الخميس، يوليو ٣٠، ٢٠٠٩

هل تسببت الصين في ضعف مستويات التصنيع في الدول النامية

هل تسببت الصين في ضعف مستويات التصنيع في الدول النامية الأخرى، هذا السؤال يحاول الباحثين Jörg Mayer و Adrian Wood، الإجابة عليه وذلك باستخدام مدخل وفرة عناصر الإنتاج لتقييم حجم هذا الأثر. ووفقا للدراسة فإن انفتاح الصين في مجال التجارة الدولية أدى إلى تقليل عمليات التصنيع القائمة على كثافة الاستخدام لعنصر العمل في الدول النامية الأخرى، بصفة خاصة بالنسبة لجيرانها من دول شرق آسيا، غير أن هذا الأثر لم يكن جوهريا، وان التطورات الأخرى في تلك الدول ساعدت على استيعاب هذا الأثر.
فقد شهدت الفترة الماضية كما كبيرا من الدراسات التي أجريت لتقييم اثر النمو الصيني على العالم، وقد ارتكزت تلك الدراسات على قياس الأثر على الناتج أو التجارة باستخدام مداخل عدة، وقد كانت الخلاصة التي توصلت إليها تلك الدراسات هي أن النمو الصيني قد أدى إلى ضعف مستويات التصنيع في الدول النامية الأخرى، حيث تأثرت قدراتها التنافسية في التصنيع القائم على وفرة عنصر العمل في مقابل الصناعة الصينية سواء أكان ذلك في الأسواق الداخلية لتلك الدول أو في أسواقها التصديرية، في الوقت الذي تزايدت فيه صادرات الدول النامية من المواد الأولية إلى الين نتيجة لتصاعد الطلب الصيني عليها.
ويحاول الباحثان تحدي النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات من خلال استخدام نظرية هيكشر/أولين، حول وفرة عناصر الإنتاج. نظرية هيكشر/أولين ببساطة تحاول أن تفسر تدفقات التجارة بين الدول بناءا على الوفرة النسبية لعناصر الإنتاج، فإذا كانت دولة ما لديها وفرة في عنصر العمل، بالنسبة للدول الأخرى، فان ذلك سوف يمكن تلك الدولة من إنتاج السلع التي تعتمد على عنصر العمل بكثافة بصورة أرخص من باقي الدول، الأمر الذي يعطيها ميزة تنافسية في مقابل الدول الأخرى التي ليس لديها وفرة في هذا العنصر، فتزداد صادرات هذه الدولة إلى باقي الدول وهكذا. ولا يقصد بنظرية وفرة عنصر الإنتاج، وفرة عنصر الإنتاج في الدولة بدون التجارة مع الدول الأخرى، وإنما وفرة عنصر الانفتاح في الدولة مقارنة بنفس العنصر في الدول الأخرى شركاءها في التجارة. ومن وجهة نظر الباحثان فان دخول الصين مجال التجارة من حالة انعزال عن العالم تقريبا، أدى إلى إضافة عدد ضخم من العمال إلى رصيد عنصر العمل في العالم، الأمر الذي أثر على الوفرة النسبية لعنصر العمل/الأرض (أو الموارد الطبيعية) في الدول النامية، ومن ثم ترتب على دخول الصين مجال التجارة ارتفاع الوفرة النسبية التي تملكها هذه الدول في مجال الأرض مقارنة بالوفرة النسبية للدول النامية في عنصر العمل. وبناءا على ذلك فان دخول الصين في مجال التجارة قد أدى إلى ضعف مستويات التصنيع في الدول النامية نظرا لانخفاض الوفرة النسبية التي كانت تتمتع بها الأخيرة في عنصر العمل.
غير أن الباحثين يريان أن هناك مسألة أهم وهي حجم التأثير السلبي لانفتاح التجارة الصينية على الدول النامية. ووفقا لحسابات الباحثين فان تأثير انفتاح الصين التجاري على العالم كان حدوث انخفاض مستويات التصنيع في الدول النامية للصناعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل بالنسبة للناتج من السلع الأولية (كثيفة الاستخدام لعنصر الأرض) بنسبة تتراوح بين 7-10%، ومن ثم على معدل الصادرات بين النوعين من الإنتاج بنسبة تتراوح بين 10-15%. ولكن حساب أثر انفتاح الصين تجاريا على القطاعات المختلفة سوف يكون اقل. فمن خلال إضافة حجم قوة العمل في الصين الحاصلة على تعليم ابتدائي وثانوي (وهي نوعية العمل المستخدم في الصناعات كثيفة الاستخدام لعنصر العمل) إلى إجمالي حجم العمل من هذه الفئات في باقي دول العالم يرتفع نصيب قوة العمل في العالم بحوالي 9%، وتخفيض نصيب العمل من الأرض بنسبة 17% (أي من 2.9 كيلو متر مربع إلى 2.4 كيلو متر مربع)، ومن ثم فان الأثر النسبية المتوقع لانفتاح الصين على هيكل الإنتاج في العالم لن يكون أكثر من هذه النسبة وربما يكون أقل.
الخلاصة التي يحاول الباحثان الوصول إليها هي أن انفتاح الصين تجاريا على العالم لم يؤد إلى تدهور مستويات التصنيع في الدول النامية كما هو متوقع، وأن هذا الأثر كان محدودا بشكل عام.

هناك تعليقان (٢):

  1. السلام عليكم
    من الملاحظ الانتشار الكبير جدا للمنتجات الصينه بدرجة كبيره اصبح تقريبا في كل دوله سوق متخصص للمنتجات الصينه الرديئه فلا زال الناس يفضلونها لرخصهارغم ان عمرها الاستهلاكي قصير لا يتعدى ايام ومضره بصحة الانسان
    وانا اتوقع مع الازمة المالية سوف يزيد الطلب عليها

    ردحذف
  2. شكرا على ملاحظتك
    أتفق أن بعض السلع الصينية رديئة وبعضها مضر بصحة الانسان نظرا لعدم تطبيق معايير السلامة في بعض الأحوال، لكن ليست كل السلع الصينية رديئة، استراتيجية الصين هي انتاج السلع بالجودة المناسبة، ومعنى الجودة المناسبة ليس هو أعلى جودة، وانما الجودة المناسبة لطبيعة السوق المصدر اليه أو طبيعة المستهلك، ومن ثم سوف تجد السلع الصينية المصدرة الى اوروبا أو الولايات المتحدة تتوافق مع المواصفات القياسية لتلك الدول. قد نرى بعض السلع الصينية في بلادنا رديئة لأنه ليس لدينا مواصفات لجودة السلع التي نستوردها من الخارج لكي نطبقها على بعض السلع التي نستوردها من الصين.
    إذا كانت بعض السلع الصينية في اسواقنا رديئة فهذا خطئنا وليس خطئهم.
    مع تحياتي.

    ردحذف