ينظر دائما إلى دول مجلس التعاون على أنها تمثل حالات استثنائية في مجال الضرائب، حيث لا تفرض هذه الدول ضرائب مستندة إلى ما تحصله من إيرادات من بيع النفط الخام في الخارج وتمويل إنفاقها العام. هذه الحالة الاستثنائية يطلق عليها جنة الضرائب Tax heaven.
الضرائب في العالم تمثل المصدر الكلاسيكي للإيرادات العامة، حيث تعتمد عليها الدول في تمويل إنفاقها العام بصورة أساسية. مثل هذا المصدر للإيرادات يقدم العديد من المزايا للدول التي تعتمد عليه، فهو يضمن للميزانية مصدرا دائما ومستقرا للإيرادات العامة للدولة يعتمد على مستويات النشاط الاقتصادي فيها، فمع تزايد مستويات النشاط الاقتصادي تزداد إيرادات الدولة من الضرائب، ومع تراجع مستويات النشاط الاقتصاد تتراجع إيرادات الدولة منها. من ناحية أخرى، يمكن أن تلعب الضرائب دورا مهما في استقرار النشاط الاقتصادي في تلك الدول، حيث يمكن للدولة في فترات تراجع النشاط أن تقوم بخفض معدلات الضرائب على أرباح قطاع الأعمال بما يسمح له بزيادة مستويات الاستثمار، وكذلك الضرائب على دخول الأفراد بما يؤدي إلى زيادة مستويات استهلاكهم، وهو ما يعمل على رفع مستويات الطلب الكلي في الاقتصاد. من ناحية أخرى، فإنه في أوقات ارتفاع مستويات النشاط الاقتصادي وتزايد معدلات التضخم يمكن للحكومة أن ترفع معدل الضريبة بما يؤدي إلى خفض مستويات الاستثمار والاستهلاك وهو ما يعمل على تهبيط مستويات النشاط الاقتصادي وتخفيض معدلات التضخم.
بسبب غياب الضرائب فإن دول مجلس التعاون تفتقد هذه الأداة الاستقرارية المهمة، التي يمكن أن تساعدها في مواجهة التقلبات في مستويات النشاط الاقتصادي التي يمكن أن تنشأ عن تراجع أسعار النفط، ذلك أن الوضع المالي الحالي لدول المجلس غير مستدام، وجميع السيناريوهات عن مستقبل المالية العامة لهذه الدول تشير إلى احتمالات تحول الفوائض الحالية في ميزانيات هذه الدول إلى عجوزات في المستقبل، على سبيل المثال يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الكويت عجزا في ميزانيتها بحلول عام 2017، وكذلك الوضع في باقي دول المجلس. بغض النظر عن مدى معقولية مثل هذه التوقعات، فإن الاتجاهات الحالية للإنفاق في ظل عدم تنوع الايرادات يمكن أن تعرض هذه الدول لمخاطر كامنة للعجز في أي لحظة، إذا ما اتجهت أسعار النفط في الاتجاه المعاكس، وتزداد هذه المخاطر مع استمرار ارتفاع سعر النفط الذي يضمن توازن الميزانية العامة لهذه الدول.
الضرائب في دول الخليج إذن قادمة لا محالة بسبب استحالة استدامة الأوضاع المالية الحالية للحكومات، ولكن أي نوع من الضرائب؟ الشكل الحالي المطروح للدراسة هو ضريبة القيمة المضافة، والقيمة المضافة هي أي زيادة تحدث في القيمة السوقية للمواد الخام أو السلع عندما يتم تصنيعها أو تجهيزها أو نقلها حتى تصبح في النهاية سلعا قابلة للاستخدام بواسطة مشتريها، وقد تفرض أكثر من مرة في دورة المنتج قبل أن يصل الى المستهلك النهائي، مما يترتب عليه ازدواجية في جمع الضريبة يتم تجاوزها من خلال السماح للمنتج باسترداد ما دفعه من ضرائب في المراحل السابقة من عملية الإنتاج.
في رأيي أن دول مجلس التعاون اختارت النوع الخطأ من الضرائب لتبدأ به نظامها الضريبي، صحيح أن حصيلة ضريبة القيمة المضافة قد تكون وفيرة نسبيا، ولكنها من النوع المعقد نسبيا وتتطلب جهازا ضريبيا كفؤا، وهو ما تفتقده أساسا دول المجلس، وأتوقع في حال تطبيقها أن تنشأ عنها مشكلات ضخمة جدا في عملية التطبيق.
لذلك أقترح بدلا من تطبيق ضريبة القيمة المضافة بمشكلاتها الكامنة، إدخال صيغة أسهل في التحصيل مثل ضريبة المبيعات ثم تطويرها بعد ذلك إلى ضريبة للقيمة المضافة عندما تكتسب الإدارات الضريبية في هذه الدول الخبرة والمهارات المناسبة في ربط وتحصيل الضرائب، والتعامل مع المشكلات القانونية المصاحبة لفرض الضريبة. الفرق بين ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة هو أن ضريبة المبيعات تفرض في مرحلة واحدة فقط من حياة السلعة أو الخدمة، وذلك عند بيعها أو تقديمها للمستهلك النهائي، بينما تفرض ضريبة القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج يتم فيها إضافة قيمة للسلعة.
في المقابل لا تفكر دول المجلس في فرض ضرائب على أرباح قطاع الأعمال، وهي من النوع المباشر السهلة الحساب والتحصيل نسبيا، فقطاع الأعمال يستفيد بشكل مباشر من الإنفاق العام للدولة في أوجه عدة مثل خدمات البنى التحتية، ودعم الكهرباء والماء والوقود وغيرها من السلع العامة التي تدعمها الدولة، كذلك يستفيد قطاع الأعمال بشكل غير مباشر من الإنفاق العام للدولة من خلال استفادة العمالة الوافدة لديه من هذه السلع والخدمات العامة، وهو ما يخفض من تكلفة هذه العمالة عليه. ربما لأن مقاومة قطاع الأعمال لمثل هذه الضرائب كبيرة، متحججا بأن فرض هذه الضرائب يعقد من طبيعة بيئة الأعمال في الخليج ويجعل أسواق هذه الدول طاردة لرؤوس الأموال، فضلا عن أنها تؤدي إلى المزيد من التضخم، وهي جميعها حجج واهية، فطالما أن قطاع الأعمال يحقق أرباحا ستظل بيئة الأعمال جاذبة لرؤوس الأموال.
إن هذا الوضع يخلق حالة استثنائية لقطاع الأعمال الخليجي، حيث إنه عندما يعمل هذا القطاع في الخارج، فإنه يضطر إلى دفع ضرائب على صافي أرباحه لحكومات الدول التي يعمل فيها دون أي مقاومة، في الوقت الذي يقاوم دفع الضرائب نفسها عن أرباحه إلى حكومات الدول التي ينتمي إليها.
من ناحية أخرى، فإن الهياكل الحالية للضرائب على الأرباح قد تحمل تمييزا واضحا ضد مؤسسات الأعمال الأجنبية التي تعمل في تلك الدول، على سبيل المثال في الكويت، حيث تدفع هذه المؤسسات ضريبة على صافي أرباحها، بينما لا تدفع المؤسسات الكويتية ضرائب مماثلة، وهو ما يمثل تمييزا يدفع بمؤسسات الأعمال الأجنبية إلى عدم تفضيل الاستثمار في الكويت، وبسبب هذه الأوضاع الضريبية وغيرها من العوامل، تعد الكويت من البيئات غير الجاذبة للاستثمار الأجنبي، وتحتل ترتيبا متأخرا جدا في قدرتها على اجتذاب الاستثمار.
بالطبع فإن خيار فرض الضرائب على دخول الأفراد قد يكون غير مناسب في المرحلة الحالية، حيث يعمل الجميع تقريبا لدى الحكومة، ففرض مثل هذه الضريبة ستصاحبه في المقابل مطالب بزيادة الأجور والرواتب، وما ستجمعه الدولة من مثل هذه الضرائب ستضطر إلى دفعه في صورة زيادات في الرواتب.
أيا كانت الصيغة التي ستلجأ إليها دول المجلس في إدخال الضريبة فلا شك أن إعادة هيكلة النظام الضريبي الحالي سيعمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة للدولة وتخفيف اعتمادها على الإيرادات النفطية.
الضرائب في العالم تمثل المصدر الكلاسيكي للإيرادات العامة، حيث تعتمد عليها الدول في تمويل إنفاقها العام بصورة أساسية. مثل هذا المصدر للإيرادات يقدم العديد من المزايا للدول التي تعتمد عليه، فهو يضمن للميزانية مصدرا دائما ومستقرا للإيرادات العامة للدولة يعتمد على مستويات النشاط الاقتصادي فيها، فمع تزايد مستويات النشاط الاقتصادي تزداد إيرادات الدولة من الضرائب، ومع تراجع مستويات النشاط الاقتصاد تتراجع إيرادات الدولة منها. من ناحية أخرى، يمكن أن تلعب الضرائب دورا مهما في استقرار النشاط الاقتصادي في تلك الدول، حيث يمكن للدولة في فترات تراجع النشاط أن تقوم بخفض معدلات الضرائب على أرباح قطاع الأعمال بما يسمح له بزيادة مستويات الاستثمار، وكذلك الضرائب على دخول الأفراد بما يؤدي إلى زيادة مستويات استهلاكهم، وهو ما يعمل على رفع مستويات الطلب الكلي في الاقتصاد. من ناحية أخرى، فإنه في أوقات ارتفاع مستويات النشاط الاقتصادي وتزايد معدلات التضخم يمكن للحكومة أن ترفع معدل الضريبة بما يؤدي إلى خفض مستويات الاستثمار والاستهلاك وهو ما يعمل على تهبيط مستويات النشاط الاقتصادي وتخفيض معدلات التضخم.
بسبب غياب الضرائب فإن دول مجلس التعاون تفتقد هذه الأداة الاستقرارية المهمة، التي يمكن أن تساعدها في مواجهة التقلبات في مستويات النشاط الاقتصادي التي يمكن أن تنشأ عن تراجع أسعار النفط، ذلك أن الوضع المالي الحالي لدول المجلس غير مستدام، وجميع السيناريوهات عن مستقبل المالية العامة لهذه الدول تشير إلى احتمالات تحول الفوائض الحالية في ميزانيات هذه الدول إلى عجوزات في المستقبل، على سبيل المثال يتوقع صندوق النقد الدولي أن تحقق الكويت عجزا في ميزانيتها بحلول عام 2017، وكذلك الوضع في باقي دول المجلس. بغض النظر عن مدى معقولية مثل هذه التوقعات، فإن الاتجاهات الحالية للإنفاق في ظل عدم تنوع الايرادات يمكن أن تعرض هذه الدول لمخاطر كامنة للعجز في أي لحظة، إذا ما اتجهت أسعار النفط في الاتجاه المعاكس، وتزداد هذه المخاطر مع استمرار ارتفاع سعر النفط الذي يضمن توازن الميزانية العامة لهذه الدول.
الضرائب في دول الخليج إذن قادمة لا محالة بسبب استحالة استدامة الأوضاع المالية الحالية للحكومات، ولكن أي نوع من الضرائب؟ الشكل الحالي المطروح للدراسة هو ضريبة القيمة المضافة، والقيمة المضافة هي أي زيادة تحدث في القيمة السوقية للمواد الخام أو السلع عندما يتم تصنيعها أو تجهيزها أو نقلها حتى تصبح في النهاية سلعا قابلة للاستخدام بواسطة مشتريها، وقد تفرض أكثر من مرة في دورة المنتج قبل أن يصل الى المستهلك النهائي، مما يترتب عليه ازدواجية في جمع الضريبة يتم تجاوزها من خلال السماح للمنتج باسترداد ما دفعه من ضرائب في المراحل السابقة من عملية الإنتاج.
في رأيي أن دول مجلس التعاون اختارت النوع الخطأ من الضرائب لتبدأ به نظامها الضريبي، صحيح أن حصيلة ضريبة القيمة المضافة قد تكون وفيرة نسبيا، ولكنها من النوع المعقد نسبيا وتتطلب جهازا ضريبيا كفؤا، وهو ما تفتقده أساسا دول المجلس، وأتوقع في حال تطبيقها أن تنشأ عنها مشكلات ضخمة جدا في عملية التطبيق.
لذلك أقترح بدلا من تطبيق ضريبة القيمة المضافة بمشكلاتها الكامنة، إدخال صيغة أسهل في التحصيل مثل ضريبة المبيعات ثم تطويرها بعد ذلك إلى ضريبة للقيمة المضافة عندما تكتسب الإدارات الضريبية في هذه الدول الخبرة والمهارات المناسبة في ربط وتحصيل الضرائب، والتعامل مع المشكلات القانونية المصاحبة لفرض الضريبة. الفرق بين ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة هو أن ضريبة المبيعات تفرض في مرحلة واحدة فقط من حياة السلعة أو الخدمة، وذلك عند بيعها أو تقديمها للمستهلك النهائي، بينما تفرض ضريبة القيمة المضافة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج يتم فيها إضافة قيمة للسلعة.
في المقابل لا تفكر دول المجلس في فرض ضرائب على أرباح قطاع الأعمال، وهي من النوع المباشر السهلة الحساب والتحصيل نسبيا، فقطاع الأعمال يستفيد بشكل مباشر من الإنفاق العام للدولة في أوجه عدة مثل خدمات البنى التحتية، ودعم الكهرباء والماء والوقود وغيرها من السلع العامة التي تدعمها الدولة، كذلك يستفيد قطاع الأعمال بشكل غير مباشر من الإنفاق العام للدولة من خلال استفادة العمالة الوافدة لديه من هذه السلع والخدمات العامة، وهو ما يخفض من تكلفة هذه العمالة عليه. ربما لأن مقاومة قطاع الأعمال لمثل هذه الضرائب كبيرة، متحججا بأن فرض هذه الضرائب يعقد من طبيعة بيئة الأعمال في الخليج ويجعل أسواق هذه الدول طاردة لرؤوس الأموال، فضلا عن أنها تؤدي إلى المزيد من التضخم، وهي جميعها حجج واهية، فطالما أن قطاع الأعمال يحقق أرباحا ستظل بيئة الأعمال جاذبة لرؤوس الأموال.
إن هذا الوضع يخلق حالة استثنائية لقطاع الأعمال الخليجي، حيث إنه عندما يعمل هذا القطاع في الخارج، فإنه يضطر إلى دفع ضرائب على صافي أرباحه لحكومات الدول التي يعمل فيها دون أي مقاومة، في الوقت الذي يقاوم دفع الضرائب نفسها عن أرباحه إلى حكومات الدول التي ينتمي إليها.
من ناحية أخرى، فإن الهياكل الحالية للضرائب على الأرباح قد تحمل تمييزا واضحا ضد مؤسسات الأعمال الأجنبية التي تعمل في تلك الدول، على سبيل المثال في الكويت، حيث تدفع هذه المؤسسات ضريبة على صافي أرباحها، بينما لا تدفع المؤسسات الكويتية ضرائب مماثلة، وهو ما يمثل تمييزا يدفع بمؤسسات الأعمال الأجنبية إلى عدم تفضيل الاستثمار في الكويت، وبسبب هذه الأوضاع الضريبية وغيرها من العوامل، تعد الكويت من البيئات غير الجاذبة للاستثمار الأجنبي، وتحتل ترتيبا متأخرا جدا في قدرتها على اجتذاب الاستثمار.
بالطبع فإن خيار فرض الضرائب على دخول الأفراد قد يكون غير مناسب في المرحلة الحالية، حيث يعمل الجميع تقريبا لدى الحكومة، ففرض مثل هذه الضريبة ستصاحبه في المقابل مطالب بزيادة الأجور والرواتب، وما ستجمعه الدولة من مثل هذه الضرائب ستضطر إلى دفعه في صورة زيادات في الرواتب.
أيا كانت الصيغة التي ستلجأ إليها دول المجلس في إدخال الضريبة فلا شك أن إعادة هيكلة النظام الضريبي الحالي سيعمل على تنويع مصادر الإيرادات العامة للدولة وتخفيف اعتمادها على الإيرادات النفطية.
تحليل رائع لبعض الاستراتيجيات الاقتصادية التي يمكن ان تكون بديل للدخل القومي ولسياسة التنويع ولكن اريد ان استفسر منك استاذ عن قضية مندقة العبور transit zone ومدى فاعليتها في دول الخليج
ردحذف