الخميس، فبراير ١١، ٢٠١٠

تكنولوحيا الحاسوب بين عصرين

تتسارع خطى الابتكار في مجال تكنولوجيا الحاسوب بصورة خيالية، وقد لا نشعر نحن الآن بقدر التقدم الهائل الذي حدث في هذا المجال، لأنه قد يبدو بالنسبة لنا أمرا عاديا. لقد أصبح من الطبيعي أن يعلق الإنسان في ميدالية المفاتيح الخاصة به فلاشا بسعة 32 جيجا بايت، مخافة أن يضيع في جيبه وسط الأغراض الأخرى. دعونا نعود إلى الوراء حوالي ستة عقود لنرى كيف كان حجم وشكل اسطوانات حفظ البيانات "الهارد ديسك".
الشكل التالي يوضح عملية إنزال هارد ديسك ضخم من الطائرة عام 1955 على رافعة هيدروليكية، سعة هذا الشيء الضخم هي "5 ميجا بايت" فقط، وهي في وقتنا هذا تمثل سعة تخزينية لا تكفي لحفظ ملف "بي دي إف" صغير الحجم، بينما كانت في هذا الوقت تعد طاقة تخزينية جبارة. وزن هذا الهارد ديسك يزيد عن الألف كيلو جرام. انظر كم كان العالم يحتاج لصنع جهاز مثل هذا من مختلف المواد مثل الحديد والالومنيوم والبلاستيك... الخ. إنه بمقاييس اليوم يعد طاقة هدر هائلة لموارد العالم النادرة، ولكنها على أي حال تكنولوجيا الماضي.



دعونا نقفز مرة أخرى لنعود إلى عالم اليوم، الشكل التالي يوضح صورة الفلاش ديسك اليوم والذي تبلغ سعته 32 جيجا بايت تم صنعه بتكنولوجيا اليوم، والذي بالرغم من أن وزنه لا يزيد عن عدة جرامات، إلا أنه يستوعب طاقة تخزينية تعادل 6554 ضعف الطاقة التخزينية لهذا الجهاز الضخم الذي كان يمثل أقصى ما وصلت إليه تكنولوجيا الحاسوب في الماضي. والآن من المؤكد أننا لو استطعنا أن نقفز ستة عقود إلى الأمام لنطلع على ما سوف تكون الأوضاع عليه في المستقبل، فإننا ربما سنفاجأ بأن ما سوف نشاهده هو أمر غير قابل للتحقيق أو حتى مجرد التصديق بمقاييس اليوم، فلا أحد يستطيع أن ينبئ عما ما يحمله المستقبل لأجياله من ابتكارات واختراعات، من الؤكد أنها ستجعل الفلاش ديسك في الصورة الثانية موضع تهكم الاجيال القادمة علينا، مثلما نحن نفعل الآن عند الحديث عن الاجيال التي سبقتنا. لا شك أن التقدم العلمي هو نعمة إلهية منحها الله للإنسان، ومع كل ذلك ما بلغه الانسان من تقدم اليوم ما زال في الكون إسرار هائلة تفوق قدرتنا على التوصل إليها وصدق الله العظيم إذ يقول "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق