السبت، يوليو ٠٤، ٢٠٠٩

سياسة الطفل الواحد تؤدي إلى رفع معدلات الادخار في الصين

تتبع الصين حاليا، بسبب الحجم الضخم للسكان، سياسة متشددة جدا للحد من النسل وذلك من خلال إجبارها للأسر بأن تنجب طفلا واحدا فقط، ومن لا يلتزم بهذه السياسة يتعرض لعقوبات قانونية. سياسة تحديد النسل الصينية تهدف أساسا إلى الحد من أعداد السكان وذلك من خلال جعل معدلات المواليد أقل من معدلات الإحلال، أي أقل من الحد الأدنى اللازمة لإحلال السكان (طفلين لكل أسرة)، مما يعني أن عدد السكان في الصين في غضون عقود قليلة سوف يميل إلى الثبات ثم التراجع، إذا استمرت الصين في تطبيق هذه السياسة على المدى الطويل.

وقد ترتب على سياسة الطفل الواحد الصينية بعض الآثار السلبية، والتي تمثل أهمها في أن جانبا كبيرا من الأسر في الصين تفضل أن يكون هذا الطفل المسموح به ذكرا، ويتم ذلك في بعض الأحيان من خلال وأد البنات مباشرة عقب الولادة، أو من خلال التحكم طبيا في نوعية المولود، لكي يكون ذكرا. ونتيجة لانتشار هذا التفضيل حدث نوع من عدم التوازن في هيكل السكان بين النوعين، وأخذت أعداد الذكور في التزايد بالنسبة للإناث. ففي عام 2005 وجد أن عدد الذكور يزيد عن عدد الإناث في سن 25 عاما فقط بحوالي 30 مليون ذكر، كما يقدر انه في عام 2007 كان هناك حوالي خمس ذكور مولودين في مقابل كل أربعة إناث.

في دراسة للمكتب القومي للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية وجد أن المحددات التقليدية التي تستخدم لتفسير سلوك معدلات الادخار، مثل دورة الحياة وعدم التأكد حول مستويات الدخل.. الخ لا تصلح لتفسير سلوك معدلات الادخار في الصين. فقد توصلت الدراسة إلى أن المسبب الرئيسي لارتفاع معدلات الادخار في الصين هو وجود عدد كبير من الذكور في هيكل السكان مقارنة بالإناث، حيث ترتب على انتشار الظاهرة حدوث تنافس بين الأسر التي لديها طفل ذكر في سوق الزواج في الصين على الإناث، وهو ما ترتب عليه ميل الأسر الصينية التي لديها ابن ذكر إلى زيادة معدلات ادخارها استجابة لهذه الظاهرة. ويبدو أن هذا السلوك أخذ في التأثير على معدلات الادخار على المستوى الكلي، إذ يقدر معدل الادخار في الصين إلى الدخل المتاح في السنوات الأخيرة بحوالي 30%، وهو معدل مرتفع جدا على المستوى العالمي.

وقد توصلت الدراسة إلى دليل واضح بأن معدلات الادخار على مستوى المحليات تميل إلى الارتفاع في الأقاليم التي يوجد بها معدلات نوع غير متوازنة بين الذكور والإناث، حيث يحرص الآباء على تزويج أبناءهم، ويؤدي التنافس بين عدد اكبر من الذكور على عدد اقل من الإناث إلى تفضيل اسر الإناث تزويج بناتهم من الذكور الأغنياء نسبيا. ويختتم المؤلفان للدراسة بتعميم نتيجة دراستهما بالقول بأنه حتى بالنسبة للدول الأخرى التي يوجد فيها عدم توازن واضح بين الذكور والإناث مثل كوريا وهونج كونج وسنغافورة والهند تواجه أيضا معدلات ادخار مرتفعة.

هناك تعليق واحد: