وجهة النظر الكينزية في الكساد هي أن قطاعات المستهلكين وقطاع الأعمال والحكومة مجتمعة لا تقوم بالإنفاق الكافي أو المناسب، وفي الأزمة الحالية تراجع انفاق القطاع العائلي على المساكن بسبب انفجار بالون المساكن في امريكا وأوروبا، تبع ذلك تراجع الانفاق الاستثماري لقطاع الاعمال بسبب عدم ملائمة عملية اتخاذ قرارات بالاستثمار اذا كان حجم مبيعات قطاع الأعمال يتراجع، كذلك تراجع الانفاق الحكومي بسبب نقص ايرادات الحكومات المحلية وحكومات الولايات وكذلك الحكومة الفدرالية (بسبب انخفاض حصيلة الضرائب في ظل الكساد)، بالطبع مع تراجع مستويات الانفاق تقل مستويات التشغيل (أو التوظيف)، وبالتالي تأخذ معدلات البطالة في التصاعد، لأن المنتجين بالتبعية لن يقوموا بتوظيف عمال لإنتاج منتجات لا تجد طلبا عليها. باختصار الاقتصاد الأمريكي يواجه حالة تراجع ضخم في الطلب.
يقول بول كروجمان إن وجهة النظر هذه حول الاقتصاد الأمريكي تجد معارضة شديدة لدرجة أن بعض الاقتصاديين يرون أن الفكرة أصلا غير قابلة للمناقشة أو لا تستحق المناقشة، أو أنها نوع من الهراء. المشكلة كما يراها كروجمان أن هناك بعض الشخصيات ذات التأثير السياسي وفي عملية صناعة القرار لا تعتقد أنه من الممكن أن يواجه الاقتصاد طلب غير مناسب على كافة السلع والخدمات، ربما قد لا يكون هناك طلب كاف على بعض انواع السلع، لكن على كل انواع السلع فإن هذا امر غير متصور، والسبب في ذلك بسيط وهو أن الاشخاص لا بد وان يقوموا بإنفاق دخولهم على شيء ما ينتج في الاقتصاد.
وهذه هي الخرافة التي اطلق عليها كينز قانون ساي (نسبة الى الفيلسوف الفرنسي جين بابتست ساي صاحب قانون ساي والذي ينص على أن العرض لا بد وان يتساوي في أي لحظة مع الطلب، لأن العرض (الانتاج) يولد الدخول التي تخلق الطلب عليه)، أو ما يطلق عليها أحيانا وجهة نظر الخزانة (أي وجهة نظر الخزانة البريطانية وقت الكساد العالمي الكبير) والتي ترى أن أي انفاق حكومي لا بد وأن يوازيه انخفاض في الانفاق الخاص.
معارضو وجهة النظر الكينزية يرون أنه لا يمكن زيادة حجم الطلب الكلي ببساطة شديدة لأن الحكومة لكي تنفق دولارا لا بد وأن تجمع هذا الدولار في صورة ضريبة من الاقتصاد المحلي، أو تقترضه من الاقتصاد المحلي، ومن ثم فإن الحكومة عندما تقوم بالإنفاق في هذه الحالة فإنها لا تخلق الطلب، وانما تحول الانفاق من القطاع الخاص اليها، وعلى هذا الاساس فإن برامج الانفاق الحكومي لرفع مستويات الطلب لن تؤدي الى زيادة عمليات التوظيف (هذه الحجة التي ندرسها للطلبة تحت عنوان أثر المزاحمة Crowding out effect).
بول كروجمان يقول بأنه لا يؤمن بهذه النظرة، ولكن كيف يمكن اقناع الناس بأن هذه النظرة حول أثر الانفاق الحكومي على التوظيف خاطئة؟
من خلاصة قراءتي في كتاب End this recession now لبول كروجمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق