الصين تستعيد معدلات نموها الاستثنائية، وتخرج نهائيا من الأزمة. معدل النمو المستهدف في الصين هو أن تصبح ثاني اكبر اقتصاد في العالم، بعد الولايات المتحدة في نهاية هذا العام. في الربع الرابع من العام 2008 وبالرغم من ظروف الأزمة بلغ معدل النمو 8.7%، من ناحية أخرى فإن معدل النمو في الربع الرابع من العام 2009 بلغ 10.7% وهو بكل المعايير معدل نمو مبهر، وتجربة فريدة أن تتحول دولة نامية وفي غضون فترة زمنية قصيرة إلى ثاني اكبر اقتصاد في العالم وتتخطى كافة الدولة المتقدمة، عدا الولايات المتحدة. خطة التحفيز المالي الضخم التي أقرتها الصين بمبلغ 586 مليار دولار ساعدت الاقتصاد الصيني على التغلب على ظروف الأزمة، ومن ثم على استقرار الأوضاع واستعادة معدلات النمو إلى مستويات مرتفعة كما كانت عليه الأوضاع قبل بداية الأزمة. إذا استمرت الصين في النمو بهذه المعدلات الاستثنائية فإن الوقت سوف يكون قصيرا جدا قبل أن تعلن الصين عن نفسها كأكبر اقتصاد في العالم.
التنين الصيني يثبت أنه لا يوجد أي قيود تمنع أي اقتصاد من أن يصبح تنافسيا ويخترق الأسواق العالمية بقوة وثبات شريطة ان تتوافر البنى التحتية الأساسية للنمو وأن يتوفر العزم على السير بخطى ثابتة نحو الانطلاق. نحتاج في الخليج بشكل عام وفي الكويت بشكل خاص إلى أن تتغير استراتجيات النمو لدينا بشكل جوهري، وأن نضع استراتيجيات جديدة للنمو تقوم على التوجه نحو الخارج، وأن يكون التصدير هو شعار تلك الاستراتيجيات، وأن نربط الحزام لبعض الوقت، وان نكبح طموحاتنا الاستهلاكية لكي نتمكن من أن نحافظ على مستويات استهلاكنا مرتفعة على المدى الطويل.
هناك ثلاث حقائق أساسية لا بد وأن يعلمها الجميع، وأن نتعامل معها بمنتهى الجدية والحزم؛ الحقيقة الأولى هي أن ثروتنا التي نملكها الآن هي ثروة مؤقتة، وليست ثروة دائمة، لأن هذه الثروة ناضبة أي أنها سوف تنتهي في يوم ما سواء بنضوب النفط تماما أو بتوصل العالم لبديل مناسب له، وأن كل يوم يمر يقربنا من هذا اليوم الذي يفترض أن نبلغه ونحن في حالة أمان تام مما يمكن أن يحمله لنا هذا اليوم من تهديدات. الحقيقة الثانية هي أننا بأوضاعنا الحالية لا نملك مقومات أن نستمر في المدى الطويل كدول تتمتع بمستويات رفاه مرتفعة في المستقبل الذي أصبح يحمل تهديدات حقيقية لمستويات رفاهيتنا. الحقيقة الثالثة هي أنه لا يوجد لدينا خيار آخر سوي أن نرفع شعار التغيير الحاسم لأوضاعنا الاقتصادية، لا بد وأن نتحول من دول تعيش على ما ينتجه باطن الأرض، إلى دول تعيش بصورة أساسية على ما ينتجه الإنسان والآلة، ولحسن الحظ نحن نملك والحمد لله الموارد المالية التي تمكننا من أن نمول خطط التحول الهيكلي اللازمة لذلك. كل ما نحتاج اليه هو أن نعمل جميعا من أجل هذا التغيير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق