الجمعة، يناير ١٨، ٢٠١٣

انتفاضة الخبز يناير 1977


تصادف هذه الأيام ذكرى انتفاضة 17/18 يناير 1977، أو ما اطلق عليها ثورة الجياع، بينما أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية.
كانت مصر قد وقعت اتفاقا للمساندة مع صندوق النقد الدولي، والذي كعادته في ذلك الوقت، فرض على مصر برنامجا للاستقرار الاقتصادي تضمن خفض الدعم ورفع أسعار السلع الأساسية مثل الخبز والغاز والزيت والسكر .. الخ. كانت مصر في مفترق الطريق بين سياسات الانغلاق الاقتصادي لعبد الناصر، والتي انتهت بنكسته في حرب يونيو 1967، وبين سياسات الباب المفتوح للسادات والتي أدخلت إلى مصر أنماط استهلاك ودخل لم تعتدها منذ انقلاب 1952، وبدا من الواضح أن العلاقة بين الطبقات الدخلية المختلفة بدأت في الاختلال بصعود طبقة أصحاب مكاتب الاستيراد والتصدير وتجار السوق السوداء وتجار العملة في ذلك الوقت، وباقي طبقات الشعب، وبدأت تتكون طبقة رجال الأعمال الذين اطلق عليهم السادات القط السمان، والذين مثلوا الأساس الذي بنيت عليهم طبقة الحيتان من رجال الأعمال في مصر اليوم.
كانت تكلفة  المعيشة في ذلك الوقت في ارتفاع مستمر، مع تراجع الجنيه وتطبيق نظم جديدة للاستيراد مثل الاستيراد بدون تحويل عملة. وكانت الأسرة المصرية في ذلك الوقت تعاني معاناة شديدة نظرا لانخفاض الدخول على نحو واضح، وما إن أعلن عن قائمة الأسعار الجديدة المقترحة للسلع الأساسية حتى اندلعت المظاهرات في القاهرة والإسكندرية، مصحوبة بأعمال عنف في وسط القاهرة.
أذكر أنني كنت ساعتها في السنة الرابعة في الجامعة، وجاءتنا المظاهرات أمام الكلية في الزمالك وطلبوا منا الانضمام اليهم، وخرج عدد كبير من الطلبة للاشتراك في المظاهرات، التي هددت نظام السادات والذي اضطر إلى الهروب إلى أسوان وكانت طائرته جاهزة لنقله في أي لحظة خارج مصر، ولكن الأوضاع استقرت في خلال 36 ساعة حيث تم فرض حظر التجول ونزل الجيش إلى الشوارع لتأمين المنازل والمصالح والأماكن الحساسة، وعاد السادات مرة أخرى إلى القاهرة، وتم إلغاء كافة التعديلات على الأسعار التي تم اقتراحها ومنها زيادة سعر رغيف الخبز "بخمس مليمات فقط".
ما زلت أذكر هذا الشعار الذي كنا نردده لممدوح سالم رئيس الوزراء وقتها "ممدوح بيه ممدوح بيه، كيلو اللحمة بقى بجنيه" كان كيلو اللحم وقتها بحوالي 90 قرشا، والذي كان يعتبر مرتفعا جدا بالنسبة لعدد كبير من سكان مصر.
انتهت الانتفاضة باستقالة القيسوني رئيس المجموعة الاقتصادية، ومن يومها أخذت مصر بسياسة تغيير الأسعار سرا  in stealth، بحيث يستيقظ المواطن على السعر الجديد للسلعة دون أي إعلان عن تعديلات سعرية.
شتان بين اليوم والأمس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق