من الناحية العلمية يعد صندوق الثروة السيادي صندوقا عاما تملكه حكومة الدولة صاحبة الصندوق، والهدف الأساسي منه هو توظيف الأصول الخارجية المتراكمة لدى الدولة إما بسبب فوائض ميزان المدفوعات أو فوائض الميزانية العامة للدولة. ومن الناحية العلمية لا يدخل ضمن موارد صندوق الثروة السيادي الاحتياطيات من النقد الأجنبي التي يمتلكها البنك المركزي والتي تخصص غالبا لأغراض التدخل في سوق الصرف الأجنبي (لتخفيف الضغوط على العملة المحلية نحو الارتفاع أو الانخفاض)، كما لا يدخل ضمن هذه الصناديق أصول صناديق التقاعد لموظفي الحكومة. والكويت هي أول دولة في العالم تقوم بإنشاء مثل هذه الصناديق عندما قامت في 1953 بإنشاء صندوق ثروة سيادي يهدف إلى حماية الاستقرار الاقتصادي المحلي من تقلبات أسعار النفط، عندما كانت صاحبة الريادة في الأفكار على مستوى الخليج.
ونظرا لضخامة أصول هذه الصناديق، وتزايد الدور الذي تلعبه عالميا، بصفة خاصة الصناديق التي تمتلكها الدول العربية النفطية، هناك قلق دولي من النمو المتزايد في هذه الصناديق، خصوصا فيما يتعلق بمستويات الشفافية التي تتمتع بها هذه الصناديق. ولطمأنة العالم نحو هذه الصناديق تم وضع ما يسمى بمبادئ سنتياجو لصناديق الثروة السيادية، والتي تهدف إلى تبني قواعد الشفافية والحوكمة بما يضمن سلامة إدارة المخاطر في هذه الصناديق والالتزام بقواعد صارمة في الإفصاح، وضمان حرية تدفقات رؤوس الأموال بين دول العالم. وفي ابريل 2009 اتفقت دول العالم المالكة لصناديق الثروة السيادية على ما يسمى بـ "إعلان الكويت"، والذي تم بمقتضاه إنشاء منتدى دائم للدول المالكة لهذه الصناديق لتبادل وجهات النظر حول أنشطتها الاستثمارية، وسبل إدارة المخاطر ونظم الاستثمار والأوضاع المؤثرة على عمليات استثمار الصناديق عالميا.
آخر البيانات المتاحة من المعهد الدولي للصناديق السيادية تشير إلى أن تقديرات إجمالي أصول هذه الصناديق تصل إلى حوالي 3.9 تريليون دولار، تمتلك منها دول مجلس التعاون حوالي 1400 مليار دولار، أي بنسبة 36.3% من إجمالي الصناديق السيادية في العالم. الجدول التالي يوضح توزيع أصول الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون حسب الدولة المالكة للصندوق. وتعد أبو ظبي صاحبة أكبر صندوق سيادي في العالم بعد الصين، حيث تبلغ تقديرات أصول صناديقها السيادية 654.3 مليار دولارا، أما إجمالي الصناديق السيادية للإمارات العربية المتحدة فتبلغ 675.1 مليار دولارا إذا ما أضفنا الصندوق السيادي لدبي ورأس الخيمة. أجمالي أصول الصندوقين السياديين اللذان تملكهما المملكة العربية السعودية هو 437.3 مليار دولار. تقديرات إجمالي أصول الصندوق السيادي للكويت مازالت عند 202 مليار دولارا، بينما ارتفعت أصول الصندوق السيادي لقطر بحوالي 3 مليار دولار لتصل إلى 65 مليار دولارا. هناك صندوقان آخران ولكنهما منخفضين في القيمة وهما الصندوق السيادي للبحرين، 14 مليار دولار، والصندوق السيادي لعمان، 8.2 مليار دولارا.
أصول صناديق الثروة السيادية لدول مجلس التعاون 2010
هذه الصناديق تمثل ولا شك خط الدفاع الأول لدول المجلس ضد أي تراجع في إيراداتها النفطية أو أي نقص في السيولة، بشكل عام. غير أنني ما زلت عند رأيي في أنه من الأفضل لدول مجلس التعاون استثمار هذه الصناديق محليا، بدلا من استثمارها في الخارج، وذلك من أجل بناء قاعدة إنتاجية تساعد هذه الدول على تنويع مصادر دخولها وتخفف من اعتمادها على النفط، وتساعد في خلق فرص التوظيف للداخلين الجدد من المواطنين إلى سوق العمل، بدلا من ان يتم استثمار هذه الأصول في الخارج لتضيف إلى الناتج المحلي وتوفر وظائف وتحقق أرباحا للدول الأخرى، بينما تقل استفادة دول المجلس من هذه الأصول، في الوقت الذي تتعرض فيه هذه الأصول لمخاطر متنوعة في الخارج.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق