الأحد، مايو ٠٢، ٢٠١٠

لماذا تحاول الولايات المتحدة إصلاح نظامها المالي الآن

وصلتني هذه الرسالة من وزارة الخزانة الأمريكية باعتباري مشتركا في الرسائل والنشرات التي توزعها، وقد آثرت أن أترجمها حرفيا لنشر الفائدة منها، وذلك حول الأسباب الخمس لإجراء إصلاح للنظام المالي الأمريكي الآن. تقول الرسالة:

السبب الأول هو أن عوامل الفشل في نظامنا كانت مدمرة، ففي العامين الماضيين، فقد أكثر من 8 ملايين شخص وظائفهم. وأغلق عدد كبير من الشركات الصغيرة أبوابها، بينما تكافح الأخرى من أجل الحصول على القروض الائتمانية التي يحتاجون إليها لاستمرار عمليات التشغيل بها وتوظيف عمال جدد. كما فقدت الأسر الأميركية تريليونات الدولارات من مدخراتها المستثمرة في المساكن والأسهم، وقد كان الضرر - وخاصة على الطبقة الوسطى - أكبر من أي أزمة مالية حدثت منذ أجيال طويلة مضت.

ولقد ساهمت عوامل كثيرة في هذه الأزمة، بما في ذلك التوقعات غير الواقعية حول ارتفاع أسعار المساكن، والفشل على نطاق واسع في إدارة مخاطر الشركات، ومن المؤكد أننا سنقوم بمناقشة أسباب أخرى لسنوات قادمة، وليس هناك أي خلاف على أن الأزمة كانت أيضا نتيجة لفشل الحكومة في الرقابة، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى نظام الرقابة المالية مفتوح لدرجة أنه سمح بسباق رهيب إلى أسفل في المعايير.

وكأي مجتمع فإن البنوك تعرف بأن التنظيم الضعيف والمفكك كان الوصفة المثالية للحلقة الخبيثة من تدهور المعايير، وقد حرص مقدمي الخدمات المالية على انتقاء أضعف النظم وأكثر المنظمين توافقا معهم، وقد سمح النمو الهائل في القطاعات الأقل تنظيما للمخاطر والروافع لبناء النفوذ بأن تتراكم، حتى وهي تمارس الضغط على البنوك التقليدية لتخفيف معاييرها.

ولم يقم المنظمون بالحيلولة دون انهيار المعايير، غير أنه عندما حان الوقت الذي يعملون فيه على توفير المعايير الأساسية للبيع والاكتتاب في قروض الرهن العقاري من الدرجة الثانية، كان انفجار الرهن العقاري قد قارب على الانتهاء، وكان البلد يتجه بالفعل نحو أسوأ أزمة مالية منذ أجيال، في ظل نظام لم يقدم ما يكفي من الأدوات اللازمة لتقليل الضرر الناجم عن إفلاس الشركات، ولا ينبغي أن تتكرر هذه الحوادث المأساوية والإخفاقات أبدا.

والسبب الثاني أننا بحاجة إلى إصلاح - الآن - هو أن الأزمة أثبتت أن نظام السوق وحده لا يكفي، ونحن نتفق جميعا على أن نظام السوق ضروري ومفيد؛ ولكن هذه التجربة أثبتت أن نظام السوق لا يمكن أن يعوض عن ضعف الرقابة.

وفي ذروته ، فان نظام الظل المصرفي shadow banking system، والمكون من الشركات التي تعمل في مجال العمل المصرفي ولكنها لا تأخذ صورة بنوك، قامت بتمويل ما يقرب من 8 تريليون دولار من الأصول، ولقد نما نظام الظل بمعدلات نمو تقارب النظام المالي التقليدي، وقد عمل بقليل من التنظيم إن وجد، وذلك في ظل افتراض أن نظام السوق كاف. لكن السوق لم يؤد إلى انضباط الشركات على نحو فعال في نظام الظل المصرفي، ومن ثم تراكمت لديها مخاطر هائلة، كما أوحت للمصارف التقليدية على الدخول في كثير من الممارسات التي لا يمكن تحمل تبعاتها، وعندما فقد المستثمرون الثقة في نهاية المطاف، فإن كل من نظام الظل المصرفي والنظام المصرفي التقليدي وضعا الاقتصاد كله في خطر.

لا يمكننا الاعتماد على نفس الإستراتيجية الفاشلة ونفس النظام الرقابي الفاشل للمضي قدما، ولكي تكون الأسواق مستقرة وفعالة، فإنها بحاجة إلى قواعد المنطق السليم. نحن بحاجة إلى انتشال تجارة المشتقات من الظلام، ونحن بحاجة إلى إصلاح أسواق الأوراق المالية لدينا وإصلاح وكالات التصنيف الائتماني، ونحن بحاجة للتأكد من أن الشركات المالية المترابطة تخضع لقواعد مكثفة لرأس المال والإشراف بغض النظر عن الشكل الذي تأخذه تلك الشركات.

والسبب الثالث أننا بحاجة إلى إصلاح - الآن - هو لتوليد الابتكار والكفاءة والنمو الاقتصادي، إن أحد أعظم القوى في النظام المالي الأمريكي هو في طريقة توجيه المدخرات لتمويل الابتكار في المستقبل، ولكن في الطريق إلى الأزمة فان النظام نفسه استثمر تريليونات من الدولارات في فقاعة المساكن وقلل الاستثمار في الابتكار، والبنية التحتية، والتكنولوجيات الجديدة. ولا يمكن لمجتمع الأعمال أن يترك النقاش حول الإصلاح المالي للقائمين على حماية وول ستريت. لا يمكننا السماح لنقاط الضعف في النظام بأن تظل قائمة، وإلا فإن انتعاشنا الاقتصادي سيقام على أسس متداعية.

والسبب الرابع أننا بحاجة إلى إصلاح - الآن - هو أننا أكثر ضعفا من أي وقت مضى لخوض أزمة في المستقبل. لقد سارعت إدارة الرئيس أوباما عندما تولى منصبه لكسر ظهر الذعر المالي، وإعادة تمويل النظام، وإعادة فتح أسواق رأس المال والديون، وقد نجحنا في ذلك بتكلفة أقل بكثير مما يتوقع أي شخص تقريبا، وإذا كان الكونغرس سيتبنى تحميل الرئيس عبء مسؤولية الأزمة المالية، سوف ننجح في ذلك بتكلفة تساوي صفرا على دافعي الضرائب الأميركيين، ولكننا لا زلنا نعيش مع نفس النظام المالي الخاطئ التي أتى بنا إلى هذه النقطة. وبدون إصلاح، فإن نجاح الاستجابة للأزمات سوف يجعل الأزمات المستقبلية أكثر احتمالا. بدون إصلاح، سوف تتوقع بعض الشركات بأنها أكبر من أن تسقط، وسوف يتراكم الخطر مرة أخرى في أجزاء من النظام المالي، حيث تغيب السلطة التنظيمية.

يجب علينا أن نسد هذه الثغرات حتى لا تهرب كبريات الشركات من الرقابة الجادة، ويجب علينا القيام بإصلاح شامل لأسواقنا المالية، بما في ذلك المعاملات في المشتقات وتوريق قروض الرهن العقاري، ويجب أن نعزز النظام الاتحادي في الحماية المالية للمستهلك في إطار نظام معتمد، وهيئة مستقلة من الناحية الحقيقية وتمتلك الموارد للحفاظ على المعايير في كل ركن من أركان السوق، ويجب أن نضع نهاية لتصور "أكبر من أن تسقط".

والسبب الأخير ونحن بحاجة إلى إصلاح - اليوم - هو أن التأخير سيزيد من حالة عدم التأكد، ويقوض النمو. فحتى مع تحسن الأسواق، نجد أن العديد من البنوك تقوم بإقراض أقل ويرجع ذلك جزئيا إلى حالة عدم اليقين من مسار الإصلاح المالي. إن التأخير يعوق النمو الاقتصادي من خلال إطالة أمد حالة عدم اليقين. إن التأخير يضر مجتمع البنوك وعملاءها - العائلات الأميركية والشركات التي لا تزال تكافح لإعادة بناء ما قد ضاع، إنهم في حاجة إلى نظام مالي مستقر ويمكن التنبؤ به – نظام يخضع فيه جميع مقدمي الخدمات المالية للحد الأدنى من المعايير الاتحادية – لمساعدتهم على التركيز على العمل الجاد لحدوث استعادة النشاط مرة أخرى. إنهم لا يستطيعون تحمل المزيد من التأخير.

معارضو الإصلاح الذين يسعون لتأخيره أو إضعافه لا يتحدثون عن المصالح الحقيقية لمجتمع البنوك وشركات الأعمال الصغيرة، أو العائلات الأميركية. معارضو الإصلاح يسعون إلى حماية المصالح الخاصة في وول ستريت التي استفادت من وجود عيوب في النظام الرقابي ويريدون تكريس تلك العيوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق