بلغ معدل صرف الدولار الكندي، أو ما يطلق عليه أحيانا اللوني Loonie، بالدولار الأمريكي في عام 2004 نحو 75 سنتا أمريكيا، ومنذ ذلك الحين أخذ معدل صرف اللوني في التزايد مستفيدا من الأزمة المالية العالمية والتي انعكست في صورة تراجع معدل صرف الدولار الأمريكي نتيجة للسياسات النقدية التوسعية للولايات المتحدة، وتفضيل سياسة الدولار الضعيف لتشجيع القطاع الخارجي الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى تفضيل المستثمرين للعملات الأخرى في العالم، وقد كانت أهم العملات التي تزايد الطلب عليها هو اللوني الكندي، ولم يقتصر هذا النمو في الطلب على المستثمرين من القطاع الخاص، وإنما شمل أيضا البنوك المركزية في العالم بسبب استمرار أسعاره في الارتفاع حتى بلغ نحو 1.1 دولار.
لقد بدأ اللوني في الظهور كعملة مستقلة ضمن توليفة الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية في الربع الرابع من عام 2012، حيث قدر صندوق النقد الدولي احتياطيات البنوك المركزية في دول العالم من اللوني بنحو 91 مليار دولار أمريكي، ارتفعت إلى نحو 112.5 مليار في الربع الثالث من 2013.
في الأسبوع الماضي تراجع اللوني لأدنى مستوياته مقابل الدولار منذ 2009، ولكن ما طبيعة العوامل المسؤولة عن تراجع قيمة اللوني لكي تتدهور إلى هذا الحد وتتقلب قيمته اليوم بصورة عنيفة مقارنة بالوضع الذي كان عليه في الماضي؟ لعل أهم وأخطر هذه العوامل هو انعكاس اتجاه العوامل التي أدت إلى انتعاش الطلب العالمي على اللوني مع تراجع قيمة الدولار الأمريكي، فمثله مثل باقي عملات الدول الناشئة، يؤدي ازدياد التوقعات أن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي عن عمليات شراء السندات إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، وعندما يرتفع الدولار الأمريكي تتراجع العملات الأخرى التي أصبحت منافسة له على صعيد الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي، وعلى رأسها اللوني، وفي أثناء كتابة هذا المقال أعلن الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي عن استمراره في سياسة التخفيض المتتالي لبرنامج شراء السندات بعشرة مليارات دولار إضافية، حيث ينخفض إجمالي المشتريات الشهرية إلى 65 مليار دولار، وهو ما يعكس تزايد الثقة في استعادة النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومن ثم زيادة الطلب على الدولار الأمريكي، وتزايد الضغوط على اللوني وغيره من العملات.
عندما تتراجع قيمة العملة فإن رفع معدلات الفائدة يصبح خط الدفاع الأول لزيادة الطلب عليها وتحسين معدل صرفها بالنسبة للعملات الأخرى، ومع بدء تراجع قيمة اللوني وجد البنك المركزي الكندي نفسه بين خيارين، الأول هو رفع معدلات الفائدة، حيث يزداد طلب المستثمرين على السندات الكندية، ومن ثم ارتفاع أسعار اللوني، والثاني هو السماح لمعدلات النمو الاقتصادي في التراجع نتيجة للآثار السلبية التي تتركها عمليات رفع معدلات الفائدة على المستوى الكلي، وقد اختار بنك كندا المركزي الاستمرار في الحفاظ على معدلات الفائدة عند 1 في المائة، معلنا أنه ليس هناك تفكير حاليا في رفع معدلات الفائدة ربما قبل حلول 2015، لذلك يتوقع بعض المراقبين أن يستمر الانخفاض في قيمة اللوني نتيجة لذلك.
أخيرا أعلنت الصين، أكبر دول العالم احتفاظا بالاحتياطيات من النقد الأجنبي، بأنها لا تفكر حاليا في زيادة احتياطياتها، وهو ما يعني انخفاض الطلب على عملات الاحتياط الدولية كافة، والتي برز منها في الفترة الأخيرة اللوني. ولقد مثل إعلان البنك المركزي الصيني ضربة إضافية للوني، حيث يتوقع أن يؤدي إلى استمرار الضغوط على العملة الكندية.
يتسم الاقتصاد الكندي بأنه اقتصاد يعتمد على الصادرات سواء الصناعية أو من الموارد الطبيعية، حيث يأتي نحو 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في كندا من الصادرات، ونحو 80 في المائة من هذه الصادرات تذهب إلى الولايات المتحدة، ومن ثم فإن التغيرات التي تحدث في الاقتصاد الأمريكي تؤثر بصورة مباشرة في اللوني، على رأس هذه السلع يأتي النفط، وحيث إن التوقعات الحالية حول مستقبل أسعار النفط ليست جذابة، خصوصا أن النفط الكندي من النوع الثقيل "بصفة خاصة النفط الرملي" وسعر هذا النوع من النفط منخفض عن النفط التقليدي، يتوقع أن يؤثر ذلك في حصيلة الصادرات الكندية. أكثر من ذلك فإن كندا تصدر الكثير من المعادن وعلى رأسها الذهب، حيث تعاني مناجم الذهب في العالم في الوقت الحالي، بصفة خاصة المناجم ذات التكلفة المرتفعة، من تراجع أسعار الذهب، أكثر من ذلك فإن الطلب على الذهب يتوقع أن يميل نحو التراجع مع استعادة النشاط الاقتصادي في الاقتصاد العالمي، وهو ما يضع ضغوطا أكبر على أسعار الذهب في المستقبل، ومن ثم تراجع أسعار اللوني.
ولكن إذا كان انخفاض اللوني يحمل أخبارا سيئة للمستثمرين الدوليين والبنوك المركزية في العالم التي تحتفظ بجانب من احتياطياتها منه، فهل يحمل انخفاض اللوني أخبارا سيئة لكندا؟ واقع الأمر هو أن خفض قيمة اللوني الكندي ستكون له آثار إيجابية وسلبية في الوقت ذاته في الأجل القصير والمتوسط، سواء بالنسبة لتنافسية كندا، ومن ثم لميزان المدفوعات أو رفع معدلات النمو الاقتصادي المتوقع.
إذ يرحب المصدرون للمنتجات الصناعية في كندا بهذا التراجع في قيمة اللوني، حيث إن انخفاض قيمته يعني أن الصادرات الصناعية الكندية أصبحت أقل من حيث التكلفة بالنسبة للأجانب، وفي الوقت ذاته تصبح المنتجات الصناعية الأجنبية المنافسة للصناعات الكندية أقل جذبا للمستهلك المحلي نظرا لارتفاع أسعارها.
من ناحية أخرى، سيتسبب اللوني المنخفض في انخفاض أسعار الصادرات الكندية من الموارد الطبيعية كالمعادن، الأمر الذي يمنح الصادرات الكندية ميزة تنافسية في سوق المواد الخام أيضا، ومن ثم رفع القدرة التنافسية للاقتصاد الكندي في مواجهة منافسيه. أكثر من ذلك فإن انخفاض قيمة اللوني سيشجع على تزايد الاستثمارات الأجنبية في كندا، مما يساعد على زيادة معدلات الاستثمار والنمو، فضلا عن تزايد تدفقات السياحة إلى كندا.
أما أهم الجوانب السلبية لتراجع اللوني فتتمثل في تأثر إنتاج الصناعات التي تعتمد على المدخلات المستوردة، حيث سترتفع أسعار المدخلات المستوردة، مما يؤدي إلى تقليص النمو الناتج عن خفض الواردات من الخارج، كما أن انخفاض اللوني سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ومن ثم خفض الأجور الحقيقية للعمال مسببا خفضا في مستويات الإنفاق الاستهلاكي المحلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو إلى أي مدى سيستمر اللوني في الانخفاض؟ وفقا للخبراء يتوقع أن يستمر معدل صرف اللوني في التراجع حتى يصل إلى 85 سنتا فقط قبل أن تتوقف عمليات انخفاضه.
لقد بدأ اللوني في الظهور كعملة مستقلة ضمن توليفة الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية في الربع الرابع من عام 2012، حيث قدر صندوق النقد الدولي احتياطيات البنوك المركزية في دول العالم من اللوني بنحو 91 مليار دولار أمريكي، ارتفعت إلى نحو 112.5 مليار في الربع الثالث من 2013.
في الأسبوع الماضي تراجع اللوني لأدنى مستوياته مقابل الدولار منذ 2009، ولكن ما طبيعة العوامل المسؤولة عن تراجع قيمة اللوني لكي تتدهور إلى هذا الحد وتتقلب قيمته اليوم بصورة عنيفة مقارنة بالوضع الذي كان عليه في الماضي؟ لعل أهم وأخطر هذه العوامل هو انعكاس اتجاه العوامل التي أدت إلى انتعاش الطلب العالمي على اللوني مع تراجع قيمة الدولار الأمريكي، فمثله مثل باقي عملات الدول الناشئة، يؤدي ازدياد التوقعات أن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي عن عمليات شراء السندات إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، وعندما يرتفع الدولار الأمريكي تتراجع العملات الأخرى التي أصبحت منافسة له على صعيد الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي، وعلى رأسها اللوني، وفي أثناء كتابة هذا المقال أعلن الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي عن استمراره في سياسة التخفيض المتتالي لبرنامج شراء السندات بعشرة مليارات دولار إضافية، حيث ينخفض إجمالي المشتريات الشهرية إلى 65 مليار دولار، وهو ما يعكس تزايد الثقة في استعادة النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، ومن ثم زيادة الطلب على الدولار الأمريكي، وتزايد الضغوط على اللوني وغيره من العملات.
عندما تتراجع قيمة العملة فإن رفع معدلات الفائدة يصبح خط الدفاع الأول لزيادة الطلب عليها وتحسين معدل صرفها بالنسبة للعملات الأخرى، ومع بدء تراجع قيمة اللوني وجد البنك المركزي الكندي نفسه بين خيارين، الأول هو رفع معدلات الفائدة، حيث يزداد طلب المستثمرين على السندات الكندية، ومن ثم ارتفاع أسعار اللوني، والثاني هو السماح لمعدلات النمو الاقتصادي في التراجع نتيجة للآثار السلبية التي تتركها عمليات رفع معدلات الفائدة على المستوى الكلي، وقد اختار بنك كندا المركزي الاستمرار في الحفاظ على معدلات الفائدة عند 1 في المائة، معلنا أنه ليس هناك تفكير حاليا في رفع معدلات الفائدة ربما قبل حلول 2015، لذلك يتوقع بعض المراقبين أن يستمر الانخفاض في قيمة اللوني نتيجة لذلك.
أخيرا أعلنت الصين، أكبر دول العالم احتفاظا بالاحتياطيات من النقد الأجنبي، بأنها لا تفكر حاليا في زيادة احتياطياتها، وهو ما يعني انخفاض الطلب على عملات الاحتياط الدولية كافة، والتي برز منها في الفترة الأخيرة اللوني. ولقد مثل إعلان البنك المركزي الصيني ضربة إضافية للوني، حيث يتوقع أن يؤدي إلى استمرار الضغوط على العملة الكندية.
يتسم الاقتصاد الكندي بأنه اقتصاد يعتمد على الصادرات سواء الصناعية أو من الموارد الطبيعية، حيث يأتي نحو 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في كندا من الصادرات، ونحو 80 في المائة من هذه الصادرات تذهب إلى الولايات المتحدة، ومن ثم فإن التغيرات التي تحدث في الاقتصاد الأمريكي تؤثر بصورة مباشرة في اللوني، على رأس هذه السلع يأتي النفط، وحيث إن التوقعات الحالية حول مستقبل أسعار النفط ليست جذابة، خصوصا أن النفط الكندي من النوع الثقيل "بصفة خاصة النفط الرملي" وسعر هذا النوع من النفط منخفض عن النفط التقليدي، يتوقع أن يؤثر ذلك في حصيلة الصادرات الكندية. أكثر من ذلك فإن كندا تصدر الكثير من المعادن وعلى رأسها الذهب، حيث تعاني مناجم الذهب في العالم في الوقت الحالي، بصفة خاصة المناجم ذات التكلفة المرتفعة، من تراجع أسعار الذهب، أكثر من ذلك فإن الطلب على الذهب يتوقع أن يميل نحو التراجع مع استعادة النشاط الاقتصادي في الاقتصاد العالمي، وهو ما يضع ضغوطا أكبر على أسعار الذهب في المستقبل، ومن ثم تراجع أسعار اللوني.
ولكن إذا كان انخفاض اللوني يحمل أخبارا سيئة للمستثمرين الدوليين والبنوك المركزية في العالم التي تحتفظ بجانب من احتياطياتها منه، فهل يحمل انخفاض اللوني أخبارا سيئة لكندا؟ واقع الأمر هو أن خفض قيمة اللوني الكندي ستكون له آثار إيجابية وسلبية في الوقت ذاته في الأجل القصير والمتوسط، سواء بالنسبة لتنافسية كندا، ومن ثم لميزان المدفوعات أو رفع معدلات النمو الاقتصادي المتوقع.
إذ يرحب المصدرون للمنتجات الصناعية في كندا بهذا التراجع في قيمة اللوني، حيث إن انخفاض قيمته يعني أن الصادرات الصناعية الكندية أصبحت أقل من حيث التكلفة بالنسبة للأجانب، وفي الوقت ذاته تصبح المنتجات الصناعية الأجنبية المنافسة للصناعات الكندية أقل جذبا للمستهلك المحلي نظرا لارتفاع أسعارها.
من ناحية أخرى، سيتسبب اللوني المنخفض في انخفاض أسعار الصادرات الكندية من الموارد الطبيعية كالمعادن، الأمر الذي يمنح الصادرات الكندية ميزة تنافسية في سوق المواد الخام أيضا، ومن ثم رفع القدرة التنافسية للاقتصاد الكندي في مواجهة منافسيه. أكثر من ذلك فإن انخفاض قيمة اللوني سيشجع على تزايد الاستثمارات الأجنبية في كندا، مما يساعد على زيادة معدلات الاستثمار والنمو، فضلا عن تزايد تدفقات السياحة إلى كندا.
أما أهم الجوانب السلبية لتراجع اللوني فتتمثل في تأثر إنتاج الصناعات التي تعتمد على المدخلات المستوردة، حيث سترتفع أسعار المدخلات المستوردة، مما يؤدي إلى تقليص النمو الناتج عن خفض الواردات من الخارج، كما أن انخفاض اللوني سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ومن ثم خفض الأجور الحقيقية للعمال مسببا خفضا في مستويات الإنفاق الاستهلاكي المحلي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو إلى أي مدى سيستمر اللوني في الانخفاض؟ وفقا للخبراء يتوقع أن يستمر معدل صرف اللوني في التراجع حتى يصل إلى 85 سنتا فقط قبل أن تتوقف عمليات انخفاضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق