نشر هذا المقال في صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ الأحد 1/2/2009 (http://www.aleqt.com/2009/02/01/article_191026.html)وعلى موقع اسواق العربية (http://www.alaswaq.net/views/2009/02/01/21029.html)
ونشر الجزء الخاص بمتطلبات التحفيز المالي في دول الخليج في جريدة الوطن بتاريخ الأثنين 26/1/2009 (http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=206&article_id=479838)
هناك اتفاق بين جانب كبير من الاقتصاديين على الدور الذي لعبته السياسة المالية في الخروج من أزمة الكساد العالمي في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأن السياسة المالية كانت فعالة، وربما كانت الأداة الوحيدة الفعالة في عملية استعادة مستويات النشاط الاقتصادي في دول العالم الغربي بعد الأزمة. فقد نشطت السياسة المالية للولايات المتحدة في عهد الرئيس روزفلت بصفة خاصة من خلال إنشاء إدارة الأشغال العامة بميزانية بلغت حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي في ذلك الوقت، وذلك لتقديم التمويل اللازم للولايات لتمويل المشروعات العامة، وقد استخدمت الأموال في إنشاء المستشفيات والمدارس وساحات الملاعب والمطارات، إلى الحد الذي دعا البعض إلى انتقاد برنامج الإنفاق بأنها تحول الأموال العامة لدفع أجور للعاطلين لكي يقوموا بأداء أعمال غير منتجة. غير أن مثل هذا الإنفاق لم يكن الهدف الأساسي منه هو هذه الأعمال غير المنتجة، وإنما كان هناك هدفا أسمى وهو تحفيز الاقتصاد والخروج من حالة الكساد. كذلك فانه في أعقاب الأزمة الآسيوية قامت اليابان في 1998 بتبني برنامج ضخم للتحفيز المالي Fiscal stimulus بحوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي للخروج من الأزمة، وكان من الواضح الآثار الايجابية للتحفيز المالي على أداء الاقتصاد الياباني في تلك الفترة، والذي ظهرت آثاره واضحة في العام التالي، حيث ارتفع معدل النمو بشكل واضح.
قصور إجراءات السياسة النقدية بمفردها خلال الأزمة الحالية أدى إلى إعادة الحديث عن دور السياسة المالية وأهمية التحفيز المالي في الخروج من الأزمة، ومن الواضح أن ظروف الأزمة الحالية هي ظروف مثالية لعمل السياسة المالية، المثيرة للجدل حول مدى فعاليتها، كمحفز للنشاط الاقتصادي. وفي واقع الأمر تتسم دول الخليج بأنها لا تعاني من نقاط الضعف الأساسية للتحفيز المالي الذي يوجه إليه دائما الانتقاد في الاقتصاديات الصناعية. ويتمثل وجه الانتقاد الأساسي في أن التحفيز المالي لا يمكنه أن يساعد في توسيع مستويات النشاط الاقتصادي لان العجز في الميزانية الناجم عن توسع الإنفاق لا بد وان يتم اقتراضه من جهة ما، وهو ما يؤدي إلى ما يسمى بالمزاحمة Crowding out، بمعنى آخر فانه على المستوى الكلي أي زيادة في الإنفاق الحكومي لابد وان يصاحبها انخفاض في إنفاق أحد المجموعات الاقتصادية في المجتمع، وهو ما يجهض أي أثر متوقع للتحفيز المالي. الدول الخليجية لا تقترض بشكل عام لتمويل عجز ميزانياتها، وإنما تلجا إلى احتياطياتها المالية في تمويل العجز، الأمر الذي يسمح للتحفيز المالي بأن يعمل بأقصى مستوياته على الاقتصاد من خلال مضاعف الإنفاق الحكومي.
بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أن هناك سمة أساسية للأزمة الحالية ذات أهمية خاصة في تحديد متطلبات التحفيز المالي المناسب للاقتصاد الخليجي، وهي أن الأزمة الحالية سوف تستمر لفترة زمنية لن تكون قصيرة، وهي على أفضل تقدير سوف تستمر عبر مدى زمني متوسط. ومن ثم هناك ضرورة للجوء دول الخليج للتحفيز المالي للمساعدة على الخروج من الأزمة، أو على أسوأ تقدير، للتخفيف من آثارها على المستوى الكلي. من ناحية أخرى تنبغي الإشارة إلى أن التحفيز المالي للاقتصاد الخليجي سوف يرتكز على مجالات الإنفاق العام، نظرا لعدم وجود نظام ضريبي فعال في دول الخليج يمكن أن يعول عليه لأغراض الاستقرار الاقتصادي، أي أنه لن تكون هناك سياسات لتحفيز الاقتصاد من خلال التأثير على الإنفاق الاستهلاكي عن طريق خفض الضرائب. ولحسن الحظ فانه يفضل ألا يتم التعويل على الخفض الضريبي أثناء الكساد نظرا لطول فترات التأخير في الأثر المصاحب لمثل هذه الإجراءات. مطلوب إذن من الحكومات الخليجية في الفترة الحالية تبني برامج ضخمة للإنفاق الحكومي لتحفيز اقتصاديات دول الخليج في الأجل المتوسط للخروج من الأزمة الحالية، حتى وان صاحب ذلك عجز في ميزانياتها العامة بفعل ضعف الإيرادات النفطية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو أي نوع من الإنفاق العام ينبغي زيادته من أجل تحفيز إقتصاديات دول الخليج؟ للأسف فانه في السياق الحالي ليس لدينا تقديرات دقيقة لحجم مضاعف الإنفاق الحكومي حسب أنواع الإنفاق المختلفة، حتى يمكن من خلالها الحكم على أفضل أشكال الإنفاق، ومن ثم تقديم النصيحة الصحيحة لصانع السياسة حول الإجراءات الفعالة في دعم مستويات الطلب الكلي. ونتيجة لذلك يفضل تنويع سياسات الإنفاق بدلا من الاعتماد على أداة واحدة لدعم مستويات الطلب الكلي. وبصفة عامة هناك عدد من النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها من قبل حكومات دول الخليج عند رسم سياسات التحفيز المالي وهي:
1. على حكومات دول الخليج ألا تخفض برامج الإنفاق الحالية بسبب الانخفاض المتوقع في الإيرادات النفطية، بل على العكس من ذلك لا بد من إتباع سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية من خلال زيادة الإنفاق في وقت ميل النشاط الاقتصادي نحو الانحسار، أي أن الإبقاء على مستوى الإنفاق مرتفعا يعد أمرا أساسيا في هذه المرحلة. ومن المعلوم أن مضاعف الإنفاق يعمل بأقصى قوته في أوقات الكساد، وهو ما يثير ملاحظة أساسية تتمثل في انه ينبغي التأكد من القضاء على كافة جوانب الهدر في الإنفاق العام حتى تتحقق النتائج المنتظرة لبرامج الإنفاق الحكومي عبر دورات الإنفاق المختلفة بشكل كامل.
2. على حكومات دول الخليج العمل على استمرار كافة مشاريع الاستثمار والصيانة، وعدم تأخير تلك المشروعات بسبب انخفاض الإيرادات، ويمكن في أسوأ الحالات التركيز على المشروعات الاستثمارية الحيوية ذات الروابط الخارجية القوية في الاقتصاد الوطني، التي يمكن أن تساعد بشكل مباشر في تنشيط مستويات الطلب الكلي، وبشكل غير مباشر من خلال تعديل التوقعات التشاؤمية. بعض الاقتصاديين يرى أن الإنفاق على البنية التحتية مثل توسيع الإنفاق على الصحة وإنشاء المزيد من المدارس والطرق ومشروعات البنية الأساسية يمكن أن يكون محفزا جيدا للاقتصاد، حيث يؤدي هذا الإنفاق إلى رفع مستويات السيولة وزيادة مستويات الدخول ومن ثم رفع مستويات الطلب الكلي ومستويات التوظف.
3. على حكومات دول الخليج أن تقدم الدعم لمشروعات القطاع الخاص التي تعمل في القطاعات الحيوية في الاقتصاد، لتفادي حالات الإفلاس، كما يجب عليها أن لا تهمل خطط مراقبة برامج الانفاق لقطاع الاعمال الخاص اذا ما تعثرت تلك البرامج، فمن الممكن أن تقوم الحكومات بالتوقيع على عقود مشاركة للمشروعات الجوهرية التي ينفذها القطاع الخاص والتي تعثرت نتيجة نقص رؤوس الأموال الخاصة بسبب الأزمة لتتحول تلك المشروعات من مشروعات خاصة إلى مشروعات مشتركة، وغني عن البيان أن ذلك الأمر يجب أن يتم على أساس انتقائي بحيث تعطى الأولوية للمشروعات ذات الأهمية الإستراتيجية في القطاع غير النفطي. ذلك أن أساليب التعامل الحكومي مع الشركات الخاصة أثناء الأزمة يجب أن يختلف بعض الشئ، حيث ينبغي في هذه المرحلة التأكد من عدم قيام الشركات بخفض ميزانيات الاستثمار لديها بسبب نقص التمويل، وذلك من خلال إتاحة فرص التمويل بتكاليف منخفضة. وعلى الرغم من أن ذلك يدخل في إطار إجراءات السياسة النقدية، فان الحكومة يمكنها أيضا أن تدعم الشركات التي تواجه مشكلات صعبة بسبب نقص فرص الحصول على التمويل اللازم بسبب طبيعة الأوضاع السائدة في القطاع المالي، بشرط التأكد من احتمال استمرار تلك الشركات على المدى الطويل من خلال جهود إعادة هيكلتها لضمان استمرارها، ومن خلال تقديم الضمانات الحكومية للائتمان الممنوح لتلك الشركات، مما يساعد في جهود إعادة الهيكلة. ومن المعلوم أن للإنفاق الاستثماري العديد من المزايا أهمها الأثر الكبير على الطلب الكلي في الأجل القصير، والأثر على جانب العرض في الأجل الطويل. ولكي يسهم هذا النوع من الإنفاق في التحفيز المالي ينبغي أن يتم القضاء على فترات التأخير بين اعتماد الإنفاق وبدء عملية التنفيذ للمشروعات، والتي قد تأخذ فترات طويلة من الزمن.
4. على حكومات دول الخليج تجنب أي زيادة في أجور القطاعين العام والحكومي كجزء من سياسات التحفيز المالي، لعدة أسباب أهمها، أولا أنه لا يمكن السيطرة على اتجاهات إنفاق هذه الزيادات في الأجور لمصلحة الانتعاش الاقتصادي، وثانيا لأنه من المستحيل تخفيضها في المستقبل، وكذلك الوضع بالنسبة لأية زيادات أخرى في تعويضات العاملين مثل الكوادر والمزايا .. الخ. ومن الناحية الاقتصادية فان أشكال التحفيز المالي التي تؤدي إلى زيادة دخول الأفراد أو الشركات مثل زيادة الإعانات والزيادات في الأجور والتخفيضات في الضريبة .. الخ غير مفضلة بسبب اعتبارات عدم التأكد المصاحب لاستجابة الأفراد نتيجة الزيادة في دخولهم في فترات الكساد.
5. على حكومات دول الخليج تجنب وقف عمليات التعيين الحكومي بسبب ظروف الأزمة، بل على العكس من ذلك فإن استمرار عمليات التعيين الحكومي يصبح أمرا مرغوبا جدا في المرحلة الحالية للتخفيف من ضغوط سوق العمل، وميل جانب كبير من الشركات في القطاع الخاص إلى الاستغناء عن جزء من العمالة لديها في ظل تراجع مستويات نشاطها المصاحب للازمة.
6. أن التزام حكومات دول الخليج بالتحفيز المالي لمعالجة الأزمة يجب أن يكون واضحا ومعلنا ومستمرا، حتى يسهم بشكل فعال في تعديل التوقعات التشاؤمية للقطاع الخاص، وكذلك المتعاملين في البورصات الخليجية، وهو ما قد يساعد على نشر جو تفاؤلي داخل تلك البورصات يساعد على وقف نزيف مؤشرات الأسعار في تلك الأسواق.
قصور إجراءات السياسة النقدية بمفردها خلال الأزمة الحالية أدى إلى إعادة الحديث عن دور السياسة المالية وأهمية التحفيز المالي في الخروج من الأزمة، ومن الواضح أن ظروف الأزمة الحالية هي ظروف مثالية لعمل السياسة المالية، المثيرة للجدل حول مدى فعاليتها، كمحفز للنشاط الاقتصادي. وفي واقع الأمر تتسم دول الخليج بأنها لا تعاني من نقاط الضعف الأساسية للتحفيز المالي الذي يوجه إليه دائما الانتقاد في الاقتصاديات الصناعية. ويتمثل وجه الانتقاد الأساسي في أن التحفيز المالي لا يمكنه أن يساعد في توسيع مستويات النشاط الاقتصادي لان العجز في الميزانية الناجم عن توسع الإنفاق لا بد وان يتم اقتراضه من جهة ما، وهو ما يؤدي إلى ما يسمى بالمزاحمة Crowding out، بمعنى آخر فانه على المستوى الكلي أي زيادة في الإنفاق الحكومي لابد وان يصاحبها انخفاض في إنفاق أحد المجموعات الاقتصادية في المجتمع، وهو ما يجهض أي أثر متوقع للتحفيز المالي. الدول الخليجية لا تقترض بشكل عام لتمويل عجز ميزانياتها، وإنما تلجا إلى احتياطياتها المالية في تمويل العجز، الأمر الذي يسمح للتحفيز المالي بأن يعمل بأقصى مستوياته على الاقتصاد من خلال مضاعف الإنفاق الحكومي.
بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أن هناك سمة أساسية للأزمة الحالية ذات أهمية خاصة في تحديد متطلبات التحفيز المالي المناسب للاقتصاد الخليجي، وهي أن الأزمة الحالية سوف تستمر لفترة زمنية لن تكون قصيرة، وهي على أفضل تقدير سوف تستمر عبر مدى زمني متوسط. ومن ثم هناك ضرورة للجوء دول الخليج للتحفيز المالي للمساعدة على الخروج من الأزمة، أو على أسوأ تقدير، للتخفيف من آثارها على المستوى الكلي. من ناحية أخرى تنبغي الإشارة إلى أن التحفيز المالي للاقتصاد الخليجي سوف يرتكز على مجالات الإنفاق العام، نظرا لعدم وجود نظام ضريبي فعال في دول الخليج يمكن أن يعول عليه لأغراض الاستقرار الاقتصادي، أي أنه لن تكون هناك سياسات لتحفيز الاقتصاد من خلال التأثير على الإنفاق الاستهلاكي عن طريق خفض الضرائب. ولحسن الحظ فانه يفضل ألا يتم التعويل على الخفض الضريبي أثناء الكساد نظرا لطول فترات التأخير في الأثر المصاحب لمثل هذه الإجراءات. مطلوب إذن من الحكومات الخليجية في الفترة الحالية تبني برامج ضخمة للإنفاق الحكومي لتحفيز اقتصاديات دول الخليج في الأجل المتوسط للخروج من الأزمة الحالية، حتى وان صاحب ذلك عجز في ميزانياتها العامة بفعل ضعف الإيرادات النفطية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو أي نوع من الإنفاق العام ينبغي زيادته من أجل تحفيز إقتصاديات دول الخليج؟ للأسف فانه في السياق الحالي ليس لدينا تقديرات دقيقة لحجم مضاعف الإنفاق الحكومي حسب أنواع الإنفاق المختلفة، حتى يمكن من خلالها الحكم على أفضل أشكال الإنفاق، ومن ثم تقديم النصيحة الصحيحة لصانع السياسة حول الإجراءات الفعالة في دعم مستويات الطلب الكلي. ونتيجة لذلك يفضل تنويع سياسات الإنفاق بدلا من الاعتماد على أداة واحدة لدعم مستويات الطلب الكلي. وبصفة عامة هناك عدد من النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها من قبل حكومات دول الخليج عند رسم سياسات التحفيز المالي وهي:
1. على حكومات دول الخليج ألا تخفض برامج الإنفاق الحالية بسبب الانخفاض المتوقع في الإيرادات النفطية، بل على العكس من ذلك لا بد من إتباع سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية من خلال زيادة الإنفاق في وقت ميل النشاط الاقتصادي نحو الانحسار، أي أن الإبقاء على مستوى الإنفاق مرتفعا يعد أمرا أساسيا في هذه المرحلة. ومن المعلوم أن مضاعف الإنفاق يعمل بأقصى قوته في أوقات الكساد، وهو ما يثير ملاحظة أساسية تتمثل في انه ينبغي التأكد من القضاء على كافة جوانب الهدر في الإنفاق العام حتى تتحقق النتائج المنتظرة لبرامج الإنفاق الحكومي عبر دورات الإنفاق المختلفة بشكل كامل.
2. على حكومات دول الخليج العمل على استمرار كافة مشاريع الاستثمار والصيانة، وعدم تأخير تلك المشروعات بسبب انخفاض الإيرادات، ويمكن في أسوأ الحالات التركيز على المشروعات الاستثمارية الحيوية ذات الروابط الخارجية القوية في الاقتصاد الوطني، التي يمكن أن تساعد بشكل مباشر في تنشيط مستويات الطلب الكلي، وبشكل غير مباشر من خلال تعديل التوقعات التشاؤمية. بعض الاقتصاديين يرى أن الإنفاق على البنية التحتية مثل توسيع الإنفاق على الصحة وإنشاء المزيد من المدارس والطرق ومشروعات البنية الأساسية يمكن أن يكون محفزا جيدا للاقتصاد، حيث يؤدي هذا الإنفاق إلى رفع مستويات السيولة وزيادة مستويات الدخول ومن ثم رفع مستويات الطلب الكلي ومستويات التوظف.
3. على حكومات دول الخليج أن تقدم الدعم لمشروعات القطاع الخاص التي تعمل في القطاعات الحيوية في الاقتصاد، لتفادي حالات الإفلاس، كما يجب عليها أن لا تهمل خطط مراقبة برامج الانفاق لقطاع الاعمال الخاص اذا ما تعثرت تلك البرامج، فمن الممكن أن تقوم الحكومات بالتوقيع على عقود مشاركة للمشروعات الجوهرية التي ينفذها القطاع الخاص والتي تعثرت نتيجة نقص رؤوس الأموال الخاصة بسبب الأزمة لتتحول تلك المشروعات من مشروعات خاصة إلى مشروعات مشتركة، وغني عن البيان أن ذلك الأمر يجب أن يتم على أساس انتقائي بحيث تعطى الأولوية للمشروعات ذات الأهمية الإستراتيجية في القطاع غير النفطي. ذلك أن أساليب التعامل الحكومي مع الشركات الخاصة أثناء الأزمة يجب أن يختلف بعض الشئ، حيث ينبغي في هذه المرحلة التأكد من عدم قيام الشركات بخفض ميزانيات الاستثمار لديها بسبب نقص التمويل، وذلك من خلال إتاحة فرص التمويل بتكاليف منخفضة. وعلى الرغم من أن ذلك يدخل في إطار إجراءات السياسة النقدية، فان الحكومة يمكنها أيضا أن تدعم الشركات التي تواجه مشكلات صعبة بسبب نقص فرص الحصول على التمويل اللازم بسبب طبيعة الأوضاع السائدة في القطاع المالي، بشرط التأكد من احتمال استمرار تلك الشركات على المدى الطويل من خلال جهود إعادة هيكلتها لضمان استمرارها، ومن خلال تقديم الضمانات الحكومية للائتمان الممنوح لتلك الشركات، مما يساعد في جهود إعادة الهيكلة. ومن المعلوم أن للإنفاق الاستثماري العديد من المزايا أهمها الأثر الكبير على الطلب الكلي في الأجل القصير، والأثر على جانب العرض في الأجل الطويل. ولكي يسهم هذا النوع من الإنفاق في التحفيز المالي ينبغي أن يتم القضاء على فترات التأخير بين اعتماد الإنفاق وبدء عملية التنفيذ للمشروعات، والتي قد تأخذ فترات طويلة من الزمن.
4. على حكومات دول الخليج تجنب أي زيادة في أجور القطاعين العام والحكومي كجزء من سياسات التحفيز المالي، لعدة أسباب أهمها، أولا أنه لا يمكن السيطرة على اتجاهات إنفاق هذه الزيادات في الأجور لمصلحة الانتعاش الاقتصادي، وثانيا لأنه من المستحيل تخفيضها في المستقبل، وكذلك الوضع بالنسبة لأية زيادات أخرى في تعويضات العاملين مثل الكوادر والمزايا .. الخ. ومن الناحية الاقتصادية فان أشكال التحفيز المالي التي تؤدي إلى زيادة دخول الأفراد أو الشركات مثل زيادة الإعانات والزيادات في الأجور والتخفيضات في الضريبة .. الخ غير مفضلة بسبب اعتبارات عدم التأكد المصاحب لاستجابة الأفراد نتيجة الزيادة في دخولهم في فترات الكساد.
5. على حكومات دول الخليج تجنب وقف عمليات التعيين الحكومي بسبب ظروف الأزمة، بل على العكس من ذلك فإن استمرار عمليات التعيين الحكومي يصبح أمرا مرغوبا جدا في المرحلة الحالية للتخفيف من ضغوط سوق العمل، وميل جانب كبير من الشركات في القطاع الخاص إلى الاستغناء عن جزء من العمالة لديها في ظل تراجع مستويات نشاطها المصاحب للازمة.
6. أن التزام حكومات دول الخليج بالتحفيز المالي لمعالجة الأزمة يجب أن يكون واضحا ومعلنا ومستمرا، حتى يسهم بشكل فعال في تعديل التوقعات التشاؤمية للقطاع الخاص، وكذلك المتعاملين في البورصات الخليجية، وهو ما قد يساعد على نشر جو تفاؤلي داخل تلك البورصات يساعد على وقف نزيف مؤشرات الأسعار في تلك الأسواق.
ملاحظاتي كالاتي:
ردحذف1) بالنسبة للنقطة الاساسية الثانية:
المشاريع الحيوية التي تعني بالتنمية كالمدارس والمستشفيات ستقوم بزيادة السيولة لدى القطاع الخاص هذا منطقي.. لكن ان ترفع معدلات التوظيف وزيادة الدخول.. لا اعتقد، لان القطاع الخاص لايعتمد في الحقيقة على عمالة وطنية حتى يوظفهم اذا مارست عليه مشاريع البنية التحتية.. كما هو الحاصل في الولايات المتحدة على سبيل المثال.
2- النقطة الثالثة: لايمكن ان نفتح الباب في دعم مشاريع القطاع الخاص الحيوية دون تقنين.. فأنت تعلم ان الانفاق سيكون من الاحتياطي العام للدولة، بالمقابل كل خارج لابد له من داخل يوازنه.. على الاخل على المدى المتوسط، خصوصا وان هذه الازمة لا يعلم لها اخر.. اؤيد الدعم ولكن بشروط الجدوى وتقديم ضمانات من هذه الشركات بالتسديد ولا ضير ان استخدم الرهن او استملاك جزء من الشركة.
3- النقطة الخامسة: لاشك ان التعيين واجب دستوري يلزم الدولة عدم التراخي فيه، خصوصا وان التعيين لايحمل الموازنة على المدى القريب ا ي ارهاقات.. لكن اليست هذه الازمة مؤشر خطر لتحافظ الحكومة على اموالها من عمليات التعيين العشوائية التي تقوم بها الان؟ ان الناتج الوظيفي من العمالة الوطنية في الوزارات لاتذكر بينما الرواتب في ازدياد.. اراه مؤشر ان تتوخى الحذر الحكومة في تعيين نفس الكميات التي تعينها في حالة الرفاة والاستقرار الاقتصادي.
استاذ محمد، نحن نتكلم عن تحفيز اقتصاد واستثمار طويل الاجل، ولايجب ان نميل الى جانب القطاع الخاص بقدر يجعلنا نتساهل في صرف احتياطي الدولة، نعم هي رسالة وطنية ان تحافظ الدولة على استقرارها الاقتصادي لحماية مواطنيها من الفقر.. لكن بالمقابل يجب ان نضع اعتبارات، كما تفضلت وذكرت ماحدث باليابان، وهذه الاعتبارات لا بد ان تزن احتياطي الخارج للدعم بالداخل ولا يكون صرفنا مجرد للانقاذ.
وشاكر لك على طرح هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات.. واستفدنا منك الكثير.
شكرا استاذ حمام على تعلقاتك الدقيقة جدا. وهذا ردي عليها.
ردحذفبالسنبة للملاحظة رقم 1، أنت تتحدث عن فترة انشاء فقط، أنا أقصد اقامة مشروع، أي انشاء وتشغيل. من ناحية أخرى فانه حتى في مرحلة الانشاء فإن ذلك يتم اساسا من خلال شركات وطنية، وأخيرا فإن العمالة الوطنية غائبة في هذه المرحلة تحت أي ظرف من الظروف، وأتفق معك في انه ربما في هذه المرحلة ليس من المتوقع اثر ايجابي على عملية التوظيف للعمالة الوطنية.
بالنسبة للملاحظة رقم 2، لا خلاف على ذلك، ولا أحد ينادي بهدر المال العام في تمويل مشروعات غير مأمول في استعادة عافيتها في القطاع الخاص. ولكن عملية الانقاذ امر حيوي ومطلوب شئنا أم أبينا حتى تنقشع الازمة ونخف آثارها، وعملية المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص حاليا تمارسها أعتى الدول الرأسمالية، وهناك حديث حاليا عن موجات من التأميم الاجباري للشركات في القطاع الخاص املتها ظروف الأزمة، وأخيرا فان مقترحاتك في هذا الصدد في محلها تماما.
بالنسبة للملاحظة رقم 3، في ظل الهيكل الحالي فإن عملية التعيين اصبحت شبه حق دستوري للمواطن في ظل ضعف قدرة القطاع الخاص على استيعاب المزيد من العمالة الوطنية الداخلة لسوق العمل، وحتى ترتفع قدرة القطاع الخاص على تشغيل الداخلين الجدد من العمالة الوطنية سوف تظل الحكومة هي الملجأ الاخير للمواطن. وعلى ذكر هذه النقطة بالذات فان ارقام المستقبل تعد مرعبة، فيما يتعلق بأعداد الداخلين الجدد لسوق العمل من كافة التخصصات بعد أن امتلأت المصالح الحكومية عن بكرة أبيها بالموظفين. ليس هناك من بد الآن سوى اجبار القطاع الخاص بأي صورة من الصور على اعطاء الاولوية للعمالة الوطنية قبل استقدام عمالة من الخارج، والا فان ارقام البطالة في الكويت قد تصبح الاكبر في الدول العربية.
أتفق تماما مع ضرورة ترشيد عملية الانقاذ، ولكن ذلك لا يعني انها غير مطلوبة، كما ذكرت آنفا، الكويت حالها حال كافة دول العالم مطالبة حاليا باتباع سياسات للتحفيز المالي للتخفيف من آثار الازمة، وهذا ما تفعله كل دول العالم حاليا، والا فان آثار الازمة سوف تكون اخطر مما يتصور أحد.
شكرا لردك على الملاحظات المذكورة.
ردحذفمقالة تفاعليه مع نفس القضية نشرت اليوم..
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=468586&date=28012009