الاثنين، مايو ٢٤، ٢٠١٠

صور قاتمة من أسبانيا

البنوك الاسبانية ربما تواجه مشكلات مالية حاليا بسبب أوضاع قطاع العقار الاسباني التي تميل الأسعار فيها نحو التراجع. المشكلة هي أنه حتى مع انخفاض أسعار المساكن فان المطورين في القطاع لا يستطيعون بيع ما لديهم من عقارات بسبب عدم وجود طلب. تدهور أوضاع سوق العقارات يهدد البنوك الاسبانية بفقدان جانب كبيرة من رؤوس أموالها، وهو ما دفع الحكومة الاسبانية الى تقديم دعما لبنك CajaSur بقيمة 530 مليون يورو، ولكن المؤشرات تشير إلى ان حجم الديون المعدومة التي قد يواجهها البنك ربما تصل إلى 2.7 مليار دولار، بسبب الأوضاع المتدهورة لسوق العقارات. المراقبون يرون أن برنامج الإنقاذ لبنك CajaSur ربما يكون مقدمة لعمليات إنقاذ ضخمة سوف تحتاج إليها البنوك الاسبانية الأخرى، وهو ما يعقد أوضاع الدين العام الاسباني بصورة أكبر مما هو الحال عليه الآن.

 

أسبانيا هي الاقتصاد رقم 8 من حيث الحجم في العالم، وهي الخامسة في أوروبا، ومقارنة مع اليونان فإن الاقتصاد الاسباني يبلغ 6 أضعاف حجم الاقتصاد اليوناني تقريبا. ويزيد متوسط نصيب الفرد فيه عن مستوياته في ايطاليا، ويقترب من مستوياته في فرنسا. اسبانيا تقوم حاليا بتطبيق حزمة تقشفية اختيارية بمقتضاها تم تخفيض مستويات الأجور بصورة إضافية بحوالي 5% هذا العام، مع تجميد الأجور في العام القادم، وخفض الإنفاق في القطاع العام بحوالي 6 مليار يورو، إلغاء منحة المولود الجديد (2500 يورو)، وتخفيض التحويلات إلى الحكومات المحلية بـ 1.2 مليار يورو. تهدف اسبانيا من هذه الحزمة تخفيض العجز في الميزانية العامة من 11.2% في 2009 إلى حوالي 6% في 2011.


موقعBusinessinsider نشر مجموعة من الأشكال البيانية عن الوضع في اسبانيا، هذه الأشكال في مجموعها تعطي صورة مقلقة للغاية عن سلامة الاقتصاد الاسباني حاليا. الشكل التالي يوضح تطور مؤشر أسعار الأسهم في أسبانيا (IBEX 35 المنحنى الأحمر) يتماشى مع مؤشر أسعار الأسهم في ألمانيا (DAX المنحنى الأصفر)، منذ نهاية يناير تقريبا أخذت الفجوة بين المؤشرين في الاتساع بشكل عام حتى بلغت حوالي 23% في منتصف هذا الشهر. تراجع مؤشر أسعار الأسهم يعكس حالة من القلق حول مستقبل الاقتصاد الاسباني.



الشكل التالي يوضح أنه بسبب حالة عدم التأكد حول الديون الاسبانية فان فروق معدلات العائد على السندات الاسبانية (المنحنى الأصفر) والعائد على السندات الألمانية (المنحنى الأحمر) لمدة 10 سنوات آخذه في الاتساع، بدءا من نفس التاريخ تقريبا. وهو ما يعكس حالة القلق بين المستثمرين في الأسواق المالية حول الوضع في اسبانيا.







الشكل التالي يوضح أن معدلات النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي في اسبانيا (المنحنى الأحمر) كانت تفوق تلك السائدة في باقي دول أوروبا بشكل عام (المنحنى الأزرق)، غير أنه من الواضح ان استعادة النشاط الاقتصادي في اسبانيا تواجه بعض المشكلات حيث تتأخر اسبانيا بشكل عام في استعادة نشاطها الاقتصادية مقارنة مع باقي دول أوروبا.







تراجع معدلات استعادة النشاط الاقتصادي لا بد وأن تنعكس في تراجع معدلات التوظف وارتفاع معدلات البطالة. الشكل التالي يوضح متوسط معدلات البطالة في منطقة اليورو (المنحنى الأزرق)، ومعدل البطالة في اسبانيا (المنحنى الأحمر)، لاحظ أنه في الوقت الحالي بينما تبلغ معدلات البطالة في منطقة اليورو حوالي 10% تقريبا، فإن معدلات البطالة في اسبانيا تصل إلى حوالي 20%، وهو معدل مرتفع جدا، أن لا يجد عامل من كل 5 عمال وظيفة بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة لأسبانيا.







الشكل التالي يوضح أن أسعار المساكن في اسبانيا تواجه تراجعا واضحا ومنذ فترة طويلة. فبدءا من 2004 حيث بلغت معدلات النمو السنوي في أسعار المساكن في أسبانيا أقصى مستوياتها (حوالي 18%)، أخذ النمو في أسعار المساكن في التراجع على نحو واضح، وأخذت أسعار المساكن في الانخفاض بدءا من 2008. وبالرغم من أن أسعار المساكن تشهد تحسنا، إلا أن الأسعار ما زالت تتراجع، وهو ما يعني أن السوق يواجه ضغوطا كبيرة. هذه الضغوط تتحول بشكل أساسي إلى موجات توقف عن السداد سواء من قبل المقترضين في القطاع العائلي، أو من جانب الشركات المطورة للعقار.






من الناحية النظرية يفترض ان تدهور قيمة اليورو سوف يساعد اسبانيا، حيث يفترض ان يعمل على زيادة صادراتها إلى الخارج (حيث تصبح أسعار السلع الاسبانية ارخص)، وخفض وارداتها من الخارج (حيث تصبح أسعار الواردات أغلى)، غير ان هيكل صادرات وواردات اسبانيا يوضح ان معظم شركاء اسبانيا هم من أوروبا أي يستخدمون نفس العملة، وبالتالي فان تراجع قيمة اليورو لا ينعكس على أسعار الصادرات إلى هذه الدول، ولا أسعار الواردات منها. ووفقا للشكل التالي نجد أن صادرات اسبانيا تتجه أساسا إلى فرنسا وألمانيا والبرتغال وإيطاليا، بينما تستورد أساسا من ألمانيا وايطاليا وفرنسا وايطاليا وهولندا، وهذه الدول أعضاء معها في اليورو، أي تستعمل نفس العملة، ومن ثم فان انخفاض اليورو لا يساعد ميزان المدفوعات الاسباني كما هو واضح من الشكل.







مشكلة الأوضاع المالية لأسبانيا تتضح بصورة أكبر إذا نظرنا إلى التزامات اسبانيا نحو خدمة ديونها كما يتضح من الشكل التالي، حيث يفترض ان تدفع اسبانيا حوالي 213 مليار يورو لخدمة ديونها خلال الثلاث سنوات القادمة. بصفة خاصة في عام 2011 سوف يحل أجل مدفوعات خدمة دين تصل إلى 84 مليار يورو. حجم الدين الاسباني في 2010 يبلغ 564 مليار يورو، غير أن الدين الاسباني مرشح للتزايد ليبلغ حوالي 950 مليار يورو في 2013، مما يعكس نموا سريعا للغاية في حجم الدين الاسباني العام.







عندما نضع هذه الصور معا فإنها تشكل صورة مقلقة عن الاقتصاد الاسباني، فهل تكون اسبانيا هي اليونان القادمة. الإجابة على هذا السؤال غير ممكنة حاليا، وعلينا ان ننتظر عما تكشف عنه حول الأوضاع في الاقتصاد الاسباني.


المصدر: http://www.businessinsider.com/guide-to-the-spanish-debt-crisis-2010-5#-1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق