أدت موجة العولمة التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة إلى زيادة كبيرة في أعداد السياح عبر مختلف دول العالم، وأصبح قطاع السياحة والسفر من أكثر قطاعات العالم نموا وأكثفها استخداما لقوة العمل. ومع ارتفاع مستويات الدخول في دول العالم الناشئ يتزايد مخزون السائحين من فئات وخلفيات وثقافات متنوعة والجاهزين لمناطق الجذب السياحي في العالم، في المقابل نجد أن هناك نموا واضحا في أنشطة الابتكار في المجال السياحي، بصفة خاصة إدخال المزيد من البرامج الموجهة نحو أشكال جديدة من السياحة، على سبيل المثال السياحة البيئية أو الطبيعية ecotourism، لتوفير تشكيلة متنوعة من البرامج السياحية والتي تناسب كافة الأذواق والدخول الأمر الذي ساعد في توسيع قاعدة مراكز الجذب السياحي عبر دول العالم، وباتت كل دولة في العالم مرشحة الآن لأن تكون نقطة جذب سياحي بغض النظر عن رصيد الآثار المتاح لديها تاريخيا، أو ما تتمتع به مزايا طبيعية، على سبيل المثال فإن مصر تملك حوالي ثلث آثار العالم القديم، ومع ذلك فإن نصيبها من أعداد السياح على المستوى العالمي محدود جدا، بل إن البرامج الجديدة التي أدخلتها في مجال السياحة مثل سياحة الغوص أو الاستجمام تجذب الجانب الأكبر من السياح إليها. من ناحية أخرى فإن توافر المعلومات عن حزم النشاط السياحي وازدياد الاتجاه نحو توفير برامج سياحية تضع في الاعتبار قيمة البرنامج بالنسبة للسائح مقارنة بأسعاره أشعل من نار المنافسة العالمية في مجال هذه الخدمة. إن ضخامة العوائد التي تتحقق من قطاع السياحة تفتح شهية كافة دول العالم نحو هذا القطاع لكي تجتذب أكبر عدد من الرصيد الكامن للسياح على مستوى العالم. في هذا المقال أتناول بعض القضايا الأساسية لوضع الكويت على خارطة السياحة العالمية.
أ. تشجيع المبادرين في مجال القطاع السياحي
تعد السياحة من القطاعات الخصبة في دولة الكويت، حيث لم تستغل إمكاناتها السياحية حتى الآن، وتحتاج الكويت إلى تطوير قدر مناسب من المشروعات في مجال النشاط السياحي سواء من خلال الحكومة أو القطاع الخاص. بصفة خاصة تحتاج الكويت إلى فتح المجال أمام المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم لكي تمارس دورا فعالا في تقديم الخدمات السياحية. ومما لا شك فيه ان الدور الأساسي في هذه العملية يعتمد على وزارة التجارة، من خلال التزامها بدعم المبادرين في مجال السياحة بصفة خاصة من القطاع الخاص. وبشكل عام تتمثل أهم الأهداف الإستراتيجية في هذا المجال في الآتي:
• خلق مناخ أعمال مناسب يمكن ان تعمل فيه المشروعات السياحية بسهولة ويسر.
• إنشاء برنامج لدعم المبادرين في مجال القطاع السياحي في وزارة التجارة، يعمل جنبا إلى جنب مع كافة البرامج الأخرى في الكويت التي تهدف إلى تشجيع المبادرين في القطاع الخاص، وبدعم من أجهزة دعم المشروعات الصغيرة وحاضنات المشروعات.
• إنشاء برنامج للتسويق لتسهيل وصول تلك المشروعات السياحية الكويتية للأسواق العالمية، وجعل الوصول إلى المعلومات عن الأسواق العالمية أكثر سهولة ويسرا لكافة المشروعات في القطاع.
• تطوير إستراتيجية لدعم نمو المشروعات صغيرة ومتوسطة الحجم في مجال السياحة.
ب تشجيع فرص الاستثمار ووضع السبل اللازمة لتحفيز الاستثمار في مجال السياحة.
ان السياحة كقطاع مبتدئ يحتاج إلى تدفق مستمر من الاستثمارات الجديدة في القطاع، وتحتاج الكويت إلى تعزيز الاستثمار في قطاع السياحة من خلال توفير تشكيلة واسعة من الحوافز للاستثمار في مجال السياحة، وتتمثل أهم الأهداف الاستراتيحية في:
• وضع حزمة متكاملة لتشجيع الاستثمار في مجال السياحة، وتوفير المعلومات المناسبة للمستثمرين من خلال إنشاء قاعدة بيانات مكثفة عن فرص الاستثمار السياحي في دولة الكويت، متضمنة الإحصاءات السياحية المناسبة، والمواد المتعلقة بتشجيع السياحة.
• تنشيط برامج التشجيع المؤقت للنشاط السياحي من خلال إرخاء بعض الإجراءات خلال مواسم أو فترات محددة للأنشطة السياحية في مواسم أو مناسبات محددة.
• إعطاء الأولوية في مجال التمويل للقطاع السياحي وبتكلفة تمويل مدعمة.
• توفير البنى التحتية اللازمة لتشجيع الاستثمار في مجال السياحة.
ج. التركيز على الشريحة المرتفعة الدخل من السياح وتوفير فرص الخدمة للمواطنين
من الواضح ان السياح ذوي الدخل المرتفع يميلون إلى إنفاق قدر أكبر من دخلهم المتاح على الخدمات السياحية في المناطق السياحية التي يقومون بزيارتها، ومن ثم فإن استرتيجية السياحية يجب أن تكون منصبة بصفة أساسية على هذه الشريحة من السياح، غير أنه تنبغي الاشارة إلى أن الخدمات السياحية يجب أن تكون متاحة للمواطنين بأسعار معقولة في وطنهم الأم الكويت. وتتمثل الأهداف الإستراتيجية في الآتي:
• جذب السياح ذوي الدخول المرتفعة من سوق السياحة العالمي، من خلال استهداف هذه الشريحة ببرامج سياحية تتوافق مع أذواقهم، وخدمات نقل جوي ذات جودة مرتفعة من كافة مناطق الجذب السياحي ذات الدخل المرتفع المستهدفة، وتسهيلات سكن مناسب، ووسائل نقل مرتفعة الجودة.
• التركيز على نوعية السياح وليس عددهم كأحد المستهدفات الأساسية للحكم على نجاح خطة الترويج السياحي في دولة الكويت.
• القيام بعمل البحوث اللازمة حول المناطق التي يمكن استهدافها بخطة الترويج السياحي من سوق السياحة العالمي، والشرائح التي يمكن تنميتها في تلك الأسواق، ووسائل تنمية تلك الشرائح.
د. إدارة الآثار السلبية المحتملة للسياحة
من المهم في أي دولة تجعل من النشاط السياحي أحد خياراتها الاستراتيجية لتنويع مصادر الدخل أن تتعامل مع الآثار السلبية المحتملة للقطاع السياحي على الدولة، من خلال الاهتمام بقضايا الحفاظ على البيئة والحفاظ على الهوية القومية، والتأكد من عدم تضرر النسيج الاجتماعي من النشاط السياحي، وبشكل عام تتمثل أهم الأهداف الإستراتيجية في الآتي:
• إدارة الآثار الاجتماعية لنمو النشاط السياحي في دولة الكويت بصفة خاصة على العاملين من المواطنين في القطاع من خلال وضع برامج متكاملة للتعامل مع الآثار المحتملة للنشاط السياحي عليهم.
• التأكيد على إدارة الانعكاسات السلبية للنشاط السياحي على المجموعات العمرية المختلفة، بصفة خاصة صغار السن.
• التأكيد على ضرورة مراعاة الضوابط الأخلاقية في تقديم الخدمات السياحية ومراعاة الخصوصية الثقافية والدينية والاجتماعية لدولة الكويت عند صياغة برامج الخدمات السياحية والنشرات السياحية عنها.
• إدارة الاستعدادات الصحية المناسبة لمواجهة الآثار السلبية التي يمكن ان تنعكس من انتقال الأمراض من القادمين من مختلفة دول العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق