

تتناول المدونة القضايا الاقتصادية التي تخص الكويت ودول مجلس التعاون، وكذلك القضايا الاقتصادية الدولية والمفاهيم الاقتصادية العامة. هدفي هو نشر المعرفة ورفع مستوى الثقافة وتصحيح المفاهيم في الحقل الاقتصادي، داعيا الله أن أكون قد تحملت جزءا من مسئوليتي نحو مجتمعي. جميع الحقوق محفوظة، لا يجوز إعادة النشر أو الانتاج بدون ذكر المصدر أو بدون موافقة مسبقة.
عندما تضاعفت أسعار النفط في بداية السبعينيات من القرن الماضي بعد الحرب العربية الإسرائيلية في أكتوبر 1973، ارتفعت الأسعار، وبصفة خاصة السلع الصناعية بشكل كبير. في 2008 بلغت أسعار النفط حوالي 14 ضعف مستواها في السبعينيات ومع ذلك لم ينعكس ذلك في صورة ارتفاع أسعار السلع الصناعية مثلما حدث في السبعينيات. في عام 1975 تم إنشاء منظمة الطاقة الدولية، والتي جعلت أحد أهدافها الأساسية تخفيض استهلاك الطاقة من خلال رفع كفاءة الاستهلاك، ورفع العام شعار منتج موفر للطاقة Energy saving product والذي أصبح احد معايير الحكم على المنتجات الجديدة.
آخر البيانات المتاحة من إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة تشير إلى أن استهلاك الطاقة لكل دولار من الناتج المحلي الحقيقي مقاسا بعدد الوحدات الحرارية BTU اللازمة لإنتاج دولار واحد من الناتج الحقيقي، قد أخذ في الانخفاض بشكل واضح في الولايات المتحدة من حوالي 20 ألف وحدة حرارية في عام 1949 إلى 8.52 آلاف وحدة حرارية فقط في عام 2008، أي انخفاض في استهلاك الطاقة بأكثر من 57%. الشكل يوضح أن العالم الآن يستخدم وحدات طاقة اقل في عملية الإنتاج، ومن ثم ترتفع كفاءة استهلاك الطاقة بمرور الوقت. ماذا يعني ذلك من الناحية الاقتصادية. أن ذلك يعني أن مكون الطاقة في تكلفة إنتاج السلع يميل نحو التناقص، ولم يعد يمثل جانبا جوهريا في التكلفة، ولذلك لم نعد نشعر بأثر تقلبات سعر النفط في أسعار بيع السلع مثلما كان الحال عليه في السبعينيات من القرن الماضي.
الشكل رقم (1) استهلاك الطاقة لكل دولار من الناتج المحلي الحقيقي في الولايات المتحدة 1949-2008
ألف وحدة حرارية BTU
المصدر إدارة معلومات الطاقة.
http://www.eia.doe.gov/emeu/aer/txt/ptb0105.html
عدد البنوك الأمريكية المفلسة بسبب الأزمة يتصاعد يوما بعد يوم. في يوم الخميس 24 يوليو تم إغلاق ستة بنوك تابعة لشركة سيكيورتي بنك كوربوريشن من خلال إدارة ولاية جورجيا للبنوك والتمويل. وجميع هذه البنوك من البنوك الصغيرة، حيث تتراوح ودائع هذه البنوك بين 1.2 مليار دولار في Security Bank of Bibb County, Macon, GA, و 191 مليون دولار في Security Bank of North Fulton, Alpharetta, GA,. وسوف تتولى اللجنة الفدرالية للتأمين على الودائع تحمل خسائر البنوك الستة والتي تقدر بحوالي 807 مليون دولار. بهذا الشكل يرتفع عدد البنوك الأمريكية التي أغلقت أبوابها منذ بداية هذا العام إلى 64 بنكا، من بين حوالي 8250 بنكا ومؤسسة ادخار في الولايات المتحدة. لاحظ أن الحكومة الأمريكية لا تهتم بأم مثل هذه البنوك الصغيرة، غير أنه حالما يتعلق الأمر ببنك كبير، فإن الحكومة تتدخل لمنع هذا البنك من الإفلاس وفقا لقاعدة أكبر من أن يسمح له بالانهيار Too big to fall.
حقوق السحب الخاصة عملة رسمية، أي ليس من حق المؤسسات الخاصة أو الأفراد الاحتفاظ بهذه العملة، وهو ما يميز هذه العملة عن عملات العالم الأخرى، ولذلك فان المتخصصين فقط هم الذين لديهم علم بوجود هذه العملة، وقد تم إصدارها لأول مرة عام 1969 لتوفير سيولة إضافية للدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي عندما لم تكف الاحتياطيات الدولية في ذلك الوقت من الذهب والدولار الأمريكي لمواجهة النمو في حجم التجارة العالمية فقرر العالم إنشاء أصول احتياطية دولية إضافية من خلال الصندوق. غير أن انهيار نظام الذهب في بداية السبعينيات وتحول العالم إلى أسعار الصرف المعومة ونمو أسواق المال العالمية جعل أهمية حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي دولي هامشية جدا. ولذلك توقف الصندوق عن إجراء أي تخصيص إضافي لوحدات حقوق السحب الخاصة بعد عام 1981. ويرتكز تحديد قيمة وحدات حقوق السحب الخاصة على سلة من أربعة عملات هي الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، ولا تتحدد قيمة وحدات حقوق السحب الخاصة من خلال العرض والطلب في السوق لأنه لا يوجد لها سوق، وإنما يتم تحديدها على أساس سلة العملات الأربعة وهي حاليا حوالي 1.5 دولارا أمريكيا تقريبا، ويقتصر الاحتفاظ بحقوق السحب الخاصة على البنوك المركزية للدول الأعضاء.
وعندما يتم تخصيص حقوق السحب الخاصة للعضو، يفترض أن يحتفظ العضو بها، فإذا كانت محتفظات العضو من حقوق السحب الخاصة أكبر من المخصصات التراكمية للعضو فان صندوق النقد الدولي يدفع للعضو فائدة على هذا الفرق، أما إذا كان ما يحتفظ به العضو من حقوق السحب الخاصة اقل من الكمية التراكمية المخصصة له فانه يدفع فوائد للصندوق على الفرق. ويتم حساب معدل الفائدة من خلال متوسط موزون لمعدلات الفائدة على أدوات الدين لمدة 3 أشهر للعملات الأربع المستخدمة في تحديد قيمة حقوق السحب الخاصة، ويصل معدل الفائدة على حقوق السحب الخاصة حاليا 0.3%، وعندما يتم استخدام حقوق السحق الخاصة فان العضو يدفع رسوما ضئيلة لتغطية تكاليف العمليات من قبل إدارة وحدة حقوق السحب الخاصة، وهي حاليا حوالي %0.0001، وحتى هذه اللحظة كان الدور الذي تلعبه حقوق السحب الخاصة في المدفوعات الدولية هامشيا للغاية، حيث تم تخصيص حقوق السحب الخاصة من قبل صندوق النقد الدولي مرتين الأولى في 1970-1972 بحوالي 9.2 مليار وحدة حقوق سحب خاصة والثانية في 1979-1981 بحوالي 12.1 مليار وحدة حقوق سحب خاصة. معنى ذلك أن إجمالي تخصيصات حقوق السحب الخاصة حاليا هي 21.4 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، أو ما يعادل 33 مليار دولارا أمريكيا، وهي كمية ضئيلة للغاية قياسا إلى حجم السيولة الدولية.
التخصيص الجديد لحقوق السحب الخاصة يعد إذن جوهريا جدا، حيث يزيد عن أكثر من خمسة أضعاف التخصيصات التي تمت مسبقا من قبل الصندوق. ولكن ماذا تفعل الدول بمخصصاتها من حقوق السحب الخاصة. يتم التعامل في وحدات السحب الخاصة من خلال إدارة وحدات حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، ويمكن للدول التي تم تخصيص حقوق السحب الخاصة لها بأن تحتفظ بها كجزء من احتياطياتها الدولية (لدى البنك المركزي)، أو يمكن استبدالها وحدات بالدولار أو اليورو أو أي عملة حرة أخرى، أو تستخدمها في تسوية أي معاملات مع صندوق النقد الدولي مثل دفع الفوائد على قروضها من الصندوق أو دفع أقساط قروضها أو استخدامها في تسديد أي زيادة في حصصها المستقبلية في رأس مال الصندوق، أو يمكن أن تقوم بالتنازل عن مخصصاتها لدولة أخرى من باب المساعدة، أو لصندوق النقد الدولي ليتولى تقديمها إلى الدول الأعضاء التي تحتاج إلى المساعدة، وفي جميع الأحوال يجب أن تتقدم الدولة إلى صندوق النقد الدولي لإعلامه برغبتها في الكيفية التي سوف يتم على أساسها استخدام حصتها. معنى ذلك أن هذا التخصيص الجديد سوف يوفر تسهيلات سيولة للدول التي تحتاج إليها، بصفة أساسية يشير الصندوق إلى أنه سوف يتم تخصيص 100 مليار دولارا من هذا الإصدار الجديد إلى الدول الناشئة، ومن بينها 20 مليار للدول ذات الدخل المنخفض. وبالنسبة لهذه المجموعة الأخيرة يمثل هذا التخصيص زيادة بحوالي 20% من الاحتياطيات الدولية، وهو ما يمثل زيادة جوهرية في مستويات السيولة لديها، وهو ما سوف يساعدها في التكيف مع أوضاع الأزمة. هذه الزيادة الجوهرية في محتفظات العالم من حقوق السحب الخاصة تعني أن السنوات القادمة سوف تشهد تطورا في الدور الذي تلعبه حقوق السحب الخاص على المستوى العالمي.
جدول رقم (1) أكبر عشر دول في صندوق النقد الدولي
الترتيب | الدولة | عدد الأصوات | نسبة الأصوات |
1 | الولايات المتحدة | 371,743 | 17.09 |
2 | اليابان | 133,378 | 6.12 |
3 | ألمانا | 130,332 | 5.98 |
4 | فرنسا | 107,635 | 4.94 |
5 | المملكة المتحدة | 107,635 | 4.94 |
6 | الصين | 81,151 | 3.72 |
7 | ايطاليا | 70,805 | 3.24 |
8 | المملكة العربية السعودية | 70,105 | 3.21 |
9 | كندا | 63,942 | 2.93 |
10 | روسيا الاتحادية | 59,704 | 2.73 |
جدول رقم (2) مخصصات دول مجلس التعاون من حقوق السحب الخاصة
الحصة في رأس
مال الصندوق % | الحصة في رأس مال لصندوق (مليون وحدة حقوق سحب خاصة) | التخصيص
(مليون دولار) | التخصيص (مليون وحدة حقوق سحب خاصة*) | الدولة
|
3.21 | 6,985.5 | 7767.6 | 5,178.40 | المملكة العربية السعودية |
0.64 | 1,381.1 | 1535.7 | 1,023.80 | الكويت |
0.28 | 611.7 | 680.25 | 453.5 | الإمارات العربية المتحدة |
0.12 | 263.8 | 293.4 | 195.6 | قطر |
0.09 | 194.0 | 215.7 | 143.8 | عمان |
0.007 | 135.0 | 150.15 | 100.1 | البحرين |
4.347 | 9,571.10 | 10642.8 | 7,095.20 | الإجمالي |
بالنسبة للكويت سوف يترتب على التخصيص تغيرا جوهريا في هيكل احتياطيات صندوق النقد الدولي، حيث لا تزيد حاليا حقوق السحب الخاصة في الاحتياطيات الرسمية عن 2 إلى 6 مليون وحدة حقوق سحب خاصة خلال الفترة من 2000 حتى 2008. التخصيص المقترح من حقوق السحب الخاصة سوف يضيف للكويت رصيدا ضخما من هذه الوحدات يزيد عن المليار وحدة حقوق سحب خاصة، أو ما يعادل حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي، اكبر تعامل سجلته احتياطيات دولة الكويت من حقوق السحب الخاصة كان في عام 1993 بحوالي 33 مليون دينار، ومن ثم فان التخصيص الجديد سيؤدي إلى زيادة جوهرية في احتياطيات بنك الكويت المركزي.
ولكن كيف يعمل سوق حقوق السحب الخاصة؟ حتى هذه اللحظة يعمل سوق حقوق السحب الخاصة على أساس اختياري، وذلك من خلال اتفاقيات بين صندوق النقد الدولي و13 من أعضاءه للتعاون مع الصندوق في بيع أو شراء حقوق السحب الخاصة، وهذه الاتفاقيات الاختيارية تشكل سوق حقوق السحب الخاصة، وفي حالة ما إذا رغب عضو ما في بيع حقوق السحب الخاصة ولم يجد الصندوق مشترين كافيين على أساس اختياري فان من حقه أن يلزم أعضاءه الذين يتسمون بموقف ميزان مدفوعات قوي بالشراء وتقديم العملة الحرة التي يرغب فيها البائع لوحدات حقوق السحب الخاصة وهو ما يسمى بآلية الإلزام أو التعيين Designation mechanism. وقد ساعد صغر الإصدار من حقوق السحب الخاصة في الماضي على نجاح مثل هذه الاتفاقيات الاختيارية.
قام البنك المركزي اليوم الأربعاء 22/7/2009، بتخفيض معدل الريبو (معدل إعادة الشراء) بمقدار 25 نقطة، أي من 1% إلى 0.75% لاتفاقيات إعادة الشراء لمدة ليلة واحدة، ومن 2% إلى 1.75% على اتفاقيات إعادة الشراء لمدة أسبوع، ومن 2.5% إلى 2.25% على اتفاقيات إعادة الشراء لمدة شهر. بهذا الشكل يأخذ البنك المركزي خطو إضافية وان كانت متأخرة لتخفيض معدلات الفائدة قصيرة الأجل بهدف تحفيز البنوك على الاقتراض من البنك المركزي ومن ثم زيادة عمليات الائتمان من خلال تخفيض تكلفة الائتمان للبنوك. فما هو الريبو وكيف يستخدم وما هي آثاره.
يرمز معدل الريبو REPO إلى معدلات الفائدة على اتفاقيات إعادة الشراء Repurchase agreements، وهو المعدل الذي على أساسه يتمكن المقترض (بنك تجاري مثلا) من استخدام الأصول المالية (أذون خزانة على سبيل المثال) كرهن لقرض قصير الأجل (لمدة يوم مثلا أو أسبوع أو شهر على الأكثر)، وذلك بمعدل فائدة يطلق عليه معدل الريبو. وبمقتضى اتفاقية إعادة الشراء يوافق المقترض صاحب الأصل المالي (البنك تجاري) على أن يقوم ببيع هذا الأصل المالي إلى المقرض (البنك المركزي مثلا) على أن يقوم بإعادة شراء هذا الأصل مرة أخرى بعد انقضاء مدة قصيرة (يوم مثلا) بسعر ثابت للأصل المالي وذلك في مقابل معدل فائدة محدد هو معدل الريبو. بهذا الشكل تنتقل الأموال من المقرض إلى المقترض في مقابل نقل ملكية الرهن (الأصل المالي) إلى حيازة المقرض بصورة قانونية، على أن يعيد المقترض الأموال مرة أخرى (يعيد شراء الرهن) بعد مدة زمنية محددة في مقابل معدل للفائدة هو معدل الريبو.
وعندما يقوم البنك المركزي بالاقتراض من البنوك في مقابل أصول مالية يقدمها كرهن للبنوك التجارية بهدف امتصاص السيولة التي لديها، يطلق على معدل الفائدة في اتفاقية إعادة الشراء هذه معدل الربو العكسي Reverse repo. ولكن لماذا يقدم المقترض الأصل المالي للمقرض في اتفاقية إعادة الشراء؟ إن الأصل المالي يمثل في هذه الحالة الضمان الذي يقدمه المقترض لتأمين المقرض ضد مخاطر توقفه عن السداد، ولكن ماذا لو حل ميعاد استحقاق الفوائد على الأصل المالي (الكوبون على السند المقدم كرهن مثلا) أثناء حيازة المقرض لهذا الأصل المالي؟ في مثل هذه الحالة يحصل المقترض الذي قدم الأصل المالي على قيمة الكوبون، على الرغم من أن الأصل في حوزة المقرض. وتعد اتفاقية إعادة الشراء نقل قانوني لملكية الرهن (الأصل المالي) من البائع أو المقترض، إلى المشتري أو المقرض. والأصل في اتفاقيات إعادة الشراء أنها تستخدم لأغراض الاقتراض قصير الأجل، غير أن ذلك لا يمنع من وجود اتفاقيات إعادة شراء لفترات زمنية أطول.
القرار الذي اتخذه البنك المركزي يعد استكمالا لسلسلة التخفيضات التي اتخذها البنك المركزي لتخفيض معدل الفائدة على اتفاقيات إعادة شراء الأوراق المالية الحكومية من البنوك، ولكن ماذا يعني إذن هذا القرار من قبل البنك المركزي، من الواضح أن البنك المركزي يرغب في أن يجعل تكلفة الاقتراض قصير الأجل اقل بالنسبة للبنوك، ولكن هل من المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى آثار جوهرية على الاقتصاد المحلي، بالنظر إلى حجم التخفيض، فانه ليس من المتوقع أن يكون للقرار تأثيرا جوهريا على القطاع المصرفي، ومن ثم مستويات النشاط في الاقتصاد المحلي، خصوصا وان البنك المركزي أبقى على معدل الخصم (معدل الفائدة على القروض التي يقدمها البنك المركزي للبنوك) ثابتا كما هو عند 3%.