السرية المصرفية الصارمة وبمقتضى القانون في سويسرا كانت آخر ضحايا الأزمة المالية العالمية. فعلى مدى عقود طويلة من الزمن شكلت سويسرا الصندوق الأسود فيما يتعلق بالحسابات السرية المصرفية لمن يشاء من دول العالم والتي استخدمها أثرياء العالم كملجأ للتهرب من دفع الضرائب في بلداتهم، بالنسبة لي كانت سويسرا دولة مارقة عالميا بفرضها الحماية الصارمة على المعلومات السرية عن المودعات فيها وهوية المودعين ... ولذلك وقد كنت تصنف بأنها جنة الضرائب في الأرض، والتي يتمكن أي شخص يرغب في التهرب الضريبي من اللجوء إلى إيداع أمواله فيها. بل كم مرة مكنت تلك السرية المجرمين من كافة أنحاء العالم سواء أكانوا مخالفين للقانون أو قتلة أو سياسيين فاسدين أو رجال أعمال يتهربون من الضرائب في بلدانهم الأصلية، أو مرتشين على نطاق واسع.. الخ من قائمة الرجال السيئين على المستوى العالمي. الغريب في الموضوع أنه تم التعامل بليونة كبيرة مع الحالة السويسرية ولم يتكاتف العالم على سبيل المثال من خلال مجلس الأمن الدولي على إجبار تلك الدولة على الانصياع للمطالب الدولية بفتح صندوقها الأسود للسلطات الضريبية والجنائية في دول العالم الأخرى، ترى ما هو كم الجرائم التي ارتكبت وانتهت عوائدها في المصارف السويسرية لتصنع ازدهار هذا البلد المارق.
أدت الأزمة المالية العالمية إلى جعل الشفافية المصرفية في سويسرا على رأس أولويات الدول الصناعية إلى أن استطاعت بالفعل أن تجبر سويسرا على الانصياع لمطالب المجتمع الدولي بإلغاء السرية للحسابات المصرفية فيها، وإبداء الاستعداد للتعاون في تقديم البيانات المطلوبة. بالنسبة لسويسرا فان على نظام السرية المصرفية، يحقق الازدهار الاقتصادي باعتباره جزءا من هوية سويسرا والتي تجعل منها ملجأ للراغبين في إخفاء أي معلومات عن حساباتهم المصرفية. أخيرا استجابت الحكومة السويسرية للضغوط العالمية بالتوقيع على اتفاقيات تلغي بمقتضاها السرية المصرفية التي يضمنها القانون السويسري. لتفتح بذلك المجال أمام دول العالم ان تصل إلى ما تشاء من معلومات عن رعاياها المودعين لأموالهم في البنوك السويسرية.
هذا الشهر شطبت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سويسرا من قائمة البلدان التي توفر ملاذا آمنا للمتهربين من الضرائب، وذلك بعد توقيع سويسرا لاثنتي عشر اتفاقية لتبادل المعلومات الضريبية. بهذا الشكل تعلن سويسرا أنها مستعدة للتعاون مع السلطات الضريبية في الدول لتقديم المعلومات التي تمكن تلك الدول من ملاحقة المتهربين ضريبيا وإجبارهم على دفع المستحقات الضريبية التي عليهم. السرية الصارمة التي كانت تتمتع بها الحسابات المصرفية في سويسرا انتهت، وهو ما يفتح المجال أمام دول العالم للوصول إلى المعلومات التي تحتاج إليها حول الحسابات المصرفية لرعاياها في سويسرا، من خلال التعاون بين السلطات السويسرية والبلدان الأخرى.
بعد هذا القرار فقدت البنوك السويسريه سمعتها كاحد افضل البنوك في العالم في السريه وسوف تتحول الى بنك كاي ينك في العالم
ردحذفحسافه
شكرا على التعليق
ردحذفنعم لحسن الحظ سوف تفقد البنوك السويسرية سمعتها كأفضل البنوك في العالم في السرية، ولكن العالم كله سوف يكسب القدرة على متابعة المجرمين والمرتشين والمتهربين من الضرائب واصحاب الأموال القذرة، وثروات الرؤساء والمسؤولين ذوي الذمم الخربة.... الخ، وهذا كلها بلا شك أهم بكثير من من سويسرا كدولة ناهيك عن بنوكها.
شكرا على تعليقاتكم ..
ردحذفإنني أتحدث كوني عميل في أحد البنوك الكويتية "بنك الكويت الوطني" حيث في السابق كنا نبحث عن البنوك الأجنبية للجوءإليها من حيث الأمان ولكن أشكر ربي دائما إنني لم أكن ضحية تلك البنوك التي لم تعرف ما هي أصولها ولكنني أعطيكم مثال كوني عميل بنك الوطني .. حيث تم مؤخراً تقييم البنك الوطني من بين بنوك العالم وتم أختيارهم البنك رقم 38 من حيث الأمان يعني بنك عريق كبنك الوطني ولديها فروع خارجية لماذا نحن لم نلجأ إليهم و كافي إن اسمه بنك الكويت الوطني. ماشاءالله عليهم خدماتهم تفوق البنوك الأجنبية وكذلك سباقين في المشاركة بخدمة المجتمع من جميع النواحي ... و أهم من كل شي انه تخطى 3 أزمات قوية أزمة المناخ و الغزو الغاشم على دولة الكويت وأخيرا الأزمة المالية العالمية .. والحمدالله ثم الحمدالله على وجود بنك آمن كبنك الوطني لنضع عروق جبيننا وتعبنا فيه و نحن مطمئنون إن أموالنا بأمان.
ولكم جزيل الشكر ..
أتفق معك تماما، بنوكنا الوطنية تحتاج الى دعمنا وتشجيعنا لها، والحمد لله لدينا الكفاءات القادرة على ادارة هذه المؤسسات بكفاءة لا تقل عن تلك التي تدار بها البنوك الاجنبية، بدليل أن بنوكنا الوطنية تحصل من وقت لآخر على ترتيبات مشرفة في قوائم مؤسسات التصنيف العالمية. أكثر من ذلك فان الحكومة تضمن المودعات في هذه البنوك، أي ان نسبة الأمان في تلك البنوك هي 100%، وهو أمر يفتقد اليه جانب كبير من البنوك العالمية.
ردحذف