بالأمس تناولت بالتعليق ملاحظتي الأولى على هيكل الودائع في المصارف السعودية، الذي يختلف عن النمط المتوقع في النظم المصرفية في العالم كما أسلفت. ملاحظتي الثانية هي أن ارتفاع نسبة المودعات الجارية تعكس قيم المودع السعودي الذي ينظر إلى الفوائد على المودعات لأجل لدى المصارف على أنها نوع من الربا، وبحكم أن الغالب الأعم من المودعين ملتزمون دينيا، فيحاولون البعد عن الشبهات من خلال الاحتفاظ بمودعاتهم في صورة جارية، الأمر الذي يعد في مصلحة المصارف لأنها تحصل على الأموال بصورة مجانية تقريبا، والمصارف كما هو معروف مجرد وسيط مالي يحقق أرباحه من هامش الوساطة بين تكلفة الأموال التي يحصل عليها والعائد على الأموال التي يستثمرها.
للأسف، مثل هذا الوضع يعكس حقيقة مهمة وهي أن المصارف السعودية لا تبذل جهدا لتقديم الحلول المالية المناسبة لهذه الشريحة العريضة من المودعين على النحو الذي يمكنها من التمتع بمزايا السيولة، وفي الوقت ذاته تحقيق عوائد على هذه المودعات، ومن المؤكد أن المصارف لا ترغب في أن تقوم بذلك طالما أنها مستفيدة من هذا الوضع، كما أنها أيضا لن تبذل أي جهد لتطوير حلول مالية في هذا الاتجاه. لذلك أعتقد أنه ينبغي على مؤسسة النقد السعودي النظر في إمكانية تطوير حلول مالية تناسب هذه الشريحة العريضة من المودعين بما لا يغبن حقهم في الحصول على عوائد مناسبة على مودعاتهم السائلة وفي الوقت ذاته لا تخالف الشريعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق