في رسالته عن ضرورة تحول دول مجلس التعاون من الربط بالدولار إلى الربط بسلة عملات تحتوي على أسعار النفط (انظر الرابط أدناه)، دعا جيفري فرنكل دول المجلس إلى ضرورة أن تلجأ إلى “ربط عملتها بسعر التصدير، أي بسعر النفط” لكي تتجنب الآثار السلبية للصدمات التجارية، وفي ذات الوقت تحافظ على مزايا الربط. حيث أدى الربط الحالي بالدولار إضافة إلى مجموعة العوامل الأخرى المتمثلة في ارتفاع أسعار النفط وزيادة معدلات النمو مصحوبة بزيادة في عرض النقود إلى تضخم ظهرت أثاره بشكل واضح في دول الخليج. ولذلك يرى فرنكل أن رفع قيمة الدرهم الإماراتي والريال السعودي قد يكون حلا واضحا لتلك المشكلة. غير أن فرنكل يشير إلى أن الربط بسلة عملات في الكويت لم يكن مصحوبا بضبط أداء السياسة النقدية في أوقات تغيرات أسعار النفط، سواء ارتفاعا (حيث يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية أكثر من اللازم) أو انخفاضا (حيث اتبع البنك المركزي سياسة نقدية متشددة أكثر من اللازم مثلما حدث في التسعينيات). من ناحية أخرى يرى فرنكل أن ترك عملات دول المجلس حرة (وهي دعوة أطلقها آلان جرينسبان) لا يفيد تلك الدول باعتبارها اقتصاديات مفتوحة صغيرة الحجم. دول الخليج إذن مدعوة وبشكل واضح أن تفك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي إذا أرادت أن تخفف من حدة التضخم.
في رأيي أن المشكلة الأساسية تتمثل في أن فك ربط العملات الخليجية بالدولار لن يحل مشكلة التضخم، في ظل مناخ كافة العوامل فيه تشير إلى ضرورة تحمل دول المجلس لقدر من التضخم في الأوقات التي تتزايد فيها الوفرة النفطية، ذلك إن فك ربط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي والتحول مرة أخرى إلى سلة العملات على سبيل المثال، لم يؤد إلى السيطرة على التضخم، بل على العكس استمرت معدلات التضخم في الارتفاع بوتيرة أعلى من تلك التي كانت سائدة أثناء الربط. المشكلة ببساطة أننا في أوقات الوفرة نواجه طلبا كليا متصاعدا في دول المجلس في مقابل جهاز إنتاجي محدود القدرة على مواجهته، في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي. من ناحية أخرى فانه في ظل تزايد معدلات الطلب الكلي، بصفة خاصة الإنفاق الحكومي، يصعب السيطرة على عرض النقود. التضخم إذن هو ضريبة لا بد من أن تدفعها دول المجلس في ظل أي وفرة مالية مصاحبة لارتفاع أسعار النفط.
أما اقتراح إدراج سعر النفط ضمن سلة الربط فسوق يترتب عليه أن ترتفع قيمة عملات هذه الدول في أوقات ارتفاع أسعار النفط، وتنخفض في أوقات انخفاض أسعار النفط، وبما أن النفط سلعة لا تميل أسعارها نحو الاستقرار في الأجلين القصير أو المتوسط، فإن المقترح لا يوفر الاستقرار المطلوب لمعدل الصرف الحقيقي، خصوصا وأننا نتحدث عن أسعار سلعة شديدة التقلب مثل النفط، الأمر الذي لا يساعد على تحقيق استقرار معدلات الصرف من الناحية الحقيقية، وقد يؤدي إلى انحراف شديد بين معدلات الصرف الاسمي ومعدلات الصرف الحقيقي لتلك العملات في أوقات التقلبات الشديدة لسعر النفط الخام. وأخيرا، إذا قررت دول مجلس التعاون فك ربط عملاتها بالدولار، فعليها أن تدرس بعناية اثر ذلك على مشروع عملتها الموحدة، باعتبار أن الدولار هو المثبت المشترك لها في المرحلة الانتقالية التي تسبق إطلاق العملة الموحدة.
انظر مقالة فرنكل على الرابط التالي:
http://www.voxeu.org/index.php?q=node/1381
انظر أيضا
http://www.ft.com/cms/s/0/43b48840-4b1f-11dd-a490-000077b07658.html?nclick_check=1
http://blogs.cfr.org/setser/2008/07/08/the-ft-joins-the-chorus-arguing-against-the-gulfs-dollar-peg/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق