الجمعة، فبراير ٠١، ٢٠١٣

الأزمة الاقتصادية العالمية بين أمريكا وأوروبا.



عندما نقارن آثار الأزمة بين أوروبا والولايات المتحدة نجد أن الاثنان يعانيان من ارتفاع معدلات البطالة، ولكن أوروبا تعاني من معدلات أعلى، من ناحية أخرى فإن نمو الناتج في أوروبا كان أسوأ من أمريكا أيضا، وإن كانت معدلات النمو الأوروبي لا تسير على نفس النسق بين مجموعة الدول الأوروبية. غير أن بعض الدول الأوروبية تعاني من أزمة حقيقية، فمعدلات البطالة بين صغار السن تصل إلى مستويات مرتفعة للغاية في هذه الدول ففي إيطاليا، أي ما يتجاوز 28% في إيرلندا 30%، وفي إسبانيا 43%.
غير أننا إذا ما قارنا الآثار التي تترتب على البطالة بين المجموعتين سوف نجد أنه على الرغم من ارتفاع معدلات البطالة في أوروبا عن الولايات المتحدة إلا أن الأثار على العاطلين في الثانية أعمق، حيث تتسم الدول الأوروبية بانها تتبنى نظم رفاه أقوى من تلك السائدة في الولايات المتحدة، على سبيل المثال إذا فقد العامل وظيفته في الولايات المتحدة فإنها غالبا ما يفقد تأمينه الصحي، بينما لا تسير الأمور على هذا النحو في أوروبا حيث التأمين الصحي مضمون للجميع.
لكن مصدر القلق الحقيقي في أوروبا ينبع من أن دول الاتحاد النقدي قد اتفقت على إنشاء عملة موحدة بدون أن تستوفي شروط هذه العملة الموحدة بشكل كامل بصفة خاصة من الناحية المالية والسياسية، فالولايات المتحدة اتحاد نقدي، وكذلك أوروبا. ففي أوروبا نجد أن المناطق التي كانت تعاني من مشكلات اقتصادية قبل الأزمة هي نفسها اليوم التي تواجه ركودا حادا بعد الأزمة، بينما في الولايات المتحدة عندما تواجه احدى الولايات مشكلة فإن الحكومة الفدرالية تقف وراءها، على العكس من ذلك نجد في أوروبا نجد أن دولا مثل إسبانيا أو إيطاليا تواجه الأزمة بصورة منفردة، وبمساعدات محدودة.
ردة الفعل للأزمة في أوروبا كانت بشكل عام في صورة سياسات مالية تقشفية، والتي ترتب عليها رفع معدلات البطالة في أوروبا إلى مستويات مقاربة لمعدلات البطالة أثناء الكساد الكبير. وقد أدى ارتفاع معدلات البطالة في أوروبا إلى تحول سياسي، فالكساد العظيم هو الذي أتي بهتلر إلى السلطة كما يشير الكثير من المحللين، والذي تعمقت آثاره مع اتباع سياسات تقشفية في ألمانيا، ومع استمرار هذه الأزمة فإن القيم الديمقراطية في أوروبا ومؤسساتها تواجه بالفعل خطرا حقيقيا من التيارات المتطرفة التي سوف تجد في مثل هذه البيئة مرتعا خصبا لنموها، فالحركات المضادة للمهاجرين في نمو حاليا في أوروبا، والحركات القومية تتصاعد أيضا، وهناك إشارات إلى احتمال أن تنجح نظم الحكم الاستبدادية في العودة مرة أخرى، بل إن الحكم بالفعل في المجر قد تحول إلى حكم استبدادي في أعقاب الأزمة.
ولكن هل أمريكا معزولة عن مثل هذه المخاطر، الإجابة هي لا.
من خلاصة قراءتي في كتاب End this Recession Now.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق