لعل أهم ما يميز هذا العام عن الأعوام السابقة منذ بداية أزمة سوق المساكن في 2007، هو أن الاقتصاد الأمريكي يدخل العام الجديد ومعظم التوقعات تشير إلى أنه سيشهد في 2014 نموا مختلفا عن معدلات النمو التي حققها في الماضي، ذلك أن معظم الإشارات توحي بأن التعافي هذه المرة سيكون قويا، وتتعدد هذه الإشارات حاليا بصورة لافتة للنظر، ولنبدأ بأهم هذه الإشارات على الإطلاق وهو معدلات النمو الحقيقي، فوفقا لآخر التقارير عن معدلات النمو ربع السنوي في 2013، يشير تقرير مكتب التحليل الاقتصادي إلى أن التقديرات النهائية لمعدل النمو في الربع الثالث بلغت 4.1 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بالتقديرات الأولية التي تساوي 2.8 في المائة. التوقعات المتاحة حاليا تؤكد أن الاقتصاد الأمريكي ربما يحقق معدلات نمو تقارب 3 في المائة، أو أكثر قليلا، وهذا بالطبع أعلى من التقديرات السابقة التي كانت تدور حول 2 في المائة، بينما تشير التوقعات المعدلة لصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بمعدل 2.6 في المائة في العام المقبل مقارنة بمعدل متوقع 1.6 في المائة في 2013، في الوقت الذي يتوقع فيه بن برنانكي أن يحقق الاقتصاد الأمريكي معدل نمو يراوح بين 2.8 و 3.2 في المائة في 2014.
من ناحية أخرى، تميل مؤشرات سوق العمل نحو التحسن، صحيح أنه تحسن بطيء، ولكنه لا يتراجع، وهذا هو الأهم، فقد أشار تقرير سوق العمل الأخير إلى حدوث تحسن واضح في معدلات البطالة التي انخفضت من 7.3 إلى 7 في المائة، في الوقت الذي بدأت معدلات فتح الوظائف الجديدة في التوسع. فقد تم فتح 203 آلاف وظيفة جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبهذا يكون الاقتصاد الأمريكي قد أضاف 2.1 مليون وظيفة جديدة هذا العام. بعض المراقبين يقدر أن تسارع معدلات النمو الحقيقي نحو 3 في المائة سنويا كفيل بفتح نحو 250 ألف وظيفة شهريا في المتوسط، مقارنة بمتوسط نحو 180 ألف وظيفة خلال السنة الماضية، بينما يتوقع المتفائلون منهم أن تنخفض معدلات البطالة في سوق العمل الأمريكي إلى 6 في المائة لأول مرة في العام القادم، مما يعني اقتراب الاقتصاد الأمريكي من التوظف الكامل تقريبا مرة أخرى، وإن كنت أعتقد أن بلوغ هذا المعدل في 2014 ربما يكون غير ممكن.
من الواضح أن ثقة المستهلكين ترتفع على نحو واضح، فقد مثل الطلب الاستهلاكي أهم مصادر النمو في الربع الثالث من العام الماضي، ويتوقع أن ينمو الإنفاق الاستهلاكي في الربع الرابع من العام الماضي بنحو 4 في المائة، ولقد جعل هذا النمو في الإنفاق الاستهلاكي المراقبين يعدلون من توقعاتهم حول النمو في الفترة المقبلة، حيث يلعب الإنفاق الاستهلاكي دورا مهما في الإنفاق الكلي الأمريكي. أحد مؤشرات ارتفاع ثقة المستهلك هي مبيعات السيارات، والتي تشير التقديرات المتاحة لها إلى أن طلب المستهلكين في 2013 ربما يزيد على 15.6 مليون سيارة، بما يمثل زيادة بنحو 8 في المائة على مبيعات عام 2012، كذلك يتوقع أن ترتفع مبيعات السيارات إلى 16.3 مليون في 2014، وهو مستوى يقارب مبيعات السيارات فيما قبل بدء الكساد الكبير في 2007.
أما بالنسبة لسوق المساكن فقد ارتفعت مبيعات المساكن في 2013 إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات الثماني الماضية مقتربة من نحو نصف مليون مسكن، بينما تتوقع شركات البناء أن تنتهي من بناء 900 ألف مسكن جديد بنهاية 2013، في الوقت الذي يتوقع أن ترتفع معدلات البناء إلى 1.1 مليون مسكن في 2014. بالطبع هذا المعدل يعتبر أقل من مستوياته قبل الأزمة، ولكنه أفضل من السنوات الماضية بشكل عام، ولقد ترتب على نمو الطلب في هذا القطاع ومعدلات الفائدة على القروض العقارية تميل نحو الارتفاع بما يعكس نمو الطلب، حيث تبلغ حاليا 4.56 في المائة، ويتوقع أن ترتفع إلى نحو 5 في المائة في 2014.
أسعار المساكن تزداد يوما بعد يوم، كما أن مؤشرات البورصة الأمريكية في أعلى مستوياتها من الناحية التاريخية، ووفقا للاحتياطي الفيدرالي فإن الأمريكيين قد استعادوا الخسارة التي تحققت في ثرواتهم بشكل كلي أثناء الكساد الكبير.
من جانب آخر، فإن القطاع الصناعي يتوقع تزايد الطلب والمبيعات في العام المقبل، حيث يتوقع أن تنمو الصادرات الأمريكية في 2014 مستفيدة من التطورات الإيجابية في الاقتصاد العالمي، فتراجع النمو الصيني آخذ في الانعكاس، وسيناريوهات الأداء السيئ للاقتصاد العالمي لا تتحقق على أرض الواقع، واليابان تحقق نموا غير مسبوق بفضل السياسات الجديدة لرئيس الوزراء، والنمو في الاقتصاد الأوروبي توقف عن التراجع الذي استمر لنحو عامين بسبب أزمة الديون السيادية لدول منطقة اليورو، ويتوقع أن يبدأ رحلة مختلفة للنمو، وهذا ما تؤكده مؤشرات الأداء المركب التي تصدرها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تقيس نقاط التحول في الأداء عن الاتجاه العام للنشاط الاقتصادي في 33 من أكبر اقتصادات العالم تشير إلى وجود تحسن مطرد في أداء معظم الاقتصادات الرئيسة في العالم، في اليابان، وفي الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة، وفي كندا، وفي منطقة اليورو يتعزز النمو في فرنسا وإيطاليا، ويرتفع في ألمانيا، وفي الاقتصادات الناشئة تتحسن معدلات النمو في البرازيل والصين وروسيا والهند.
في ضوء هذه الإشارات صرح الرئيس أوباما بأن 2014 سيكون عام الاختراق للاقتصاد الأمريكي، كما قام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته حول آفاق النمو المتوقع في الولايات المتحدة خصوصا مع ورود أنباء التوصل إلى الاتفاق حول الميزانية الأمريكية للعامين الماضيين وتلافي احتمالات خفض الإنفاق التي صحبت مفاوضات تجنب الهاوية المالية للولايات المتحدة، وخطط الاحتياطي الفيدرالي نحو برنامج خفض شراء السندات، وقد دعت كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي الكونجرس الأمريكي إلى عدم تعمد الإضرار بعملية استعادة النشاط الاقتصادي الأمريكي بنشوب خلاف آخر في المستقبل، وخصوصا أن سقف الدين الحالي سيصل إلى أقصاه في نهاية شباط (فبراير) القادم ويتطلب الأمر أن تتم عملية الرفع بليونة أكثر حتى لا تتأثر الأسواق نتيجة لذلك.
بالطبع بعض المراقبين لديه وجهة نظر مختلفة وإن كان فيها قدر من المغالاة في التشاؤم، وأهم ما يستندون إليه مشكلة الدين الأمريكي الذي تصاعد من 9.2 تريليون دولار في 2008 إلى أكثر من 17 تريليون دولار حاليا، وهو ما قد يؤدي إلى عبء ثقيل للدين مع أي تصاعد، ولو قليل في معدلات الفائدة في المستقبل، ولكن مشكلة الدين كما سبق أن ذكرنا، ليست في قيمته المطلقة، وإنما في نسبته إلى الناتج، وطالما أن الناتج المحلي يتزايد، فإن نسبة الدين إلى الناتج ستتراجع، ومن ثم ترتفع قدرة الاقتصاد المحلي على مواجهة أعباء الدين.
من ناحية أخرى، تميل مؤشرات سوق العمل نحو التحسن، صحيح أنه تحسن بطيء، ولكنه لا يتراجع، وهذا هو الأهم، فقد أشار تقرير سوق العمل الأخير إلى حدوث تحسن واضح في معدلات البطالة التي انخفضت من 7.3 إلى 7 في المائة، في الوقت الذي بدأت معدلات فتح الوظائف الجديدة في التوسع. فقد تم فتح 203 آلاف وظيفة جديدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبهذا يكون الاقتصاد الأمريكي قد أضاف 2.1 مليون وظيفة جديدة هذا العام. بعض المراقبين يقدر أن تسارع معدلات النمو الحقيقي نحو 3 في المائة سنويا كفيل بفتح نحو 250 ألف وظيفة شهريا في المتوسط، مقارنة بمتوسط نحو 180 ألف وظيفة خلال السنة الماضية، بينما يتوقع المتفائلون منهم أن تنخفض معدلات البطالة في سوق العمل الأمريكي إلى 6 في المائة لأول مرة في العام القادم، مما يعني اقتراب الاقتصاد الأمريكي من التوظف الكامل تقريبا مرة أخرى، وإن كنت أعتقد أن بلوغ هذا المعدل في 2014 ربما يكون غير ممكن.
من الواضح أن ثقة المستهلكين ترتفع على نحو واضح، فقد مثل الطلب الاستهلاكي أهم مصادر النمو في الربع الثالث من العام الماضي، ويتوقع أن ينمو الإنفاق الاستهلاكي في الربع الرابع من العام الماضي بنحو 4 في المائة، ولقد جعل هذا النمو في الإنفاق الاستهلاكي المراقبين يعدلون من توقعاتهم حول النمو في الفترة المقبلة، حيث يلعب الإنفاق الاستهلاكي دورا مهما في الإنفاق الكلي الأمريكي. أحد مؤشرات ارتفاع ثقة المستهلك هي مبيعات السيارات، والتي تشير التقديرات المتاحة لها إلى أن طلب المستهلكين في 2013 ربما يزيد على 15.6 مليون سيارة، بما يمثل زيادة بنحو 8 في المائة على مبيعات عام 2012، كذلك يتوقع أن ترتفع مبيعات السيارات إلى 16.3 مليون في 2014، وهو مستوى يقارب مبيعات السيارات فيما قبل بدء الكساد الكبير في 2007.
أما بالنسبة لسوق المساكن فقد ارتفعت مبيعات المساكن في 2013 إلى أعلى مستوياتها خلال السنوات الثماني الماضية مقتربة من نحو نصف مليون مسكن، بينما تتوقع شركات البناء أن تنتهي من بناء 900 ألف مسكن جديد بنهاية 2013، في الوقت الذي يتوقع أن ترتفع معدلات البناء إلى 1.1 مليون مسكن في 2014. بالطبع هذا المعدل يعتبر أقل من مستوياته قبل الأزمة، ولكنه أفضل من السنوات الماضية بشكل عام، ولقد ترتب على نمو الطلب في هذا القطاع ومعدلات الفائدة على القروض العقارية تميل نحو الارتفاع بما يعكس نمو الطلب، حيث تبلغ حاليا 4.56 في المائة، ويتوقع أن ترتفع إلى نحو 5 في المائة في 2014.
أسعار المساكن تزداد يوما بعد يوم، كما أن مؤشرات البورصة الأمريكية في أعلى مستوياتها من الناحية التاريخية، ووفقا للاحتياطي الفيدرالي فإن الأمريكيين قد استعادوا الخسارة التي تحققت في ثرواتهم بشكل كلي أثناء الكساد الكبير.
من جانب آخر، فإن القطاع الصناعي يتوقع تزايد الطلب والمبيعات في العام المقبل، حيث يتوقع أن تنمو الصادرات الأمريكية في 2014 مستفيدة من التطورات الإيجابية في الاقتصاد العالمي، فتراجع النمو الصيني آخذ في الانعكاس، وسيناريوهات الأداء السيئ للاقتصاد العالمي لا تتحقق على أرض الواقع، واليابان تحقق نموا غير مسبوق بفضل السياسات الجديدة لرئيس الوزراء، والنمو في الاقتصاد الأوروبي توقف عن التراجع الذي استمر لنحو عامين بسبب أزمة الديون السيادية لدول منطقة اليورو، ويتوقع أن يبدأ رحلة مختلفة للنمو، وهذا ما تؤكده مؤشرات الأداء المركب التي تصدرها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تقيس نقاط التحول في الأداء عن الاتجاه العام للنشاط الاقتصادي في 33 من أكبر اقتصادات العالم تشير إلى وجود تحسن مطرد في أداء معظم الاقتصادات الرئيسة في العالم، في اليابان، وفي الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة، وفي كندا، وفي منطقة اليورو يتعزز النمو في فرنسا وإيطاليا، ويرتفع في ألمانيا، وفي الاقتصادات الناشئة تتحسن معدلات النمو في البرازيل والصين وروسيا والهند.
في ضوء هذه الإشارات صرح الرئيس أوباما بأن 2014 سيكون عام الاختراق للاقتصاد الأمريكي، كما قام صندوق النقد الدولي بتعديل توقعاته حول آفاق النمو المتوقع في الولايات المتحدة خصوصا مع ورود أنباء التوصل إلى الاتفاق حول الميزانية الأمريكية للعامين الماضيين وتلافي احتمالات خفض الإنفاق التي صحبت مفاوضات تجنب الهاوية المالية للولايات المتحدة، وخطط الاحتياطي الفيدرالي نحو برنامج خفض شراء السندات، وقد دعت كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولي الكونجرس الأمريكي إلى عدم تعمد الإضرار بعملية استعادة النشاط الاقتصادي الأمريكي بنشوب خلاف آخر في المستقبل، وخصوصا أن سقف الدين الحالي سيصل إلى أقصاه في نهاية شباط (فبراير) القادم ويتطلب الأمر أن تتم عملية الرفع بليونة أكثر حتى لا تتأثر الأسواق نتيجة لذلك.
بالطبع بعض المراقبين لديه وجهة نظر مختلفة وإن كان فيها قدر من المغالاة في التشاؤم، وأهم ما يستندون إليه مشكلة الدين الأمريكي الذي تصاعد من 9.2 تريليون دولار في 2008 إلى أكثر من 17 تريليون دولار حاليا، وهو ما قد يؤدي إلى عبء ثقيل للدين مع أي تصاعد، ولو قليل في معدلات الفائدة في المستقبل، ولكن مشكلة الدين كما سبق أن ذكرنا، ليست في قيمته المطلقة، وإنما في نسبته إلى الناتج، وطالما أن الناتج المحلي يتزايد، فإن نسبة الدين إلى الناتج ستتراجع، ومن ثم ترتفع قدرة الاقتصاد المحلي على مواجهة أعباء الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق