نشر في القبس بتاريخ الخميس 8/1/2009
أعلن البنك المركزي الياباني أنه سوف يعود مرة أخرى لسياسات معدل الفائدة الصفري التي اتبعها في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وذلك بتخفيض معدل الفائدة إلى 0.01%، أي حوالي صفر%، وكان الاحتياطي الفدرالي قد أعلن في 16 ديسمبر الماضي أن معدل الفائدة المستهدف هو ما بين 0.0% إلى 0.25%، وأنه لا حدود لتخفيض معدل الفائدة في الولايات المتحدة، أي أن معدل الفائدة من الممكن إن يصل إلى أرضيته الصفرية. وقد جاء هذا الإعلان كرد فعل للتطورات الاقتصادية والمؤشرات السيئة التي كشف عنها سوق العمل في صورة ارتفاع لمعدلات البطالة، وانخفاض استثمار قطاع الأعمال و كذلك انخفاض الإنتاج الصناعي، ومن ثم فإن كافة المؤشرات التي تشير إلى تراجع الأداء الاقتصادي الأمريكي، وهو ما يعني أن القطار قد وصل بالفعل إلى محطة الكساد.
انخفاض معدلات الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر أصبح اليوم ظاهرة عالمية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. إن انخفاض معدلات الفائدة الاسمية إلى الصفر، يؤدي إلى تحول معدلات الفائدة الحقيقية إلى معدلات فائدة سالبة في حال وجود أي معدل موجب للتضخم، ويعني ذلك أن الذين يستثمرون في شراء السندات الحكومية إنما يقومون بتحويل جانب من ثرواتهم إلى البنوك المركزية لهذه الدول. كذلك فإن هذا الوضع يؤدي إلى إثارة قلق المودعين حول مودعاتهم المصرفية، ولذلك نجد أنه في ظل معدلات الفائدة الصفرية، سوف يقاوم المستثمرون الرغبة في شراء السندات الحكومية أو إيداع أموالهم في البنوك، وهو ما يؤدي إلى ازدياد تفضيل السيولة لدى الجمهور ومن ثم تنشأ في الاقتصاد ما يسمى بمصيدة السيولة، وتعد ظاهرة مصيدة السيولة نادرة الحدوث من الناحية العملية. وكان جون ماينارد كينز عالم الاقتصاد المعروف قد أدخل فكرة مصيدة السيولة خلال الكساد العالمي الكبير في القرن الماضي، وهي الحالة التي يصل فيها معدل الفائدة إلى الصفر أو يقترب من الصفر، على سبيل المثال في بداية عام 1933 بلغ معدل الفائدة على أدون الخزانة الأمريكية لمدة 3 أشهر ما يساوي 0.05%. وقد عادت ظاهرة مصيدة السيولة إلى السطح مرة أخرى في نهاية التسعينيات في اليابان، حيث انخفض معدل الفائدة تماما إلى الصفر في النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي، كذلك تضاعفت القاعدة النقدية في اليابان من خلال إجراءات تقليدية وغير تقليدية لزيادة مستويات الأسعار ولتشجيع الطلب الكلي. ولمعدل الفائدة الصفري العديد من الآثار أهمها:
- ضعف فعالية السياسة النقدية وبصفة خاصة في ظل مناخ التضخم المنخفض، حيث تفقد السلطات النقدية احد أهم أدواتها للتحكم في النشاط الاقتصادي وهو تعديل مستويات معدل الفائدة بما يتناسب مع مستويات النشاط الاقتصادي المستهدف، حيث لا تستطيع السلطات النقدية تخفيض معدل الفائدة عندما يبلغ مستويات أرضيته الصفرية، ومن ثم يفقد معدل الفائدة فعاليته كأداة من الأدوات التي يمكن أن يستخدمها البنك المركزي في هذه الأوضاع. ووفقا لقاعدة "تايلور" فان البنك المركزي يستطيع أن يعدل معدل الفائدة عند المستويات المناسبة لتحقيق مستهدفاته المرتبطة بالنشاط الاقتصادي وبصفة خاصة التوظف. وعندما يصل معدل الفائدة إلى الصفر، يفقد البنك المركزي هذه الأداة، حيث أن معدل الفائدة الاسمي لا يمكن أن ينخفض عن مستواه الصفري.
- في حال فقدان السلطات النقدية لقدرتها على خفض معدلات الفائدة لدفع مستويات النشاط الاقتصادي، فان خياراتها تصبح محدودة إلى الحد الذي قد يدفع السلطات النقدية إلى اتخاذ تدابير غير تقليدية في إدارة السياسة النقدية، على سبيل المثال زيادة القاعدة النقدية لزيادة عرض النقود والتغلب على التوقعات الانكماشية في مناخ الأزمة. أي أنه في ظل معدلات الفائدة الصفرية فإن أي إجراء للسياسة النقدية يجب أن يأتي من خلال أدوات أخرى غير الأدوات التقليدية للسياسة النقدية، مثل زيادة عرض النقود من خلال توسيع القاعدة النقدية أو شراء البنك المركزي للأصول المالية، أو استخدام الاحتياطيات من النقد الأجنبي.
- عندما تنخفض معدلات الفائدة إلى المستويات الصفرية، فان ذلك يؤدي إلى انخفاض واضح في المودعات لدى البنوك، ومن ثم فانه بالرغم من أن معدلات الفائدة بين البنوك قد تكون صفرا، فان البنوك ربما تحاول الحفاظ على معدلات الفائدة على المودعات موجبة لكي تشجع الجمهور على الاستمرار في الإيداع.
- قد تشجع معدلات الفائدة الصفرية الأجانب على الاقتراض من السوق المحلي للاستفادة من فروق معدلات الفائدة، خصوصا إذا ما كانت معدلات الصرف مستقرة، وذلك في إطار عمليات تحكيم لمعدلات الفائدة. غير أن هذا التحكيم يتوقف عندما تصل معدلات الفائدة إلى مستوياتها الصفرية في كافة الدول.
معدل الفائدة الصفري ومعدل الفائدة الحقيقي
يعتمد اثر معدلات الفائدة الصفرية على معدل التضخم المتوقع، ومن ثم الأثر على معدل الفائدة الحقيقي. إن معدل الفائدة الحقيقي يساوي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم المتوقع، فإذا كان معدل التضخم موجبا، فان ذلك سوف يعني أن معدل الفائدة الصفري يحول معدلات الفائدة الحقيقية إلى معدلات سالبة، وهو أمر سيئ بالنسبة للمودعين، إلا أنه يسهم بشكل أفضل في تحقيق المستويات المستهدفة من الطلب الكلي اللازم لتحفيز مستويات النشاط الاقتصادي في المجتمع. ويعني ذلك إن السلطات النقدية في مثل هذه الحالة يمكنها تحقيق المستوى المستهدف من الطلب الكلي من خلال استهداف معدل التضخم اللازم لتخفيض معدل الفائدة الحقيقي إلى مستويات سالبة تكفي لحفز الطلب الكلي عند مستويات الناتج التوازني المرغوبة. ويعني ذلك أن معدل التضخم المعتدل كأحد المستهدفات للسياسة النقدية يعد أمرا ضروريا لضمان فعالية السياسة النقدية عند معدل الفائدة الصفري.
غير أن الخطورة الأساسية لمعدل الفائدة الصفري تتمثل في انه يمكن أن يستدرج الاقتصاد العالمي إلى مصيدة الانكماش، وذلك إذا ما تحول اتجاه التوقعات التضخمية نحو النزول خصوصا في ضوء الانخفاض في أسعار الطاقة وغيرها من العوامل إلي يتوقع معها أن تستمر الضغوط التضخمية في التراجع. حيث أنه إذا تحول معدل التضخم ليصبح سالبا، فان ذلك يحول معدلات الفائدة الحقيقية من مستويات سالبة إلى مستويات موجبة، على الرغم من أن معدل الفائدة الاسمي يساوي صفرا. ويترتب على ذلك تراجع مستويات الطلب الكلي، الأمر الذي يؤدي إلى تسارع معدل انخفاض التضخم، ومن ثم ميل معدلات الفائدة الحقيقية إلى الارتفاع بمعدلات أكبر، فتراجع مستويات الطلب الكلي نتيجة لذلك، ويدور الاقتصاد تبعا لذلك في دائرة خبيثة من ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية وتراجع معدلات التضخم، وهوا ما يدخل الاقتصاد فيما يسمى بمصيدة الانكماش. في مثل هذه الحالة لا تصلح السياسات النقدية لمعالجة مصيدة الانكماش. ومن ثم يبقى أمام صانع السياسة الاقتصادية سبيلين للخروج من هذه الأزمة، الأول هو إتباع سياسات مالية فعالة من خلال تبني إجراءات تهدف إلى إحداث عجز في الميزانية العامة لإحداث زيادة مستقلة في مستويات الاستهلاك والاستثمار الكلي، ومن ثم تحفيز مستويات الطلب الكلي للخروج من مصيدة الانكماش. أما السبيل الثاني فهو تهيئة الظروف المناسبة للتوقعات بارتفاع معدل التضخم، بمعنى آخر أن تتبنى السلطات النقدية مستهدفات حول حد أدنى من معدلات التضخم، وغني عن البيان انه لا يمكن تهيئة تلك الظروف بدون توفير المناخ اللازم لرفع مستويات الطلب الكلي بما يغذي التوقعات التضخمية.
العالم الآن إذن يواجه معضلة خطيرة في ظل معدلات الفائدة الصفرية، حيث أن أي تدهور في الأداء الاقتصادي الكلي سوف يؤدي إلى ميل معدل التضخم نحو الانخفاض، وهو ما سوف يتبعه تدهور في الأداء عبر دورة الكساد، ومن ثم تزداد فرص احتمال انتشار الكساد العالمي الحاد، أي أنه في ظل هذه الأوضاع ليس من المتوقع إذن أن ينحسر الكساد العالمي بسرعة، ومن الممكن أن يستمر لفترة طويلة خصوصا مع تراجع معدلات التضخم.
معدلات الفائدة في الكويت
إذا كان العالم يتجه الآن نحو معدلات تقترب من الصفر، فان المعدلات الحالية للفائدة في دولة الكويت تعد مرتفعة جدا، مقارنة بالمستهدفات المعلنة للبنك المركزي فيما يتعلق بمستويات معدل الفائدة الاسمي على الدينار الكويتي. فقد درج بنك الكويت المركزي على الحفاظ على هامش بين معدل الفائدة الاسمي على الدينار ومعدل الفائدة الاسمي على الدولار الأمريكي، وذلك لصالح الدينار الكويتي في حدود ما بين 0.25% الى0.5%، بهدف الحد من تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج، والمحافظة على استقرار معدلات الصرف، وإذا كان الوضع كذلك فان معدل الفائدة الأساسي في الكويت يجب أن ينخفض بصورة حادة، بحيث لا يتجاوز معدل الفائدة الأساسي الآن حدود ما بين 0.5% إلى 0.75%. بقاء معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالية في الكويت يعني أنها تنحرف بشكل واضح عن اتجاهها العام بالنسبة لمعدل الفائدة على الدولار الأمريكي. وعلى ذلك فان هناك حاجة لخفض معدلات الفائدة في الكويت عند مستويات قريبة من هذه المستويات الدنيا، الأمر الذي سوف يشجع جهود البنك المركزي المبذولة لمعالجة أوضاع سوق المال ويخفض من تكاليف الاقتراض للشركات المتعثرة، خصوصا في ظل المعدلات المرتفعة نسبيا للتضخم في دولة الكويت.
انخفاض معدلات الفائدة إلى مستويات قريبة من الصفر أصبح اليوم ظاهرة عالمية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. إن انخفاض معدلات الفائدة الاسمية إلى الصفر، يؤدي إلى تحول معدلات الفائدة الحقيقية إلى معدلات فائدة سالبة في حال وجود أي معدل موجب للتضخم، ويعني ذلك أن الذين يستثمرون في شراء السندات الحكومية إنما يقومون بتحويل جانب من ثرواتهم إلى البنوك المركزية لهذه الدول. كذلك فإن هذا الوضع يؤدي إلى إثارة قلق المودعين حول مودعاتهم المصرفية، ولذلك نجد أنه في ظل معدلات الفائدة الصفرية، سوف يقاوم المستثمرون الرغبة في شراء السندات الحكومية أو إيداع أموالهم في البنوك، وهو ما يؤدي إلى ازدياد تفضيل السيولة لدى الجمهور ومن ثم تنشأ في الاقتصاد ما يسمى بمصيدة السيولة، وتعد ظاهرة مصيدة السيولة نادرة الحدوث من الناحية العملية. وكان جون ماينارد كينز عالم الاقتصاد المعروف قد أدخل فكرة مصيدة السيولة خلال الكساد العالمي الكبير في القرن الماضي، وهي الحالة التي يصل فيها معدل الفائدة إلى الصفر أو يقترب من الصفر، على سبيل المثال في بداية عام 1933 بلغ معدل الفائدة على أدون الخزانة الأمريكية لمدة 3 أشهر ما يساوي 0.05%. وقد عادت ظاهرة مصيدة السيولة إلى السطح مرة أخرى في نهاية التسعينيات في اليابان، حيث انخفض معدل الفائدة تماما إلى الصفر في النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي، كذلك تضاعفت القاعدة النقدية في اليابان من خلال إجراءات تقليدية وغير تقليدية لزيادة مستويات الأسعار ولتشجيع الطلب الكلي. ولمعدل الفائدة الصفري العديد من الآثار أهمها:
- ضعف فعالية السياسة النقدية وبصفة خاصة في ظل مناخ التضخم المنخفض، حيث تفقد السلطات النقدية احد أهم أدواتها للتحكم في النشاط الاقتصادي وهو تعديل مستويات معدل الفائدة بما يتناسب مع مستويات النشاط الاقتصادي المستهدف، حيث لا تستطيع السلطات النقدية تخفيض معدل الفائدة عندما يبلغ مستويات أرضيته الصفرية، ومن ثم يفقد معدل الفائدة فعاليته كأداة من الأدوات التي يمكن أن يستخدمها البنك المركزي في هذه الأوضاع. ووفقا لقاعدة "تايلور" فان البنك المركزي يستطيع أن يعدل معدل الفائدة عند المستويات المناسبة لتحقيق مستهدفاته المرتبطة بالنشاط الاقتصادي وبصفة خاصة التوظف. وعندما يصل معدل الفائدة إلى الصفر، يفقد البنك المركزي هذه الأداة، حيث أن معدل الفائدة الاسمي لا يمكن أن ينخفض عن مستواه الصفري.
- في حال فقدان السلطات النقدية لقدرتها على خفض معدلات الفائدة لدفع مستويات النشاط الاقتصادي، فان خياراتها تصبح محدودة إلى الحد الذي قد يدفع السلطات النقدية إلى اتخاذ تدابير غير تقليدية في إدارة السياسة النقدية، على سبيل المثال زيادة القاعدة النقدية لزيادة عرض النقود والتغلب على التوقعات الانكماشية في مناخ الأزمة. أي أنه في ظل معدلات الفائدة الصفرية فإن أي إجراء للسياسة النقدية يجب أن يأتي من خلال أدوات أخرى غير الأدوات التقليدية للسياسة النقدية، مثل زيادة عرض النقود من خلال توسيع القاعدة النقدية أو شراء البنك المركزي للأصول المالية، أو استخدام الاحتياطيات من النقد الأجنبي.
- عندما تنخفض معدلات الفائدة إلى المستويات الصفرية، فان ذلك يؤدي إلى انخفاض واضح في المودعات لدى البنوك، ومن ثم فانه بالرغم من أن معدلات الفائدة بين البنوك قد تكون صفرا، فان البنوك ربما تحاول الحفاظ على معدلات الفائدة على المودعات موجبة لكي تشجع الجمهور على الاستمرار في الإيداع.
- قد تشجع معدلات الفائدة الصفرية الأجانب على الاقتراض من السوق المحلي للاستفادة من فروق معدلات الفائدة، خصوصا إذا ما كانت معدلات الصرف مستقرة، وذلك في إطار عمليات تحكيم لمعدلات الفائدة. غير أن هذا التحكيم يتوقف عندما تصل معدلات الفائدة إلى مستوياتها الصفرية في كافة الدول.
معدل الفائدة الصفري ومعدل الفائدة الحقيقي
يعتمد اثر معدلات الفائدة الصفرية على معدل التضخم المتوقع، ومن ثم الأثر على معدل الفائدة الحقيقي. إن معدل الفائدة الحقيقي يساوي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم المتوقع، فإذا كان معدل التضخم موجبا، فان ذلك سوف يعني أن معدل الفائدة الصفري يحول معدلات الفائدة الحقيقية إلى معدلات سالبة، وهو أمر سيئ بالنسبة للمودعين، إلا أنه يسهم بشكل أفضل في تحقيق المستويات المستهدفة من الطلب الكلي اللازم لتحفيز مستويات النشاط الاقتصادي في المجتمع. ويعني ذلك إن السلطات النقدية في مثل هذه الحالة يمكنها تحقيق المستوى المستهدف من الطلب الكلي من خلال استهداف معدل التضخم اللازم لتخفيض معدل الفائدة الحقيقي إلى مستويات سالبة تكفي لحفز الطلب الكلي عند مستويات الناتج التوازني المرغوبة. ويعني ذلك أن معدل التضخم المعتدل كأحد المستهدفات للسياسة النقدية يعد أمرا ضروريا لضمان فعالية السياسة النقدية عند معدل الفائدة الصفري.
غير أن الخطورة الأساسية لمعدل الفائدة الصفري تتمثل في انه يمكن أن يستدرج الاقتصاد العالمي إلى مصيدة الانكماش، وذلك إذا ما تحول اتجاه التوقعات التضخمية نحو النزول خصوصا في ضوء الانخفاض في أسعار الطاقة وغيرها من العوامل إلي يتوقع معها أن تستمر الضغوط التضخمية في التراجع. حيث أنه إذا تحول معدل التضخم ليصبح سالبا، فان ذلك يحول معدلات الفائدة الحقيقية من مستويات سالبة إلى مستويات موجبة، على الرغم من أن معدل الفائدة الاسمي يساوي صفرا. ويترتب على ذلك تراجع مستويات الطلب الكلي، الأمر الذي يؤدي إلى تسارع معدل انخفاض التضخم، ومن ثم ميل معدلات الفائدة الحقيقية إلى الارتفاع بمعدلات أكبر، فتراجع مستويات الطلب الكلي نتيجة لذلك، ويدور الاقتصاد تبعا لذلك في دائرة خبيثة من ارتفاع معدلات الفائدة الحقيقية وتراجع معدلات التضخم، وهوا ما يدخل الاقتصاد فيما يسمى بمصيدة الانكماش. في مثل هذه الحالة لا تصلح السياسات النقدية لمعالجة مصيدة الانكماش. ومن ثم يبقى أمام صانع السياسة الاقتصادية سبيلين للخروج من هذه الأزمة، الأول هو إتباع سياسات مالية فعالة من خلال تبني إجراءات تهدف إلى إحداث عجز في الميزانية العامة لإحداث زيادة مستقلة في مستويات الاستهلاك والاستثمار الكلي، ومن ثم تحفيز مستويات الطلب الكلي للخروج من مصيدة الانكماش. أما السبيل الثاني فهو تهيئة الظروف المناسبة للتوقعات بارتفاع معدل التضخم، بمعنى آخر أن تتبنى السلطات النقدية مستهدفات حول حد أدنى من معدلات التضخم، وغني عن البيان انه لا يمكن تهيئة تلك الظروف بدون توفير المناخ اللازم لرفع مستويات الطلب الكلي بما يغذي التوقعات التضخمية.
العالم الآن إذن يواجه معضلة خطيرة في ظل معدلات الفائدة الصفرية، حيث أن أي تدهور في الأداء الاقتصادي الكلي سوف يؤدي إلى ميل معدل التضخم نحو الانخفاض، وهو ما سوف يتبعه تدهور في الأداء عبر دورة الكساد، ومن ثم تزداد فرص احتمال انتشار الكساد العالمي الحاد، أي أنه في ظل هذه الأوضاع ليس من المتوقع إذن أن ينحسر الكساد العالمي بسرعة، ومن الممكن أن يستمر لفترة طويلة خصوصا مع تراجع معدلات التضخم.
معدلات الفائدة في الكويت
إذا كان العالم يتجه الآن نحو معدلات تقترب من الصفر، فان المعدلات الحالية للفائدة في دولة الكويت تعد مرتفعة جدا، مقارنة بالمستهدفات المعلنة للبنك المركزي فيما يتعلق بمستويات معدل الفائدة الاسمي على الدينار الكويتي. فقد درج بنك الكويت المركزي على الحفاظ على هامش بين معدل الفائدة الاسمي على الدينار ومعدل الفائدة الاسمي على الدولار الأمريكي، وذلك لصالح الدينار الكويتي في حدود ما بين 0.25% الى0.5%، بهدف الحد من تدفقات رؤوس الأموال إلى الخارج، والمحافظة على استقرار معدلات الصرف، وإذا كان الوضع كذلك فان معدل الفائدة الأساسي في الكويت يجب أن ينخفض بصورة حادة، بحيث لا يتجاوز معدل الفائدة الأساسي الآن حدود ما بين 0.5% إلى 0.75%. بقاء معدلات الفائدة عند مستوياتها الحالية في الكويت يعني أنها تنحرف بشكل واضح عن اتجاهها العام بالنسبة لمعدل الفائدة على الدولار الأمريكي. وعلى ذلك فان هناك حاجة لخفض معدلات الفائدة في الكويت عند مستويات قريبة من هذه المستويات الدنيا، الأمر الذي سوف يشجع جهود البنك المركزي المبذولة لمعالجة أوضاع سوق المال ويخفض من تكاليف الاقتراض للشركات المتعثرة، خصوصا في ظل المعدلات المرتفعة نسبيا للتضخم في دولة الكويت.
أتفق معك.
ردحذفالبنك المركزي يجب ان ينزل معدل الفائدة.
شكرا بو سالم على تعليقك. وقد قام البنك المركزي بأول خطوة في هذا الاتجاه يوم السبت الماضي بتخفيض معدل الخصم بنسبة نصف في المائة.
ردحذف