الخميس، فبراير ١١، ٢٠١٠

هل بدأت نقابات العمال في الاندثار

نقابات العمال تلعب دورا هاما اقتصاديات الدول الصناعية وكذلك في حياة العمال المنضمين إلى هذه النقابات، حيث تمثل هذه النقابات قوة العمل الجماعي والمنظم لمطالب العمال، والمدافع عن مصالحهم، والمطالب برفع أجورهم... الخ. وطوال الحياة النقابية استطاعت نقابات العمال أن تحرز مكاسب هائلة للعمال سواء فيما يتعلق بعدد ساعات العمل التي يقضيها العامل في عمله، أو في عدد الأيام التي يقضيها في حالة فراغ، أو في ظروف العمل التي تحيط بالعامل، أو في كيفية تأمين العامل والحفاظ على سلامته، أو في التأكد من أن ما يحصل عليه العمال من أجور يتوافق مع تطورات معدل التضخم للحفاظ على القوة الشرائية للأجور التي يحصل عليها العمال، وأن العمال يحصلون على نصيب عادل من الدخل القومي المولد بواسطتهم أساسا. ولقد لعبت نقابات العمال الحيوية دورا هاما في حياة الدول واستطاعت في كثير من الأحيان شل الحياة فيها من خلال إعلانها الإضراب والتوقف عن العمل، على سبيل المثال إضراب عمال النقل أو إضراب المدرسين... الخ، وكانت في كثير من الأحيان شوكة في حلق الحكومات وعقبة في سبيل بعض البرامج المهمة مثل برامج التخصيص، وأسقطت في بعض الحالات الحكومات، بل وغيرت من ملامح النظام السياسي والاقتصادي للدولة بأكملها مثلما حدث نتيجة إضرابات العمال في بولندا.
اليوم يبدو أن نقابات العمال أصبحت متقاعسة عن أداء دورها الذي أنشأت من أجله، حيث أخذ دور هذه النقابات يضعف بمرور الوقت، ويبدو ان هذا الكيان المؤسسي في سبيله إلى الاندثار والتحول إلى متحف التاريخ، هذا ما تشير إليه آخر الإحصاءات التي نشرها مكتب العمل في الولايات المتحدة. فقد شهد عام 2009 أدنى التحركات النقابية على الإطلاق منذ إنشاء نقابات العمال، وفقا للشكل التالي الذي يوضح عدد حالات الإضراب وعدد أيام العمل التي فقدتها الدولة نتيجة الإضرابات. لقد شهد عام 2009 خمس إضرابات فقط شملت 1000 عامل أو أكثر، كما فقد الاقتصاد الأمريكي 124 ألف يوم عمل فقط نتيجة لذلك، وهي أرقام هزيلة جدا مقارنة بتاريخ نقابات العمال الحافل بالنشاط، حيث كان الاقتصاد الأمريكي يفقد سنويا عشرات الملايين من ساعات العمل من جراء التوقف عن العمل من قبل النقابات العمالية. على سبيل المثال فقد الاقتصاد الأمريكي أكثر من 60 مليون يوم عمل في عام 1959 نتيجة الإضرابات العمالية التي شملت أكثر من 1000 عامل في هذه السنة، وحيث كان ينضم الى النقابات حوالي 30% من قوة العمل. إنها لا شك خسارة اقتصادية كبيرة لسوء الحظ أمام تصلب العمال وتشددهم وتضامنهم، ولكنها تظل الأسلوب الوحيد أمام العمال للدفاع عن مصالحهم وضمان تحسن أوضاعهم. بالطبع يترتب على ضعف النقابات ضعف نصيب العمال من الدخل المحلي. من ناحية أخرى يبدو ان اهتمام العمال أنفسهم بالانضمام إلى النقابات العمالية قد بدأ في الفتور، فوفقا لإحصاءات مكتب العمل في عام 2009 كان هناك 15.3 مليون عامل فقط منضمين إلى النقابات العمالية، وهو ما يمثل 12.3% فقط من إجمالي العاملين في الولايات المتحدة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق