السبت، فبراير ١٦، ٢٠١٣

مصيدة السيولة Liquidity Trap


 
كانت استجابة الاحتياطي الفدرالي للأزمة الحالية بزيادة الأساس النقدي Monetary Base (كمية النقود المطبوعة من الدولار والتي يفترض أن تتواجد لدى البنوك كاحتياطيات أو في أيدي الأفراد كنقود سائلة)، غير أن الاحتياطي الفدرالي عندما قام بذلك، لم يقم بتسليم هذه السيولة للأفراد أو لقطاع الأعمال في الاقتصاد الأمريكي، وإنما قام الاحتياطي الفدرالي بإقراض هذه النقود للقطاع المصرفي، على أمل أن يقوم القطاع المصرفي بإعادة تدوير هذه النقود في الاقتصاد الحقيقي، وهذه هي الفكرة الأساسية التي تقف وراء التوسع النقدي.
من الناحية الفنية فإن زيادة عرض النقود تتم من خلال قيام البنك المركزي بشراء سندات من البنوك وبالتالي زيادة رصيدها النقدي، وهو ما يفترض أنه يؤدي إلى رفع درجة سيولة القطاعات، من خلال قيام البنوك بزيادة عمليات الإقراض لها، ويجعلها بالتالي تقوم بالإنفاق بصورة أكبر. لكن لاحظ أن زيادة عرض النقود لا تؤدي إلى زيادة ثروات الأفراد أو قطاع الأعمال، وإنما زيادة درجة السيولة التي يتمتعون بها وهو ما يشجعهم على زيادة الإنفاق بدون أن يقلقوا من انخفاض مستويات السيولة التي يتمتعون بها.
غير أنه من الناحية الواقعية لكي يحصل الأفراد وقطاع الأعمال على المزيد من السيولة لابد وان يقترضوها، بل وأن يدفعوا ثمنا في مقابلها وهو معدل الفائدة. وما يفعله البنك المركزي عند زيادة عرض النقود في سوق النقود هو الضغط على معدل الفائدة نحو التراجع، مما يشجع الإنفاق الاستهلاكي وكذلك الاقتراض بغرض الاستثمار.
ولكن ما هي المشكلة الأساسية التي تواجه البنك المركزي في أوقات الكساد؟ المشكلة هي أن هناك حدا أقصى لقدرة البنك المركزي على تخفيض معدل الفائدة، بعد هذا الحد تفقد السياسة النقدية كامل قوتها في التأثير على الاقتصاد، ويحدث ذلك عندما يصل معدل الفائدة إلى الصفر. عندما يصل معدل الفائدة إلى الصفر فإن الجميع، بما فيهم البنوك، سوف يفضل في هذه الحالة عدم إقراض النقود، ويفضل الاحتفاظ بالنقود في صورة سائلة لأن تكلفة الاحتفاظ بها سائلة هي أساسا صفر. ما حدث في الكساد الحالي هو أن معدل الفائدة تراجع بسرعة كبيرة نحو الصفر في خلال عام فقط بعد انطلاق الأزمة، ومع ذلك استمر الاقتصاد الأمريكي غارقا في الكساد، وهذا ما يطلق عليه أثر مصيدة السيولة Liquidity trap.
ماذا يعني ذلك، إن ذلك يعني أنه على الرغم من أن البنك المركزي اغرق الاقتصاد بالكاش، إلا أن هذا الكاش يظل في المصيدة (لدى الأفراد أو لدى البنوك) والتي تحول دون خروجه للدوران في جسد الاقتصاد الوطني ليشجع عمليات الإنفاق، ويظل بالتالي الطلب الكلي في الاقتصاد عند حدوده الدنيا، وتستمر بالتالي حالة الكساد.
من خلاصة قراءتي في كتاب End this Depression Now للاقتصادي بول كروجمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق