حقق الدين الأمريكي في الأشهر الأخيرة معدلات نمو مثيرة للقلق، وذلك من الناحية المطلقة. السبب الرئيس في هذا النمو هو العجز المتصاعد في الميزانية العامة للولايات المتحدة والذي اخذ منحى خطيرا في الأشهر القليلة السابقة، ففي ابريل الماضي تم تحقيق رقمين قياسيين بالنسبة لعجز الميزانية، الأول هو أكبر عجز شهري في تاريخ الولايات المتحدة (82.7 مليار دولارا) لهذا الشهر من السنة، والثاني هو تحقيق عجز مستمر ومتواصل لمدة 19 شهرا متصلة. النتيجة الطبيعية لمثل هذه التطورات هو أن يقفز الدين العام بصورة كبيرة، وهذا ما تؤكد الأرقام المتاحة لدينا حاليا عن تطور الدين العام الأمريكي. من الناحية العملية أصبحت إضافة تريليون دولار إلى رصيد الدين العام القائم تستغرق وقتا ضئيلا جدا بالقياس إلى الاتجاه العام للدين الأمريكي.
فيما يلي بيان بالسلم الزمني المثير للاهتمام حول الوقت الذي يستغرقه الدين العام الأمريكي لكي ينمو بمعدل بتريليون دولار واحد، مصحوبا بعدد الأشهر التي استغرقها الأمر لزيادة هذا التريليون بالأشهر.
السلم الزمني الموضح أعلاه يوضح أن المدى الزمني الذي استغرقه الأمر لإضافة تريليون من الثلاثة تريليونات الأخيرة التي أضيفت إلى الدين العام الأمريكي يبلغ في المتوسط حوالي 7 أشهر. أي أنه منذ سبتمبر 2008 يتم إضافة تريليون دولارا إلى الدين الأمريكي القائم كل 7 أشهر، وهو معدل مرتفع جدا. والآن، هل ستستمر الزيادة في الدين العام على هذا النحو؟ الإجابة هي بالتأكيد لا. لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر على هذا النحو، وهذه الزيادات في الدين العام هي زيادات استثنائية، أي أنها لا تعكس الاتجاه العام للدين العام الأمريكي نظرا للظروف غير العادية التي تواجهها الولايات ا لمتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن إجمالي الدين العام القائم حاليا على الولايات المتحدة يبلغ 13.05 تريليون دولار، صافي الدين العام الذي يملكه الجمهور 8.6 تريليون، والباقي تملكه مؤسسات حكومية أمريكية.
مدونة اقتصاديات الكويت ودول مجلس التعاون.
شكراً دكتور محمد
ردحذفالارقام مخيفة.
كيف ستقوم الولايات المتحدة بتسديد الدين فضلاً عن خدمة الدين (الفوائد).
حتى لو رجع الاقتصاد الاميركي الى سابق عهده. كعملية حسابية صعب أن تتخلص من هذاالدين الضخم.
سؤال، دكتور:
لماذا لا تقوم الولايات المتحدة بطباعة الدولارات، بهدف تسديد الدين، وفي نفس الوقت يحدث تضخم للعملة وينخفض الدولار امام الين الصيني، واليورو الأوروبي. وبالتالي الحصول على ميزة لتقوية صادراتها للخارج، وتقليل العجز التجاري.
فتصريحات الولايات المتحدة دائماً ما تركز على انخفاض العملة الصينية. والآن مع ازمة اوروبا بدأ اليورو بالانخفاض، فهل ستصيح أميركا من يورو منخفض. ولما لا تستخدم أميركا سلاح طباعة الدولارات اذا كانت صادقة بأن انخفاض العملات الآخر هو سبب العجز التجاري.
المقصود بالطباعة هو الطباعة المتزنة، بحيث تؤدي إلى انخفاض معقول في العملة، وليس الطباعة على غرار رئيس زيمبابوي لتصبح سعر الدجاجة 25 ترليون دولار زينبابوي.
شكرا استاذ عباس، نعم الارقام مخيفة، ولكن ليست كارثية. ومن المؤكد أن امريكا ستتعامل مع مشكلة الدين عندما تنعكس الاوضاع الحالية، مرة أخرى ليس المهم هو حجم الدين ولكن المهم هو نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي.
ردحذفبالنسبة لطباعة الدولار، أمريكا فعلت هذا في العام الماضي وطبعت ما يزيد عن التريليون دولارا، وهي بصدد سحب هذه الكميات من الاقتصاد الامريكي في وقت لاحق في المستقبل. ولكن طباعة النقود سياسة محفوفة بالمخاطر، ولا تلجأ اليها الولايات المتحدة لمعالجة مشكلة ديونها. أمريكا يهمها هو ان الدولار الذي تطبعه يلاقي قبولا عالميا، وكذلك يهمها عندما تصدر ادوات دين لتقترض بمقتضاها أن تجد من يرغب في شراءها، وكل هذا لا يتم في ظل تبني الولايات المتحدة سياسة لطباعة النقود ومن ثم خلق ضغوط تضخمية.
الاحتياطي الفدرالي له مستهدفات محددة تتعلق بمستوى التضخم، وهو حاليا 2%، ومن ثم فان اقصى نمو في الككمية التي يمكن أن تطبعها امريكا في الظروف العادية هي معدل نمو الناتج مضافا اليهاومعدل التضخم المستهدف، وهو ما يمثل القيد الحالي على الكميات التي يمكن طباعتها من النقود.
شكراً دكتور.
ردحذفهل نفهم: أن من مخاطر طباعة الدولار تراجع قبول الدولار عالمياً، وتراجع الراغبين بأدوات الدين الأميركي.
بمعنى، أن الذي اشترى سندات بفائدة 5 %. ونفترض انه حدث تضم من طباعة الدولار بنسبة 6%. يعني أن المشتري خسر 1% من قيمة استثماره في السندات ولم يربح، وبالتالي يعزف أو ينفر من شراء الدين العام الاميركي.
سؤال دكتور: افلاس البنوك وصل إلى مستويات مرتفعة على الرغم من السياسة النقدية التوسعية، فهل تعتقد أن تتضاعف حالة الافلاس عندما يبدأ الاحتياطي الفيدرالي باتخاذ سياسة انكماشية لسحب التريليون الدولار؟ وكيف سيكون وضع البنوك؟
معذرة، دكتور، نحن دائماً ما نسأل اسئلة تسطيحية لامور معقدة. لأننا لم ندرس الاقصاد، ونحاول ان نفهم ما يجري حولنا.
أخي الفاضل الاستاذ عباس
ردحذفلا يوجد شيء اسمه اسئلة تسطيحية لأمور معقدة، بالعكس اسئلتك مهمة جدا، وأنا أقدر حرصك على المعرفة وواجبي أن اجيب على كل سؤال بأقصى ما استطيع.
أعود لسؤالك.
نعم مخاطر طبع الدولار خارجيا هي تراجع قبول الدولار عالميا وتراجع الاقبال على الاستثمار في ادوات الدين الامريكي، لأن الاستثمار في هذه الحالة من الناحية الحقيقية (معدل الفائدة مطروحا منه معدل التضخم على الدولار الذي سينشأ نتيجة طباعته) سوف يجعل ادوات الدين الامريكي غير جذابة للمستثمرين الاجانب (إذا كانت المخاطر متعادلة بين ادوات الدين المختلفة). لذلك تحرص أمريكا على ان تكون معدلات طباعة الدولار متوافقة مع معدلات النمو في الناتج المحلي الحقيقي ومعدل التضخم المستهدف.
بالنسبة لإفلاس البنوك، هي مشكلة حاليا في الولايات المتحدة، ومن المتوقع كما اشرت أكثر من مرة أن تتزايد أعداد البنوك التي ستفلس هذا العام، لكن ليس هناك أي قلق على القطاع المصرفي الامريكي من عمليات الافلاس على الرغم من ارتفاعها، والسبب يرجع الى ضخامة هذه القطاع، فهو أكبر قطاع مصرفي في العالم، وثانيا أن أغلب البنوك التي تعلن افلاسها هي من البنوك صغيرة الحجم، وثالثا أن الحكومة لديها خط دفاع ضد افلاس البنوك والمتثل في الصندوق الفدرالي للتأمين على الودائع الذي يتولى تعويض المودعين عن أي خسائر تنتج عن افلاس البنوك.
سحب التريليون لن يتم بين يوم وليلة، وانما سيتم هندسته، وفقا لبرنانكي، بطريقة لا تترك اي أثر على النشاط الاقتصادي المحلي في أمريكا. غير أن امريكا لم تبدأ هذه العملية، حسب آخر المعلومات المتاحة لدي.
تحياتي