الاثنين، مايو ١٠، ٢٠١٠

هل تزول أمريكا؟؟؟؟؟

جاءني هذا التعليق من زميلي العزيز د. جمال شحات على مقال "سؤال صعب" الذي نشرته على مدونتي ونقله موقع ألفا بيتا، الموضوع الذي يعلق عليه د. جمال موضوع مثير لاهتمام الكثير من الناس، خصوصا في عالمنا العربي المسكين والمغلوب على أمره في نفس الوقت، والذي فقد قدرته على تغيير أوضاعه، وبدلا من أن يتخذ خطوات ايجابية تغير من هذا الواقع، لم يجد سوى أن يجلس بجوار الحائط يمني نفسه بزوال من قهره، ويختلق الأسباب لذلك يمنة ويسارا دون ان يختبرها أو يصهر معدنها حتى يقف على حقيقة أمرها. أعود إلى نص تعليق زميلي العزيز د. جمال الذي يقول:



د. محمد السقا



اسمح لي بأن انقل تعليقي من مقالك السابق لهذا المقال أيضا.. لعلى أحصل على إجابة هنا!!.



أشكرك شكرا جزيلا على مقالاتك الجميلة والهادفة والمثيرة للعديد من التساؤلات. واسمح لي بسؤال من هذه التساؤلات !!. من منطق التحليل والاستناد إلى الأسباب والعوامل قد يصبح السؤال عن انتهاء أمريكا كقوة عظمى سخيفا !!، ولكن الم تكن هناك قوى عظمى من قبل قد تتفوق على أمريكا حاليا بموازين القوى وقد انتهت إلى غير رجعة ؟!!، قد تنتهي قوى عظمى على أهون الأسباب.. هل فكرنا انه من الممكن ان تنفصل الولايات المتحدة الأمريكية إلى ولايات !! وقد تكون ولايات متناحرة ومتحاربة !!، أعود واكرر لو رجعنا إلى منطق التحليل الاقتصادي والسياسي قد تصبح الإجابة مستحيلة!! ولكن قد يحمل الغد ما قد اتفقنا اليوم على استحالة تحقيقه وحدوثه بل وسخافة التفكير فيه..!! تحياتي لسعادتك وتقبل خالص شكري وتقديري .



د . جمال شحات



ردي



شكرا د. جمال



يسعدني الإجابة على تعليقك، هنا وهناك، غير أن الوقت لم يسعفني لأن أقرأ تعليقك في الوقت المناسب. لست متخصصا في التاريخ السياسي حتى أجيبك إجابة شافية عن أسباب نهضة الأمم وزوالها، وإن كان الله سبحانه وتعالي في كتابه المعجز قد أوحى إلى نبيه بذلك في آيتين معجزتين الأولى في سورة الرعد (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، أي أن الله سبحانه وتعالي لا يغير ما بقوم من نعمة إلى شر، أو من شر إلى نعمة أو من رخاء إلى شدة أو من شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما بأنفسهم. والآية الثانية في سورة الأنفال " ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " وهي تحمل أيضا نفس المعنى.



أنا لم أقل أن أمريكا غير قابلة للزوال، أنا أقول أن المروجين اليوم لفكرة زوال أمريكا في الظروف الحالية يروجون لفكرة سخيفة أخذا في الاعتبار معطيات الوضع الراهن وظروف أمريكا كقوة عظمى في عالم اليوم. أخي العزيز د. جمال، الله سبحانه وتعالى عندما خلق هذا الكون بحكمته الإلهية ورحمته بالناس مده بأسباب، هذه الأسباب تعمل لصالح جميع البشر، المؤمن وغير المؤمن، وهي سنن كونية سرمدية، وعندما أخذ المسلمون بهذه الأسباب قامت لهم دولة، وعندما انحرفوا عنها صاروا كما ترى، ولو ظلوا اليوم يدعون الله ليل نهار، فإن السنن الكونية ستظل على نفس طريقة عملها، لأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، ولكن الأرض تخرجها بجهد الإنسان وعمله وابتكاراته.



دعني أعيد مرة أخرى ما سبق أن ذكرته في مقال "سؤال صعب" (الاقتصاد الأمريكي اقتصاد ضخم جدا، ذو موارد هائلة لا تضاهيها فيها دولة أخرى، هو مركز الاختراع والابتكار للعالم، يملك ناصية الصناعات الحيوية في العالم، به أكبر شركات العالم، وأضخم سوق مال في العالم، وأضخم قطاع مالي في العالم، وأفضل مراكز البحث والتطوير في العالم، وأفضل جامعات العالم … الخ، باختصار شديد هو مركز العالم في وقتنا الحالي. هذه حقائق لا يجب ان ننساها أو نتناساها.) انتهى، وليسمح لي صديقي د. أحمد المزروعي في أن استخدم إضافته في التعليق على المقال، وهي تملك أكبر قوة عسكرية في العالم. عندما تتوقف أمريكا عن الأخذ بالأسباب التي أدت إلى تحولها إلى قوة عظمى سوف تنهار، ولكنها ليست كذلك حاليا، بالعكس كل الاتجاهات العامة (Trend) للمؤشرات، وليس المؤشرات الوقتية الحالية، تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي اقتصاد متين وقوي وقادر على الاستمرار في قيادة الاقتصاد العالمي، وليس كما يروج من ليس لديهم أي خلفيات أو معلومات في التحليل الاقتصادي، فيدلون بدلوهم فيما ليس لهم فيه باع، فتكون النهاية هي ما ترى من أفكار مطروحة عن قرب انتهاء أمريكا وزوالها إلى آخر هذا الكلام الفارغ.



نعم انتهت قوى عظمى فيما سبق إلى غير رجعة، ولكن السؤال هو كيف ولماذا وما هو المدى الزمني الذي حدث خلاله ذلك، التاريخ يحمل لنا الكثير من القصص، ولكننا لم نر قوة عظمى تنهار بين عشية وضحاها، كما لم تنته قوة عظمي د. جمال على أهون الأسباب، وإذا كان قد حدث ذلك بمحض الصدفة في حالة ما، فإن أمريكا لن تزول لسبب هين، كهذا كما نتمنى نحن.



أعود إلى ما طرحت بقولك "هل فكرنا انه من الممكن ان تنفصل الولايات المتحدة الأمريكية إلى ولايات !! وقد تكون ولايات متناحرة ومتحاربة !!"، أعذرني د. جمال هذا سيناريو أشبه ما يكون بالهزلي، وليس سيناريو متصورا على الإطلاق، ان احتمالات حدوث مثل هذا السيناريو تساوي احتمالات أن تفكر محافظة أسيوط في ان تنفصل عن جمهورية مصر العربية وتكون لنفسها "جمهورية أسيوط الديمقراطية" جنبا إلى جنب مع "جمهورية مصر العربية" فالولايات "المتحدة" تعلم تماما ان سر قوتها وازدهارها ونموها ودوام بقاءها هو أنها "متحدة"، وأن مجرد تفكير ولاية في الوسط مثلا في أن تستقل بنفسها معناه ببساطة الإقدام على الانتحار، ولا أعتقد أن الأغبياء في الولايات "المتحدة" يخطر بأذهانهم هذا السيناريو على الإطلاق، ولا حتى في أحلامهم.



عزيزي د. جمال أتفق معك فيما قلت في أن "لو رجعنا إلى منطق التحليل الاقتصادي والسياسي قد تصبح الإجابة مستحيلة!!، ولكن قد يحمل الغد ما قد اتفقنا اليوم على استحالة تحقيقه وحدوثه بل وسخافة التفكير فيه..!!"، هذه أفضل عبارة قرأتها، نعم ولكن الإجابة الواضحة وضوح الشمس هي أنه حاليا وبمعطيات التحليل العقلاني والواقعي سوف نصل إلى نتيجة مؤداها هو استحالة زوال أمريكا كقوة عظمى، أخذا في الاعتبار كافة العوامل في داخل أمريكا وفي خارجها في العالم الذي نعيشه اليوم. نعم ربما يحمل الغد ما اتفقنا على استحالته اليوم، نعم ولكن هذا الغد ليس باكر أو العام القادم أو حتى الربع قرن القادم.



دعنا إذن من أمانينا عن زوال أمريكا ذلك الوهم، ولنبدأ التفكير في احتمال زوالنا نحن، فالخطر الذي يحيط بنا أعظم مئات المرات من الخطر الذي يتهدد أمريكا، وأن علينا أن نواجه واقعنا هذا ونغيره أخذا بالأسباب الكونية التي خلقها الله سبحانه وتعالى، بالعلم والعمل والجد والكد واضعين نصب أعيننا مرضاة الله سبحانه وتعالى عنا ورجاؤنا في أن يعيننا على أن نغير ما بأنفسنا حتى نعود كما كنا إلى هذا العالم نحمل قيم الإيمان والعدل معا في عالم امتلأ بالشر والظلم في كافة أرجاءه، أن نتحد مثلما اتحدت الولايات المتحدة فكان هذا الاتحاد هو سر قوتها وعظم تأثيرها في عالم اليوم، أما أن نظل هكذا جالسين نضيع وقتنا وجهدنا وقدراتنا وإمكاناتنا في هذه الاماني الفانية، فإن أخشى ما أخشاه هو أن يأتي اليوم الذي تسحقنا فيه أمريكا بحذائها، هذا ان لم تكن قد قامت بذلك بالفعل.



شكرا د. جمال على هذه المداخلة وعذرا ان كنت قد استخدمت بعض العبارات غير اللائقة، أنت تفتح موضوعا ذو شجون هائلة في نفسي.



تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق