نشر في جريدة القبس يوم الثلاثاء 13/10/2009
اليوم 11/10/2008 صدر التقرير الإقليمي لصندوق النقد الدولي عن مجموعة دول الشرق الأوسط ووسط آسيا. وقد خصص الصندوق جانبا من التقرير لتحليل أداء البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون خلال الأزمة المالية العالمية. وقد أشار التقرير إلى حدوث نمو جوهري للبنوك الإسلامية في السنوات الأخيرة بصفة خاصة في الإمارات العربية المتحدة والإمارات، وبشكل عام كان معدل نمو الأصول في البنوك الإسلامية أعلى من معدل نمو الأصول في القطاع المصرفي ككل، كذلك فإن نسبة أصول البنوك الإسلامية إلى إجمالي أصول القطاع المصرفي أصبحت نسبة جوهرية، وهو ما يعكس بالطبع الطلب المتزايد على المنتجات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية سواء أكان ذلك على المستوى المحلي في الإقليم أو على المستوى العالمي. ويقدر صندوق النقد الدولي أصول البنوك الإسلامية في الخليج بحوالي 850 مليار دولار. ولكن هل البنوك الإسلامية كانت اقل تعرضا للمخاطرة من البنوك التقليدية أثناء الأزمة المالية العالمية؟ الإجابة وفقا للتقرير هي لا! فوفقا للجدول رقم (1) فإن البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية واجهت هيكل مخاطر مماثلة أثناء الأزمة المالية العالمية، ذلك أن:
- هيكل المخاطر التي تتعرض لها العقود المتوافقة مع الشريعة كان متشابها مع ذلك الخاص بالعقود التقليدية.
- مخاطر الائتمان شكلت المصدر الرئيسي للمخاطرة في كلا النوعين من البنوك.
- يفترض أن البنوك الإسلامية، على العكس من البنوك التقليدية، لا تقوم بالاستثمار بأي شكل مباشر في المشتقات المالية أو الأدوات المالية الخاصة بالمؤسسات التقليدية، والتي كانت أكثر الأدوات تأثرا أثناء الأزمة المالية العالمية. غير أن المثير للاهتمام ان تحليل بيانات أكبر 50 بنكا في دول الخليج أظهرت أن تعرض البنوك التقليدية المباشر للاستثمار في الأسهم والمشتقات كان أيضا منخفضا جدا، بل ان درجة تعرض البنوك الإسلامية لهذا النوع من الأدوات كان 2% من أصولها بينما اقتصرت تلك النسبة على 1% بالنسبة للبنوك التقليدية في عام 2008. وقد اختلفت درجة التعرض للمخاطر المرتفعة بين البنوك الإسلامية والتقليدية، حيث تميل درجة تركز المخاطر للبنوك الإسلامية في بعض الدول في المنطقة. على سبيل المثال فان درجة تعرض البنوك الإسلامية لقطاعي العقار والإنشاء مرتفعة المخاطر كانت اقل في المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين، بينما كانت درجة تعرض البنوك الإسلامية لهذين القطاعين كانت أعلى بشكل جوهري في كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر (انظر الجدول رقم 2).
جدول 1: الحصة السوقية ومعدل نمو الأصول في البنوك الإسلامية والتقليدية في دول مجلس التعاون
الدولة | أصول البنوك الإسلامية إلى إجمالي الأصول في 2008 | معدل نمو الأصول في البنوك الإسلامية | معدل نمو الأصول في النظام المصرفي | الفترة |
السعودية | 35 | 33.4 | 19 | 2003–08 |
البحرين | 29.9 | 37.6 | 9.6 | 2000–08 |
الكويت | 29 | 23.2 | 14.3 | 2002–08 |
الإمارات | 13.5 | 59.8 | 38.1 | 2001–08 |
قطر | 11.5 | 65.8 | 31.9 | 2002–08 |
متوسط دول مجلس التعاون | 23.8 | 44 | 22.6 |
المصدر: IMF (2009) Regional Economic Outlook Middle East and Central Asia October 2009.
ولكن كيف كان أداء المجموعتين أثناء الأزمة؟
لقد انخفضت ربحية البنوك بشكل عام في دول مجلس التعاون في عام 2008، والنصف الأول من 2009، وبصورة متشابهة بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية. وبمعنى آخر فان الأزمة حملت نفس التأثير تقريبا على كلا النوعين من البنوك. فعلى الرغم من أن التأثير المبدئي للازمة على البنوك التقليدية كان أعنف في بداية الأزمة مقارنة بالبنوك الإسلامية، خلال عام 2008، والذي يعكس الأثر المباشر للازمة في دورتها الأولى على أسعار الأصول المالية، ومن ثم انطلقت في هذا الوقت الحملات الاعلامية التي شهدناها في بداية نشوء الأزمة المالية عن أن القطاع المالي الإسلامي أكثر تحصنا في مواجهة الأزمة، وأن البنك الإسلامي لا يمكن أن يواجه هياكل مخاطر مماثلة للبنك التقليدي، لاختلاف طبيعة أدواته والفلسفة التي يعمل بمقتضاها البنك الإسلامي. ولكن النتائج التي حققتها البنوك الإسلامية في المرحلة اللاحقة أثبتت أن تلك الحملات كانت نوعا من الهراء. فالبيانات المتاحة عن النصف الأول من عام 2009 تشير إلى أن الانخفاض في مستويات الربحية في البنوك الإسلامية كان أكبر من البنوك التقليدية، والذي يرجع إلى أثر الدورة الثانية للأزمة على تراجع مستويات النشاط في الاقتصاد الحقيقي ومن ثم في القطاعات مرتفعة المخاطر مثل قطاع الإنشاء والعقار، بصفة خاصة في الإمارات العربية المتحدة وقطر، وهو ما يعني ان البنوك الإسلامية ليست محصنة، ضد الأزمات، كما يدعي البعض، وأن إدارات تلك البنوك من الممكن ان تعرض المستثمرين في تلك البنوك لمستويات عالية من المخاطر بتركيز استثماراتها في قطاعات مرتفعة المخاطرة.
ويختتم التقرير التحليل بالتساؤل عن أي مجموعة من البنوك أقدر على مواجهة الصدمات المعاكسة، هل هي البنوك التقليدية أم الإسلامية؟. الإجابة وفقا للبيانات المالية المعروضة في التقرير هي أن البنوك الإسلامية تتمتع فعليا بمستويات رسملة أعلى، حيث ترتفع معدلات كفاية رأس المال في تلك البنوك مقارنة بالبنوك التقليدية (باستثناء الإمارات العربية المتحدة)، كذلك فان البنوك الإسلامية تتمتع بمستويات سيولة أكبر من البنوك التقليدية، الأمر الذي يجعل تلك البنوك أكثر قدرة على مواجهة الصدمات السوقية أو الائتمانية بشكل أفضل، من ناحية أخرى فان مبدأ المشاركة الذي يشكل أساس عمل البنوك الإسلامية في الأدوات المتوافقة مع الشريعة (على الأقل من الناحية النظرية) يمكن البنوك الإسلامية من أن تحول جانبا من الخسائر إلى المستثمرين في تلك البنوك في حال وقوع تلك الصدمات.
جدول 2: بعض المؤشرات للبنوك الإسلامية والنظام المصرفي في دول مجلس التعاون (% في عام 2008)
السعودية | الكويت | الإمارات | البحرين | قطر | متوسط دول المجلس | |||||||
البيان | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك | البنوك الإسلامية | إجمالي البنوك |
معدل كفاية رأس المال | 22.1 | 16.0 | 21.7 | 16.0 | 12.8 | 13.3 | 24.5 | 18.1 | 17.9 | 15.6 | 19.8 | 15.7 |
التغير في الربحية (2008-2009) | 2.0 | -11.8 | -42.7 | -70.1 | 0.7 | 7.9 | 18.8 | -4.6 | 4.5 | 21.7 | -6.6 | -13.9 |
التغير في الربحية (النصف الأول من 2009 مقارنة بنفس الفترة في 2008) | 2.9 | -11.9 | -71.9 | -65.3 | -34.2 | -19.5 | -46.5 | -33.7 | 0.0 | 5.1 | -29.0 | -23.5 |
التغير في الربحية في عام 2008 والنصف الأول من 2009، مقارنة بعام 2007 | 4.3 | -7.2 | -49.7 | -65.8 | -0.8 | 10.0 | 8.2 | -3.2 | 2.8 | 25.4 | -8.8 | -10.2 |
العائد على الأصول | 3.7 | 2.1 | 1.6 | 3.2 | 1.7 | 2.2 | 2.6 | 1.3 | 6.6 | 2.6 | 3.2 | 2.3 |
التعرض لقطاع العقار والإنشاء (كنسبة من إجمالي القروض) | 5.6 | 7.3 | 22.1 | 31.4 | 25.7 | 12.9 | 11.3 | 26.2 | 38.3 | 18.4 | 20.6 | 19.2 |
المصدر: IMF (2009) Regional Economic Outlook Middle East and Central Asia October 2009.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق