تم أول أمس الاثنين 4 يناير 2010 افتتاح برج دبي الذي أصبح يحمل رسميا إسم برج خليفة بن زايد، وذلك في عيد جلوس الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على عرش الإمارة. برج خليفة سيدخل موسوعة جينيس باعتباره أعلى مبنى في العالم، حيث يبلغ ارتفاع المبنى 828 مترا والذي يرتفع 160 طابقا وبلغت تكلفته النهائية 1.5 مليار دولار، بهذا الشكل أصبح برج Taipei 101 في تايوان والذي كان يعد أطول مبنى في العالم حتى أول أمس، قزما بالنسبة لبرج خليفة، حيث يرتفع برج خليفة عن هذا البرج بحوالي 320 مترا، أي بمقدار ناطحة سحاب.
أطول المباني في العالم يبدو أنها تعاني من لعنة مثل لعنة الفراعنة، حيث تشترك هذه المباني في خاصية مهمة أنها معظمها تقريبا أنشأت في وقت ازدهار النشاط الاقتصادي في الدول التي أنشأت فيها، وعندما يتم افتتاحها يتراجع النشاط الاقتصادي في تلك الدول بصورة واضحة أو تواجه أزمة اقتصادية عند الافتتاح.
عندما بدأ إنشاء برج دبي منذ خمس سنوات كانت الإمارة في أوج فورانها الاقتصادي، حيث بلغ معدل النمو السنوي للناتج في عام 2005 حوالي 9.7%. وعندما تم الافتتاح كانت الإمارة على حافة الإفلاس لولا المساعدة السخية للشقيقة الكبرى أبو ظبي، وفي عام 2009 تراجع معدل نمو الإمارة إلى حوالي 0.2%، ويتوقع إلا يزيد عن 2.4% في 2010. برج خليفة ليس البرج الوحيد الذي تم التخطيط لإنشاءه في أوقات الرواج، بينما تم افتتاحه في وقت الكساد.
لقد تكررت هذه الظاهرة في معظم أطول المباني في العالم، كما يتضح من الشكل التالي. فعندما تم إنشاء برجي بتروناس في ماليزيا، كان معدل النمو للناتج القومي 9.9%، وعندما تم افتتاح البرجين كانت آسيا تعاني من أزمة اقتصادية عنيفة، أدت إلى تراجع معدل نمو الناتج القومي في ماليزيا إلى سالب 7.4%. وعندما تم إنشاء برج Willis في شيكاغو كان معدل نمو الناتج القومي الأمريكي 3.1%، وعندما تم الافتتاح في عام 1974 تراجع معدل نمو الناتج القومي إلى سالب 0.6%، أما ناطحة السحاب الشهيرة Empire state في نيويورك فقد بلغ معدل نمو الناتج القومي عند إنشاءها 6.6%، وعندما تم افتتاح المبنى في 1931 كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من آثار الكساد العظيم حيث تراجع معدل نمو الناتج القومي إلى سالب 5.9%، ونفس الأمر تكرر مع ناطحة السحاب Chrysler Building في نيويورك الذي افتتح أثناء الكساد العظيم عام 1930 وكان معدل نمو الناتج القومي سالب 8.9%، أما قصة برجي مركز التجارة العالمي، فمعلومة للجميع. ظاهريا فيما يبدو أن بدء إنشاء تلك المباني العظيمة يكون مقدمة لتراجع النشاط الاقتصادي في تلك الدول التي تنشأ بها.
والواقع أنه يمكن تفسير هذه الظاهرة بسهولة، حيث من المعلوم ان الدورة الاقتصادية لها وجهان، رواج وكساد، والوضع المنطقي أنه عندما يتم اقرار انشاء مثل هذه المباني، فإن ذلك لا بد وأن يكون في فترات الرواج حيث ينتعش الاقتصاد وتسود التوقعات التفاؤلية حول مستقبل النشاط فيه. وبما أن عملية انشاء مثل هذه المباني تستغرق وقتا طويلا، فمن المحتم أن افتتاح مثل هذه المباني سوف يتم في الوجه اللاحق للدورة، أي بعد انتهاء الرواج ودخول الاقتصاد مرحلة الكساد، أي أنه عملية تعاقب زمني ليس إلا.
والواقع أنه يمكن تفسير هذه الظاهرة بسهولة، حيث من المعلوم ان الدورة الاقتصادية لها وجهان، رواج وكساد، والوضع المنطقي أنه عندما يتم اقرار انشاء مثل هذه المباني، فإن ذلك لا بد وأن يكون في فترات الرواج حيث ينتعش الاقتصاد وتسود التوقعات التفاؤلية حول مستقبل النشاط فيه. وبما أن عملية انشاء مثل هذه المباني تستغرق وقتا طويلا، فمن المحتم أن افتتاح مثل هذه المباني سوف يتم في الوجه اللاحق للدورة، أي بعد انتهاء الرواج ودخول الاقتصاد مرحلة الكساد، أي أنه عملية تعاقب زمني ليس إلا.
دكتور ما تعتقد ان هالناطحات السحاب ممكن انها تساهم في ازدهار اقتصاد الدول حتى لو كانت تعاني من ازمات؟
ردحذفمن وجهة نظري ان هالناطحات -مثل في حالة برج دبي- غير ان لها فايدة كعقار واستثمار فيه
النقطة الاهم ان هالناطحات تصير رمز حضاري للدولة مما يساهم في زيادة السياحة وجذب رؤووس الاموال للدولة
ويعطيك العافية
شكرا على التعليق
ردحذفليس لدي شك في الفائدة الحضارية والعائد الاقتصادي لمثل هذه المباني، ولكن اثارني الموضوع فأحببت أن أشرك القارئ معي في تلك الظاهرة الغريبة، من المؤكد أنها ربما تكون محض صدفة، أو ربما يمكن ان تفسر اقتصاديا من الناحية الزمنية لمتوسط فترات الدورات الاقتصادية والتي تعني أنه في المدى الزمني الذي يتم فيه الانتهاء من المبنى يكون الاقتصاد قد خرج من حالة الرواج ودخل على مرحلة الكساد، ومن ثم فانه من الممكن عند البدء في بناء مثل هذه المباني التي تستغرف وقتا طويلا من الزمن، بحيث يكون موعد افتتاحها في المرحلة الثانية من الدورة، أي الكساد.