أن يلين تؤكد أنه ما زال هناك ما ينبغي أن يقوم به الاحتياطي الفيدرالي لتحسين أوضاع سوق العمل لعدة أسباب، الأول هو أن بيانات سوق العمل تشير إلى أن هناك نحو سبعة ملايين مليون عامل يعملون لبعض الوقت Part time، ولديهم رغبة في العمل كل الوقت، ولكن الأوضاع لا تسمح لهم بذلك، مما يعني أن اوضاع سوق العمل اسوأ بكثير مما يوحي به معدل البطالة الحالي عن 6.7 في المائة.
السبب الثاني هو أن الأجور لم ترتفع كما ينبغي مع انخفاض معدلات البطالة، حيث يميل العمال في أوقات الكساد إلى عدم طلب زيادات في الرواتب مع ارتفاع الطلب عليهم، الأمر الذي يعني أنه ما زال هناك ما يمكن عمله من جانب الاحتياطي الفيدرالي للتخفيف من حدة البطالة في الاقتصاد الأمريكي.
السبب الثالث هو ارتفاع نسبة العمال في حالة البطالة طويلة الأجل، والذين غالبا ما يتركون قوة العمل نتيجة الشعور بالإحباط لعدم الحصول على فرصة عمل، تقول يلين أن الإحصاءات تشير إلى أن هؤلاء لديهم خصائص العاطلين نفسهم الذين يقضون وقتا اقصر للحصول على العمل، أي أن العيب الأساسي فيهم هو أنهم فقط قضوا وقتا أطول من اللازم في سوق العمل في حالة بطالة، لأن سوق العمل لا يقدم فرص عمل كافية.
وأخيرا فإن تراجع نسبة مساهمة العمال بعد الكساد العظيم، من 66 في المائة في 2007 إلى 63 في المائة حاليا يعود إلى لخروج أعداد كبيرة من العمال من سوق العمل بعد فشلهم في الحصول على فرصة عمل، وهو ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي ما زال أمامه الكثير لكي يفعله لتحسين ظروف سوق العمل على نحو أفضل.
باختصار لقد حللت يلين أوضاع سوق العمل الأمريكي بشكل دقيق وأكدت على أن التطورات الحالية في السياسة النقدية لا تعني تحلل الاحتياطي الفيدرالي من التزاماته نحو متابعة أوضاع سوق العمل على نحو لصيق ومن ثم اتخاذ ما يلزم لتحسين أوضاعه.
تحدثت يلين في البداية عن الدور الذي لعبه الاحتياطي الفيدرالي في مساعدة الاقتصاد الأمريكي على مواجهة نتائج الأزمة المالية، وعلى التعافي من الكساد العظيم الذي حل به في أعقاب الأزمة لضمان حد أدنى من معدلات النمو من خلال خفض معدلات الفائدة لضمان سهولة الحصول على التمويل اللازم لشراء المساكن، ومساعدة مؤسسات الأعمال على التوسع في الاستثمار بتكلفة اقتراض أرخص، ولمساعدة المستهلكين على تمويل شراء سياراتهم بتكلفة أقل لمساعدة صناعة السيارات في أمريكا... إلخ، وذلك بهدف مساعدة سوق العمل على فتح فرص عمل كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من العاطلين.
وعلى الرغم من أن أي رئيس للاحتياطي الفيدرالي سيستخدم إحصاءات تراجع البطالة من أكثر من 10 في المائة في 2009 "التعريف 3 لمعدل البطالة" إلى 6.7 في المائة حاليا، في التأكيد على أن السياسات النقدية هي المسؤولة عن هذا التراجع، وأن الـ 7.5 مليون وظيفة التي تم فتحها في سوق العمل هي نتاج السياسات التوسعية التي انتهجها، وذلك تنفيذا لالتزامه أمام الكونجرس برفع معدلات التوظف لضمان الحفاظ على مستويات رفاهية الشعب الأمريكي، إلا أن يلين تناولت واقع سوق العمل بشجاعة مؤكدة أنه لم يستعد حتى اليوم أوضاعه الطبيعية، وأن غالبية الأمريكيين ينظرون حاليا إلى التعافي الذي يحققه الاقتصاد الأمريكي على أنه لا يختلف عن حالة الكساد التي عاشوها منذ بداية الأزمة، وذلك نتيجة لضعف استفادتهم من هذا التعافي في مستويات النشاط الاقتصادي.
إن أسوأ الخصائص الحالية لسوق العمل الأمريكي في الوقت الحالي هي ارتفاع أعداد العاطلين المصنفين ضمن قائمة البطالة طويل الأجل "أكثر من 26 أسبوعا"، فلم يسجل التاريخ الأمريكي أعداد العاطلين الذين يعانون البطالة طويلة الأجل مثل تلك التي يواجهها الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي، وأن هؤلاء لا يستفيدون من التعافي الاقتصادي الحالي، حيث إن الوظائف الجديدة التي يتم فتحها تحجب عن هؤلاء، نظرا لأن مؤسسات الأعمال لا توظف العاطلين الذين قضوا وقتا طويلا في حالة بطالة، الأمر الذي يؤدي الى زيادة المعاناة لهذه الفئة من العاطلين.
تلفت يلين الانتباه إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتغير على نحو سريع، إلى حد أن العمال الذين يبحثون عن العمل لا تتوافر لديهم المهارات التي يحتاج إليها أصحاب العمل، وبمعنى آخر فإن جانبا من البطالة التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي في الوقت الحالي يصنف ضمن البطالة الهيكلية، وهي نوع من البطالة يصعب إيجاد حل له، لأنها تعني وجود عاطلين لديهم مهارات لم يعد يطلبها سوق العمل، أو أن سوق العمل يطلب مهارات لا تتوافر لديهم، بسبب سرعة التغير في هيكلة الاقتصاد، حيث تواجه أمريكا في الوقت الحالي تحديات كبيرة متصلة بقدرة النظام التعليمي على إعداد الطلاب لمتطلبات المنافسة في ظل اقتصاد عولمي، وأن معالجة مثل هذا النوع من البطالة تقتضي أن يكون نظام التعليم قادرا على تخريج المهارات التي يحتاج إليها سوق العمل، وهو أمر مكلف ويحتاج الى وقت، الأمر الذي يجعل مشكلة البطالة أعقد من مجرد عدم توافر وظائف.
الرسالة التي تريد يلين إيصالها ببساطة هي أن طبيعة البطالة التي يواجهها الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي أكثر تعقيدا من تلك التي غالبا ما يعهد الكونجرس إليه باستهدافها من خلال أدوات السياسة النقدية التوسعية، حيث لا يملك الأدوات المناسبة للتعامل مع بعض أشكال البطالة الحالية، فإذا كانت البطالة معظمها هيكلي، فإن ارتفاع معدل البطالة يعكس حقيقة أن العمال يفتقدون مؤهلات أداء الوظائف، وليس لأن الطلب الكلي في الاقتصاد أقل من المستويات التي تؤمن الحد الأدنى لخلق وظائف تستوعب الباحثين عن العمل، وبالتالي فإن التحفيز النقدي للاقتصاد في ظل هذه الظروف سيحمل مخاطر تضخمية. وتؤكد يلين أنها ستعمل في الفترة القادمة على تقييم المدى الذي تنتشر فيه البطالة الهيكلية في سوق العمل الأمريكي، ومن ثم صياغة قرارات السياسة النقدية على هذا الأساس، حتى لا تخاطر بتغذية الضغوط التضخمية من استمرار السياسات التوسعية دون فعالية.
غير أن يلين تؤكد أنه ما زال هناك ما ينبغي أن يقوم به الاحتياطي الفيدرالي لتحسين أوضاع سوق العمل لعدة أسباب، الأول هو أن بيانات سوق العمل تشير إلى أن هناك نحو سبعة ملايين مليون عامل يعملون لبعض الوقت Part time، ولديهم رغبة في العمل كل الوقت، ولكن الأوضاع لا تسمح لهم بذلك، مما يعني أن اوضاع سوق العمل اسوأ بكثير مما يوحي به معدل البطالة الحالي عن 6.7 في المائة.
السبب الثاني هو أن الأجور لم ترتفع كما ينبغي مع انخفاض معدلات البطالة، حيث يميل العمال في أوقات الكساد إلى عدم طلب زيادات في الرواتب مع ارتفاع الطلب عليهم، الأمر الذي يعني أنه ما زال هناك ما يمكن عمله من جانب الاحتياطي الفيدرالي للتخفيف من حدة البطالة في الاقتصاد الأمريكي.
السبب الثالث هو ارتفاع نسبة العمال في حالة البطالة طويلة الأجل، والذين غالبا ما يتركون قوة العمل نتيجة الشعور بالإحباط لعدم الحصول على فرصة عمل، تقول يلين أن الإحصاءات تشير إلى أن هؤلاء لديهم خصائص العاطلين نفسهم الذين يقضون وقتا اقصر للحصول على العمل، أي أن العيب الأساسي فيهم هو أنهم فقط قضوا وقتا أطول من اللازم في سوق العمل في حالة بطالة، لأن سوق العمل لا يقدم فرص عمل كافية.
وأخيرا فإن تراجع نسبة مساهمة العمال بعد الكساد العظيم، من 66 في المائة في 2007 إلى 63 في المائة حاليا يعود إلى لخروج أعداد كبيرة من العمال من سوق العمل بعد فشلهم في الحصول على فرصة عمل، وهو ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي ما زال أمامه الكثير لكي يفعله لتحسين ظروف سوق العمل على نحو أفضل.
باختصار لقد حللت يلين أوضاع سوق العمل الأمريكي بشكل دقيق وأكدت على أن التطورات الحالية في السياسة النقدية لا تعني تحلل الاحتياطي الفيدرالي من التزاماته نحو متابعة أوضاع سوق العمل على نحو لصيق ومن ثم اتخاذ ما يلزم لتحسين أوضاعه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق