الاثنين، يوليو ٢٠، ٢٠٠٩

إلى متى تستمر الصين في تمويل الولايات المتحدة

في الربع الثاني من هذا العام أضافت الصين إلى احتياطياتها من النقد الأجنبي حوالي 178 مليار دولار وهي زيادة تاريخية، ليتجاوز بذلك إجمالي احتياطيات الصين من النقد الأجنبي حاجز الـ 2 تريليون دولار. السبب الرئيسي لهذا التراكم هو زيادة الصادرات الصينية عن الواردات الى الصين من الخارج ومن ثم تحقيق فائض كبير في الميزان التجاري الصيني. كذلك ينظر المستثمرون الدوليون إلى الاقتصاد الصيني على انه أقوى اقتصاد في العالم حاليا، ونتيجة لذلك تتدفق رؤوس الأموال هذه إلى الصين سواء للاستثمار في الأصول الحقيقية أو في شراء الأسهم، وعلى العكس مما يحدث في دول العالم أجمع فان مؤشر شنغهاي للأسهم ارتفع منذ بداية هذا العام بحوالي 74%. في ظل هذه المعطيات فان المستثمرين الدوليين إذا رغبوا في الاستثمار في الأسهم فان المكان المفضل بالنسبة لهم سوف يكون الصين. من ناحية أخرى فان خطة التحفيز المالي التي طبقتها الصين لمواجهة الآثار السلبية للازمة المالية العالمية على الاقتصاد الصيني، يبدو أنها تعمل بشكل جيد، حيث يبلغ معدل النمو الصيني حتى الآن حوالي 8%، وهو بكافة المقاييس أعلى معدلات النمو الحقيقي في العالم. ونتيجة لذلك ترتفع تدفقات رؤوس الأموال إلى الصين للاستفادة من فرص النمو الاقتصادي المرتفع للاقتصاد الصيني وكذلك احتمال ارتفاع قيمة اليوان عملة الصين.

لكن من بين هذه التدفقات تقوم الصين باستثمار الجانب الأكبر من احتياطياتها بالنقد الأجنبي في أدوات الدين الأمريكية. حيث تعد الصين أكبر مقرض دولي للولايات المتحدة. وعلى الرغم من تلميح الصين في أكثر من موضع أنها سوف تحاول أن تقلل من محتفظاتها من أدوات الدين الأمريكية، إلا انه خلال العام الماضي تزايدت كمية السندات الحكومية الأمريكية التي تحتفظ بها الصين بحوالي 261.5 مليار دولار. بل إن محافظ البنك المركزي الصيني قد أشار إلى انه في الأجل القصير تحتاج الولايات المتحدة إلى المزيد من تدفقات رؤوس الأموال لكي تساعدها على الخروج من الأزمة المالية.

بهذا التوجه سوف تستمر الصين إذن في تمويل الفجوة التمويلية بين الإنفاق العام والإيرادات العامة للولايات المتحدة، من خلال إعادة تدوير تدفقات رؤوس الأموال من المستثمرين الأجانب إليها نحو الدين العام الأمريكي. غير أنه من الناحية الفعلية فإن الصين بهذا التوجه تضر بالاقتصاد العالمي في الأجل الطويل، حيث أنه بهذا الشكل سوف تسمح الصين للولايات المتحدة بأن تستمر في العيش خارج حدود مواردها، وهو ما يعد امرأ غير صحيا بالنسبة للاقتصاد العالمي في الأجل الطويل. المطلوب إذن من الولايات المتحدة تخفيض مستويات دينها العام وبذل جهود اكبر نحو ادخار المزيد لتضييق فجوتها التمويلية ولتقلل من اعتمادها على الخارج في تمويل تلك الفجوة. حيث أن معطيات الوضع الحالي تشير إلى أن جانبا من الإنفاق العسكري الأمريكي في الخارج والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة يعتمد على الجهاز الإنتاجي الصيني سواء شاءت الصين أو أبت هذه الحقيقة طالما أنها تستمر في تدوير احتياطياتها في الدين العام الأمريكي.

هناك تعليقان (٢):

  1. تحية دكتور من القلب ..
    وشكرا على هذا العطاء من المقالات الثرية منقطعة النظير .
    بارك الله فيك ، وشكرا .

    ردحذف
  2. شكرا زيد على تعليقك الرقيق ومتابعتك

    ردحذف