الاتحاد النقدي الأوروبي كما يبدو ليست متحدا أو على الأقل ليس على ما يرام، فما إن بدأ جليد الأزمة المالية العالمية في الذوبان، أخذ يبدو في الأفق خطر قادم يكشر عن أنيابه بشدة مهددا العالم بالوقوع مرة أخرى في هاوية أزمة مالية أخرى، وهي أزمة الديون السيادية والتي تعد بمثابة قنبلة مالية موقوتة مرشحة للانفجار في أي لحظة. لقد أظهرت أزمة دبي مدى حجم المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن الإعلان عن التوقف عن سداد دين سيادي، ولكن الأمر لا يتعلق هذه المرة ببضعة مليارات تعثرت في سدادها دبي وورلد، إننا نتحدث عن مئات المليارات من الديون الحكومية التي ربما تهوي بأسواق المال في العالم بل وتضع اليورو في مهب الريح تحت ضغوط هذه الأزمة المحتملة. اليوم لم تعد تقتصر مشكلة الديون السيادية على اليونان وإنما امتدت إلى البرتغال وبدرجة أقل انضمت اسبانيا إلى القائمة نتيجة المخاوف حول وضعها المالي. العلامات الأولى للأزمة بدأت في الأفق في صورة تراجع واضح للمؤشرات العامة للبورصات العالمية، بصفة خاصة البورصات الأوروبية، وأخذ معدل صرف اليورو في التراجع بصورة حادة بالنسبة للدولار ليبلغ أدنى مستوياته من شهور. ومثلما حدث مع دبي، أخذت تكلفة التأمين ضد مخاطر التوقف عن السداد لديون الدول الأعضاء في اليورو في التصاعد بصورة كبيرة، بصفة خاصة بالنسبة لديون اليونان.
اليورو يواجه ضغوطا كبيرة حاليا، بعد ان كان العملة العالمية الأولى التي تجمع المزيد من الثقة من كافة المستثمرين في العالم بسبب المزايا التي تجمعت له خلال العقد الأول من إطلاقه. مزايا اليورو لم تكن بالكامل مزايا ذاتيه، بل ان جانبا كبيرا من هذه المزايا كان راجعا لضعف الدولار، عملة العالم رقم 1. الشكل التالي يوضح تراجع اليورو من مستوياته القياسية في يناير الماضي حيث بلغ 1.46 دولارا تقريبا، إلى 1.36 دولارا اليوم.
مشكلة اليورو تثير المخاوف التي طالما نبهت إليها عندما كنت أناقش موضوع العملة الخليجية الموحدة، وحذرت من المخاطر الكامنة لهذه العملة حيث ستكون أكثر تذبذبا من العملات الحالية للدول الأعضاء فيها، نظرا لتأثرها بأي تطورات تحدث على الصعيد الداخلي للدول المشاركة في الاتحاد النقدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق