جذبت دبي أخيرا أنظار العالم، وبصفة خاصة جيرانها في المنطقة، عندما تم الإعلان عن فوزها بتنظيم المعرض الدولي، والذي يطلق عليه اختصارا ''إكسبو'' في عام 2020، لتبدأ دبي الاستعدادات لهذا الحدث الكبير المتوقع أن يحدث تغييرات جوهرية في دبي ويعزز من مكانتها الدولية كمركز للمعارض والأعمال في الشرق الأوسط، ويدر عليها الكثير من العوائد خلال فترة إقامة المعرض وبعدها لفترة طويلة مقبلة.
يتم تنظيم المعرض الدولي ''إكسبو''، دوليا من خلال مكتب المعارض الدولية Bureau of International Expositions الذي يقع في باريس والذي تم إنشاؤه في إطار الاتفاقية الدولية للمعارض في 1928، وهناك أكثر من 170 دولة من دول العالم أعضاء في اتفاقية هذا المكتب حاليا. وبشكل عام ينظم المكتب نوعين من المعارض هما المعارض المسجلة Registered، والمعروفة باسم ''إكسبو''، أو ما يطلق عليه معارض الدرجة الأولى. ويمثل ''إكسبو'' تظاهرة عالمية كبرى، ويتم تنظيم ذلك المعرض مرة كل خمس سنوات، مثل معرض شنغهاي 2010 وميلانو 2015 ودبي 2020، ولكن ذلك لم يمنع من تنظيم معارض دولية على فترات زمنية أقصر مثل المعرض الدولي في جنوب إفريقيا في 2012، ونظرا للتكلفة الضخمة التي يتكلفها، تستمر مدة إقامة المعرض إلى ستة أشهر.
النوع الثاني وهي المعارض المتخصصة، أو معارض الدرجة الثانية والتي تسمى المعارض المعترف بها Recognized، وهي أيضا تمثل تجمعات ضخمة من حيث الحجم، ولكنها تختلف عن المعرض الدولي بأنها ذات طبيعة متخصصة، مثلا معرض في التكنولوجيا، أو الاتصالات... إلخ، كما أن المدة الزمنية التي يقام فيها أقل نسبيا.
دائما ما يكون للمعرض الدولي شعار يميزه عن غيره من المعارض تختاره الدولة الحاضنة للمعرض ليكون شعارا له، وقد اختارت دبي لهذه المرة شعارا متميزا يحمل عنوان ''تواصل العقول وصناعة المستقبل'' Connecting minds,Creating the future، أي أن السبيل الوحيد لخلق مستقبل مناسب هو التواصل بين بني البشر، وهذه أحد الأهداف الأساسية من تنظيم المؤتمر.
حسبما أعلن ستتم عملية إنشاء المعرض على مساحة 423 هكتارا، وهي بالمقاييس التاريخية تعتبر واحدة من أكبر المساحات التي أقيم عليها معرض ''إكسبو''، على سبيل المثال تمت إقامة معرض ''إكسبو'' مونتريال في عام 1967 على 410 هكتارات، وأوساكا 1970 نحو 330 هكتارا، في الوقت الذي بلغت مساحة ''إكسبو'' شنغهاي 2010 نحو 510 هكتارات.
وتتميز المعارض الدولية بأنها غالبا ما تقام في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث تتسم بارتفاع أعداد الزائرين لها يوميا، إذ يتوقع أن تتجاوز أعداد الزائرين للمعرض عشرات الملايين خلال فترة العرض. على سبيل المثال زار معرض أوساكا الدولي في 1970 نحو 64 مليون زائر، بينما سجل معرض شنغهاي 2010 نحو 70 مليون زائر، وهو رقم قياسي.
غير أن دبي تعد من الإمارات الصغيرة من حيث الحجم السكاني، فكيف يسمح بإقامة مثل هذا الحدث الدولي فيها؟ بالطبع الإجابة تستند إلى أن دبي تمثل أيضا مركزا سياحيا في المنطقة، حيث يزورها نحو عشرة ملايين سائح سنويا، ومن هذا المنطلق من المتوقع أن يصاحب إقامة المعرض الدولي في دبي تنشيط كبير لحركة السياحة إلى دبي، وأن يزور المعرض أعداد كبيرة من القادمين من الخليج أو باقي دول الشرق الأوسط وباقي دول العالم، وذلك إذا ما أحسن استغلال مناسبة إقامة المعرض في جذب السائحين. والواقع أن قدرات دبي كمركز سياحي في الإمارات، يمكنها من خلال ''إكسبو'' 2020، أن تجتذب عشرات الملايين من الزوار من خلال تقديم التسهيلات والحوافز المناسبة خلال فترة المعرض والتي يمكن أن تنشط الحركة السياحية والتجارية في دبي على نحو واسع بل وفي الإمارات ككل، بما يرفع من الدخل المحلي بشكل كبير.
أعتقد أن ضخامة الحدث ستعني أن دبي لن تكون هي المنظم الوحيد، أو المقدم الوحيد للخدمات اللوجستية للشركات والزائرين للمعرض العالمي، وإنما ستضطر لأن تشرك الإمارات الأخرى في الدولة لمساعدتها في هذه المهمة الضخمة، من تقديم لخدمات الإقامة والانتقال والأمن والاتصالات والغذاء وغير ذلك من الأنشطة الأساسية التي تتطلبها عملية تنظيم هذه التظاهرة العالمية، الأمر الذي يعني أن الفوائد التي ستتحقق من المعرض لن تقتصر على دبي، وإنما ستعم الإمارات كلها. على سبيل المثال فإن الموقع المقترح للمعرض سوف لن يبعد عن أبو ظبي سوى بمسافة 17 كليومترا فقط، مما يعني أن أبو ظبي حتما لا بد أن تشترك في عملية تشغيل المعرض وتقديم الخدمات اللوجستية اللازمة.
من أهم الفوائد المتوقعة لهذا المعرض هي أنه سيدخل دبي في حقبة جديدة في صناعة تنظيم المعارض، ذلك أن الحدث ضخم جدا ويتطلب تسهيلات لوجستية ضخمة للمشاركين في المعرض ولعشرات الملايين من الزوار، وهو ما يسهم في تكوين خبرة في هذه الصناعة من المؤكد أن دبي ستستغلها لاحقا في مناسبات أخرى مشابهة.
بالطبع هذا الحشد الدولي سيكلف دبي أموالا ضخمة أيضا بغرض تهيئة البنى التحتية اللازمة لإقامة مثل هذا المعرض، مثل تهيئة موقع المعرض، وبناء أجنحة العرض للمشاركين فيه، وتهيئة سبل الانتقال والاتصالات داخل دبي، أو بالأحرى الإمارات العربية المتحدة، وغيرها، وإن كان المتعارف عليه أن عمليات التصميم الداخلي للأجنحة وأحيانا الخارجي تتم غالبا بواسطة الجهة المشاركة في المعرض.
غير أن هذه التكلفة ستدفع لمرة واحدة فقط، ولكنها ستوفر لدبي تسهيلات إقامة مثل هذه المعارض الضخمة لفترة طويلة قادمة من الزمن، سواء أكانت المحلية أو الإقليمية أو الدولية، ومن ثم فإن مردودها لن يتوقف على فترة إقامة المعرض، وإنما سيمتد لسنوات طويلة قادمة في إدارة وصناعة المعارض.
عندما نقارن التكاليف التي تتحملها دبي في مقابل تنظيم مثل هذا الحشد الدولي، سنجد أن لمثل هذه التظاهرة العالمية في اقتصاد دبي أثر صاف، لأنه من المفترض أن يترتب على هذا المؤتمر سهولة في تدفقات السلع والخدمات ورؤوس الأموال إلى الإمارات.
اليوم تضيف دبي بعدا جديدا لتفوقها الإقليمي بتنظيم هذا الحدث الدولي المهم، ولتثبت للعالم ولجيرانها الكبار أن التفوق لا يعرف قيودا اسمها الحجم، وأن التنويع يتطلب فقط توافر الرؤية الصحيحة السليمة حول سبل التنويع وكيفية المضي فيه، وأن الفكاك من القيد النفطي أمر ممكن، إذا ما توافرت الإرادة والرؤية الصحيحة، وخلصت النية في تحقيقها.
يتم تنظيم المعرض الدولي ''إكسبو''، دوليا من خلال مكتب المعارض الدولية Bureau of International Expositions الذي يقع في باريس والذي تم إنشاؤه في إطار الاتفاقية الدولية للمعارض في 1928، وهناك أكثر من 170 دولة من دول العالم أعضاء في اتفاقية هذا المكتب حاليا. وبشكل عام ينظم المكتب نوعين من المعارض هما المعارض المسجلة Registered، والمعروفة باسم ''إكسبو''، أو ما يطلق عليه معارض الدرجة الأولى. ويمثل ''إكسبو'' تظاهرة عالمية كبرى، ويتم تنظيم ذلك المعرض مرة كل خمس سنوات، مثل معرض شنغهاي 2010 وميلانو 2015 ودبي 2020، ولكن ذلك لم يمنع من تنظيم معارض دولية على فترات زمنية أقصر مثل المعرض الدولي في جنوب إفريقيا في 2012، ونظرا للتكلفة الضخمة التي يتكلفها، تستمر مدة إقامة المعرض إلى ستة أشهر.
النوع الثاني وهي المعارض المتخصصة، أو معارض الدرجة الثانية والتي تسمى المعارض المعترف بها Recognized، وهي أيضا تمثل تجمعات ضخمة من حيث الحجم، ولكنها تختلف عن المعرض الدولي بأنها ذات طبيعة متخصصة، مثلا معرض في التكنولوجيا، أو الاتصالات... إلخ، كما أن المدة الزمنية التي يقام فيها أقل نسبيا.
دائما ما يكون للمعرض الدولي شعار يميزه عن غيره من المعارض تختاره الدولة الحاضنة للمعرض ليكون شعارا له، وقد اختارت دبي لهذه المرة شعارا متميزا يحمل عنوان ''تواصل العقول وصناعة المستقبل'' Connecting minds,Creating the future، أي أن السبيل الوحيد لخلق مستقبل مناسب هو التواصل بين بني البشر، وهذه أحد الأهداف الأساسية من تنظيم المؤتمر.
حسبما أعلن ستتم عملية إنشاء المعرض على مساحة 423 هكتارا، وهي بالمقاييس التاريخية تعتبر واحدة من أكبر المساحات التي أقيم عليها معرض ''إكسبو''، على سبيل المثال تمت إقامة معرض ''إكسبو'' مونتريال في عام 1967 على 410 هكتارات، وأوساكا 1970 نحو 330 هكتارا، في الوقت الذي بلغت مساحة ''إكسبو'' شنغهاي 2010 نحو 510 هكتارات.
وتتميز المعارض الدولية بأنها غالبا ما تقام في المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث تتسم بارتفاع أعداد الزائرين لها يوميا، إذ يتوقع أن تتجاوز أعداد الزائرين للمعرض عشرات الملايين خلال فترة العرض. على سبيل المثال زار معرض أوساكا الدولي في 1970 نحو 64 مليون زائر، بينما سجل معرض شنغهاي 2010 نحو 70 مليون زائر، وهو رقم قياسي.
غير أن دبي تعد من الإمارات الصغيرة من حيث الحجم السكاني، فكيف يسمح بإقامة مثل هذا الحدث الدولي فيها؟ بالطبع الإجابة تستند إلى أن دبي تمثل أيضا مركزا سياحيا في المنطقة، حيث يزورها نحو عشرة ملايين سائح سنويا، ومن هذا المنطلق من المتوقع أن يصاحب إقامة المعرض الدولي في دبي تنشيط كبير لحركة السياحة إلى دبي، وأن يزور المعرض أعداد كبيرة من القادمين من الخليج أو باقي دول الشرق الأوسط وباقي دول العالم، وذلك إذا ما أحسن استغلال مناسبة إقامة المعرض في جذب السائحين. والواقع أن قدرات دبي كمركز سياحي في الإمارات، يمكنها من خلال ''إكسبو'' 2020، أن تجتذب عشرات الملايين من الزوار من خلال تقديم التسهيلات والحوافز المناسبة خلال فترة المعرض والتي يمكن أن تنشط الحركة السياحية والتجارية في دبي على نحو واسع بل وفي الإمارات ككل، بما يرفع من الدخل المحلي بشكل كبير.
أعتقد أن ضخامة الحدث ستعني أن دبي لن تكون هي المنظم الوحيد، أو المقدم الوحيد للخدمات اللوجستية للشركات والزائرين للمعرض العالمي، وإنما ستضطر لأن تشرك الإمارات الأخرى في الدولة لمساعدتها في هذه المهمة الضخمة، من تقديم لخدمات الإقامة والانتقال والأمن والاتصالات والغذاء وغير ذلك من الأنشطة الأساسية التي تتطلبها عملية تنظيم هذه التظاهرة العالمية، الأمر الذي يعني أن الفوائد التي ستتحقق من المعرض لن تقتصر على دبي، وإنما ستعم الإمارات كلها. على سبيل المثال فإن الموقع المقترح للمعرض سوف لن يبعد عن أبو ظبي سوى بمسافة 17 كليومترا فقط، مما يعني أن أبو ظبي حتما لا بد أن تشترك في عملية تشغيل المعرض وتقديم الخدمات اللوجستية اللازمة.
من أهم الفوائد المتوقعة لهذا المعرض هي أنه سيدخل دبي في حقبة جديدة في صناعة تنظيم المعارض، ذلك أن الحدث ضخم جدا ويتطلب تسهيلات لوجستية ضخمة للمشاركين في المعرض ولعشرات الملايين من الزوار، وهو ما يسهم في تكوين خبرة في هذه الصناعة من المؤكد أن دبي ستستغلها لاحقا في مناسبات أخرى مشابهة.
بالطبع هذا الحشد الدولي سيكلف دبي أموالا ضخمة أيضا بغرض تهيئة البنى التحتية اللازمة لإقامة مثل هذا المعرض، مثل تهيئة موقع المعرض، وبناء أجنحة العرض للمشاركين فيه، وتهيئة سبل الانتقال والاتصالات داخل دبي، أو بالأحرى الإمارات العربية المتحدة، وغيرها، وإن كان المتعارف عليه أن عمليات التصميم الداخلي للأجنحة وأحيانا الخارجي تتم غالبا بواسطة الجهة المشاركة في المعرض.
غير أن هذه التكلفة ستدفع لمرة واحدة فقط، ولكنها ستوفر لدبي تسهيلات إقامة مثل هذه المعارض الضخمة لفترة طويلة قادمة من الزمن، سواء أكانت المحلية أو الإقليمية أو الدولية، ومن ثم فإن مردودها لن يتوقف على فترة إقامة المعرض، وإنما سيمتد لسنوات طويلة قادمة في إدارة وصناعة المعارض.
عندما نقارن التكاليف التي تتحملها دبي في مقابل تنظيم مثل هذا الحشد الدولي، سنجد أن لمثل هذه التظاهرة العالمية في اقتصاد دبي أثر صاف، لأنه من المفترض أن يترتب على هذا المؤتمر سهولة في تدفقات السلع والخدمات ورؤوس الأموال إلى الإمارات.
اليوم تضيف دبي بعدا جديدا لتفوقها الإقليمي بتنظيم هذا الحدث الدولي المهم، ولتثبت للعالم ولجيرانها الكبار أن التفوق لا يعرف قيودا اسمها الحجم، وأن التنويع يتطلب فقط توافر الرؤية الصحيحة السليمة حول سبل التنويع وكيفية المضي فيه، وأن الفكاك من القيد النفطي أمر ممكن، إذا ما توافرت الإرادة والرؤية الصحيحة، وخلصت النية في تحقيقها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق