في ليلة الوقوف بعرفة وقدوم عيد الأضحى المبارك انتشرت أخبارا سيئة عن طلب إمارة دبي تأجيل دفع حوالي 60 مليار دولارا من الديون المستحقة عليها بتاريخ 14 ديسمبر القادم، والذي نظر إليه من قبل العديد من المستثمرين في العالم على انه بمثابة إعلان إفلاس من الناحية الفنية. التقديرات المتاحة تشير إلى ان إجمالي ديون الإمارة ربما يتراوح بين 80-100 مليار دولار، وهو ما يعني ان المواطن الذي يعيش في الإمارة يعد اكبر شخص مدين بين سكان في العالم، وذلك أخذا في الاعتبار متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي. الإعلان عن طلب تأجيل سداد ديون الإمارة ليس من المتوقع ان يحدث آثاره على أسعار الأصول المالية في الخليج، والأصول العقارية في الإمارة، بصفة خاصة في مشروع "نخيل"، إلا بعد انتهاء أجازة عيد الأضحى، حيث من المتوقع ان تشهد الأسعار تراجعا واضحا في بورصات دول الخليج.
غير أن أسواق المال العالمية، والتي تعمل حاليا، قد شهدت تراجعا مباشرا بعد الإعلان، حيث دفع ازدياد القلق حول مستقبل الإمارة عمليات البيع المكثف في كافة أنحاء العالم لتفادي الآثار التي يمكن أن تترتب على تعثر الإمارة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تراجع المؤشر الأساسي للمستقبليات بصورة واضحة كرد فعل لأخبار الأزمة المالية في الإمارة. وفي آسيا كانت الأسواق تسبح في بحر من اللون الأحمر، بسبب القلق من آثار أزمة دبي، حيث تزايدت عمليات شراء السندات الحكومية وازدادت مبيعات الأسهم. فقد انخفض مؤشر نيكاي في اليابان بنسبة 3.22%، وتراجع مؤشر توبيكس بحوالي 2.24%. وفي هونج كونح تراجع مؤشر Hang Seng بحوالي 4.8%، حيث تراجعت أسعار كافة الأسهم، بصفة خاصة أسهم البنوك. وفي كوريا الجنوبية تراجع مؤشر KOSPI بحوالي 4.7%. في استراليا تراجع مؤشر S&P/ASX200 بنسبة 2.9%، حيث تراجعت أسعار معظم الأسهم. وفي أوروبا تباينت ردة فعل الأسواق للأخبار السيئة عن الإمارة. أخبار تعثر دبي أضافت المزيد من الوقود إلى نار الأزمة المالية العالمية التي ما زالت مشتعلة، وفي وقت حرج جدا حيث يتحدث العالم عن استعداده للخروج من الأزمة. سوف أتابع الكتابة عن أزمة الإمارة لاحقا.
ولكن هل من الممكن ان يؤدي تعثر دبي إلى تراجع معدلات خروج العالم من الأزمة الحالية. في رأيي، أن اثر تعثر دبي سوف ينحصر في مجموعة محدودة من المؤسسات المالية العالمية، وكذلك في إقليم الخليج، وأنه ربما تنهض أبو ظبي لمساعدة الإمارة الشقيقة، وهي قادرة على القيام بذلك بسهولة، وذلك حفاظا على ثقة العالم الائتمانية بالدولة ككل. وأعتقد ان مسيرة استعادة النشاط الاقتصادي العالمي وخروج العالم من الأزمة سوف تستمر على الرغم من تعثر دبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق