نشر في جريدة القبس يوم الثلاثاء 8/9/2009
نشر في جريدة الاقتصادية السعودية يوم السبت 19/9/2009
أعجبتني هذه المقالة في وول ستريت جورنال، والتي تشير إلى أن أول برميل تم إنتاجه من النفط في الولايات المتحدة كان في 28 أغسطس 1859 في بنسلفانيا، والذي بمقتضاه حدثت ثورة في مجال إنتاج الطاقة أدت إلى تحول جذري في العالم الصناعي. اليوم يوفر النفط حوالي 40% من احتياجات العالم من الطاقة، ولكن هذا المصدر يحيط به العديد من المخاطر أهمها مخاطر تأمين الإمدادات، مخاطر تنويع مصادر الطاقة، المخاطر السياسية، والخطر الكامن في الصراع بين الدول حول مصادر الإنتاج، والاهم من ذلك مخاطر النفاد.
الجدل السائد حول النفط تزداد حدته بسبب عاملين إضافيين، الأول هو أن النفط قد تحول حاليا إلى احد الأصول المالية، مثل الأسهم أو العملات التي تشكل احد الأصول للمحافظ المالية التي يضارب عليها العالم، مما يعرض النفط لتقلبات حادة في الأسعار. على سبيل المثال انخفض سعر البرميل من 147 دولارا في يوليو 2008 إلى حوالي 30 دولارا في الربع الأخير من العام. مثل هذه التقلبات الحادة تجعل من عملية تخطيط الاستثمار المستقبلي في مجال الطاقة سواء بالنسبة للنفط أو أي مصدر بديل للطاقة مسألة صعبة. كما أن مثل هذه التقلبات العنيفة في الأسعار تحمل مخاطر هائلة للعالم، والتي للأسف لا يستطيع العالم حاليا أن يقدم حلا سهلا لها. العامل الثاني هو التغير المناخي، إذ أنه من المؤكد أن عملية السيطرة على الانبعاثات الكربونية سوف تشكل جانبا مهما من سيناريوهات مستقبل النفط في العالم.
السؤال الملح حاليا هو هل يستطيع العالم الاستغناء عن النفط؟ الإجابة لحسن حظنا هي لا!. على سبيل المثال فان وكالة الطاقة الدولية تتوقع انه ما بين 2006 – 2030، سوف يزداد الطلب على الطاقة بحوالي 50%، وأن النفط سوف يستمر يوفر حوالي 30% من احتياجات العالم من الطاقة. وكما يعلم الجميع أن الطلب على النفط قد تغير حاليا وبصورة كبيرة نتيجة زيادة الطلب عليه من قبل الاقتصاديات الناشئة التي تحقق معدلات نمو اقتصادي حقيقي مرتفعة مثل الصين والهند. معظم الزيادة في الطلب على النفط لا تأتي حاليا من الدول الصناعية، وإنما من الدول النامية، على سبيل المثال فانه خلال الفترة من 2000 – 2007، جاء حوالي 85% من الزيادة في الطلب على النفط من الدول النامية، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل. على سبيل المثال فان مبيعات السيارات الجديدة الآن في الصين أعلى من الولايات المتحدة، وعندما يستعيد العالم نشاطه الاقتصادي إلى مستويات ما قبل الأزمة فان استهلاك الطاقة في الدول الناشئة سوف يمثل العنصر الأساسي في اتجاهات الاستهلاك العالمي.
وبالنسبة للعالم هناك طريقتان واضحتان لتهدئة نمو الطلب على النفط، وهما إما أن يتجه العالم إلى تخفيض معدلات النمو الاقتصادي، أو أن يتجه نحو إيجاد تكنولوجيات جديدة. طبعا الخيار الأول غير مقبول على أي صعيد، وبالتالي فإن الإجابة ربما قد تكمن في دور تكنولوجيا إنتاج بدائل النفط. إن التحدي الذي يواجهه العالم حاليا يتمثل في ليس مجرد إيجاد بدائل للنفط لا تكون قادرة فقط على المنافسة اقتصاديا، وإنما تتمتع أيضا بالملائمة وموثوق بها على نطاق واسع يتماشى مع ما هو مطلوب لمصدر الطاقة البديل للعالم. ولكن ما هو هذا البديل المقترح؟ لحسن الحظ أيضا أن العالم سوف يحتاج إلى فترة زمنية طويلة نسبيا في مجال الابتكار لكي يجيب على هذا السؤال.
حتى هذه اللحظة من الواضح أن الصراع ربما سيكون بين السيارات التي تسير بالنفط، وتلك التي تسير بالطاقة الكهربائية، وأيا كان مستوى السبق التقني الذي سيتم تحقيقه في المستقبل فان الطلب سيستمر على النفط خلال العشرين عاما القادمة بسبب المساحة الزمنية التي سيحتاجها العالم لإنتاج سيارات بديلة وعلى نطاق واسع لتحل محل السيارات التي تسير بالنفط. ووفقا لوول ستريت جورنال فإن السيارات الكهربائية ربما لا تمثل أكثر من 25% من مبيعات السيارات الجديدة في عام 2030. ما هو مضمون تلك التوقعات إذن؟ مضمون تلك التوقعات هو استمرار الطلب على الجازولين مرتفعا في المستقبل. وان تجارة النفط سوف تستمر كما هي الآن نشاطا اقتصاديا عالميا مهما.
بالنسبة لي، فإنه حتى يجيب العالم على أسئلته الملحة المتعلقة بكيفية التعامل مع الدور الحيوي للنفط في مجال إنتاج الطاقة العالمية، فان علينا أن نسارع في التخطيط لمستقبلنا بعيدا عن هذا المصدر الناضب، وان علينا أيضا أن نتمتع بنفس الحماس الذي ينظر به العالم إلى التهديدات التي يمثلها النفط بالنسبة له، وأن ننظر، وبصورة أعمق إلى التهديدات التي يحملها اعتمادنا على النفط كمصدر أساسي للدخل بالنسبة لنا. حتى يجيب العالم على هذه الأسئلة الحيوية، أمامنا وقت قصير جدا لكي نجيب عن تساؤلاتنا نحن، فهل نستغل هذا الوقت القصير بالكفاءة المطلوبة؟ سؤال يحتاج إلى إجابة واعية.
أتمنى أن نجيب على هذا السؤال بنفس الحماس الذي نتمتع به حاليا ونحن نتناول قضايا وقتية مثل مشكلة محطة مشرف. أنا لا أهون من مشكلة محطة مشرف، ولكن مشكلتي هي مستقبل الكويت بعد النفط، وهي، بالنسبة لي مشكلة أعوص من أي مشكلة حالية أو مستقبلية تنبري الالسنة حماسا للخوض فيها، بينما لا نجد لسانا واحدا يتناول مشكلة المشاكل من وجهة نظري.
الرابط: http://online.wsj.com/article/SB10001424052970203706604574370511700484236.html?mod=googlenews_wsj
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق