السوق العالمي للنقد الأجنبي
نشر بنك التسويات الدولية تقريره الذي يصدره كل ثلاث سنوات عن تقديرات حجم المعاملات اليومية في السوق العالمية للنقد الأجنبي، والذي يستند إلى مسح تشترك فيه البنوك المركزية والمؤسسات النقدية الرئيسة في العالم، ويشمل حجم التعاملات اليومية في سوق النقد الأجنبي العالمي جميع الاستخدامات وبجميع العملات في هذا السوق، وقد اشترك في المسح الذي يجريه بنك التسويات الدولية لغرض إعداد تقرير هذا العام 53 بنكا مركزيا ومؤسسة نقدية، وتمثل أهم البنوك والمؤسسات النقدية في العالم، منها مؤسسة النقد السعودي ومؤسسة النقد البحريني وهما المؤسستان الوحيدتان من المنطقة العربية اللتان تشتركان في هذا التقرير، ويعرض تقرير هذا العام أكثف التقديرات لحجم التعاملات اليومية بالنقد الأجنبي.
تنبع أهمية هذا من استجلاء تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية على سوق النقد العالمي، بصفة خاصة الدولار الأمريكي، الذي يتعرض لضغوط كبيرة منذ بداية الأزمة المالية العالمية، ومطالب باستبداله بعملة عالمية أخرى، غير أن نتائج التقرير كانت مفاجئة في إجمالي التداولات اليومية من النقد الأجنبي ونسبة الدولار الأمريكي في حجم هذه التعاملات، الذي يثبت يوما بعد يوم أنه عملة التبادل الأساسية في العالم.
السوق العالمي للنقد الأجنبي هو أكبر أسواق العالم على الإطلاق، ولا يضاهيه في ذلك أي سوق آخر بما في ذلك السوق العالمي للنفط الخام أو الذهب، حيث تبلغ التقديرات الأولية لمتوسط حجم التعامل اليومي في هذا السوق وفقا لبنك التسويات الدولية 5.345 تريليون دولار كل 24 ساعة، وهو بكل المقاييس رقم أسطوري، حيث يعني ذلك أن متوسط حجم الكميات التي يتم تبادلها في الساعة يبلغ 222.7 مليار دولار، أو 3.7 مليار دولار في الدقيقة الواحدة. في عام 2010 بلغ متوسط إجمالي المعاملات اليومية 3.969 تريليون دولار، أي أنه خلال السنوات الثلاث السابقة حقق السوق العالمي للنقد الأجنبي نموا بمعدل 34.7 في المائة، أو بمعدل نمو سنوي متوسط 11.6 في المائة، وهو معدل نمو كبير يفوق متوسط معدلات النمو الاقتصادي العالمي ومعدلات النمو السنوي في التجارة الدولية.
تتوزع المعاملات اليومية في النقد الأجنبي بين معاملات السوق الحاضر أو الفوري Spot 2.046 تريليون دولار يوميا بنسبة 34 في المائة من إجمالي المعاملات، ومعاملات الترتيبات المتبادلة في النقد الأجنبي Swaps 2.228 تريليون دولار بنسبة 41.7 في المائة، وعقود الخيارات Options 337 مليار دولار بنسبة 6.3 في المائة، والعقود الآجلة 680 مليار دولار بنسبة 12.7 في المائة. من بين هذه المعاملات كان نحو 42.3 في المائة يتم داخل حدود الدول ويقدر بـ 2.259 تريليون دولار، مقارنة بنسبة 35.1 في المائة في 2010، بينما بلغت المعاملات خارج حدود الدول 3.086 تريليون دولار، أي بنسبة 57.7 في المائة، مقارنة بنسبة 64.9 في المائة في عام 2010، أي أن نسبة المعاملات خارج الحدود في النقد الأجنبي قد تراجعت بشكل واضح، وهو الأمر الذي يمكن أن نعزوه إلى ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية.
أما عن الأهمية النسبية للعملات الدولية المستخدمة في تسوية هذه المعاملات، فإن التقرير يشير إلى أن الدولار ما زال عملة العالم الأساسية، بل إن أهميته النسبية في سوق النقد الأجنبي العالمي تزايدت على الرغم من كل ما يحدث، فوفقا للتقرير فإن متوسط قيمة العمليات التي تمت بالدولار الأمريكي مع العملات الأخرى بلغ 4.652 تريليون دولار أي بنسبة 87 في المائة من المعاملات اليومية في النقد الأجنبي، مقارنة بنسبة 85 في المائة من المعاملات المالية الدولية في عام 2010، بالطبع يلي الدولار في الأهمية اليورو الأوروبي، والذي بلغ حجم التعامل اليومي به 497 مليار دولار بنسبة 8.3 في المائة من إجمالي المعاملات اليومية، وبالرجوع إلى التقرير الماضي في 2010، نجد أنه على الرغم من زيادة حجم التعامل اليومي باليورو في 2013 عن 2010، حيث كان حجم المعاملات اليومي 452 مليار دولار، فإن نسبة التعاملات باليورو قد انخفضت من 11.4 في المائة في عام 2010، إلى 8.3 في المائة فقط في 2013. كما احتل الين الياباني المركز الثالث من حيث الأهمية النسبية، حيث بلغ حجم التعامل اليومي فيه 106 مليارات دولار بنسبة 2 في المائة، وتمثل هذه العملات الثلاث نحو 97 في المائة من إجمالي المعاملات اليومية في السوق العالمي للنقد الأجنبي، أما أهم العملات الأخرى التي يتزايد ثقلها الدولي فهي الدولار الأسترالي والفرنك السويسري والدولار الكندي، وهي العملات التي يطلق عليها حاليا الأحصنة السوداء.
أما بالنسبة لمتوسط حجم التعامل اليومي بالنقد الأجنبي في المملكة فقد قدر بنحو خمسة مليارات دولار يوميا، تمثل نحو 0.1 في المائة من اجمالي المعاملات اليومية في السوق العالمي للنقد الأجنبي، وقد احتل الريال الترتيب 34 من بين العملات التي يشملها التقرير دوليا، وهو العملة العربية الوحيدة التي لها تصنيف في العملات الدولية المستخدمة عالميا.
بالنسبة للأهمية النسبية لمراكز النقد الأجنبي في العالم، فإن مركز لندن في المملكة المتحدة ما زال يمثل أكبر مركز لمعاملات النقد الأجنبي في العالم وهو كذلك من الناحية التاريخية، بل وتتزايد أهميته على نحو مستمر، من نحو 32.6 في المائة في عام 1998، إلى 40.9 في المائة هذا العام، في الوقت الذي تحتل فيه الولايات المتحدة المركز الثاني، حيث مثلت المعاملات اليومية 18.9 في المائة من إجمالي المعاملات اليومية، تليها سنغافورة بنسبة 5.7 في المائة ثم اليابان بنسبة 5.6 في المائة. أما على النطاق العربي فقد بلغت المعاملات اليومية في البحرين تسعة مليارات دولار تمثل 0.15 في المائة من إجمالي المعاملات الدولية، تليها السعودية، حيث تبلغ المعاملات اليومية نحو خمسة مليارات دولار، تمثل نحو 0.1 في المائة من إجمالي المعاملات في النقد الأجنبي في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق