الثلاثاء، أغسطس ١٨، ٢٠٠٩

لننتبه: النفط سينفد بسرعة أكبر مما نتوقع

نشر في جريدة القبس بتاريخ الاربعاء 19/8/2009
النفط سينفد في أحد الأيام من تاريخنا، هذه حقيقة لا يجب أن نغفل عنها أو نتجاهلها أو نؤجل النظر فيها. من المؤكد أن هذا اليوم سوف يأتي علينا، من المؤكد أيضا أن ذلك اليوم ليس في السنة الحالية أو القادمة، ولكنه سوف يحدث في سنة ما قادمة من تاريخنا القادم في المستقبل، وهنا، في الكويت. المدة الزمنية التي تفصلنا عن هذه السنة ليست بعيدة كما يظن البعض، تنبؤاتي أن هذه السنة سوف تحدث في حياة من يولدون اليوم قبل أن يصلوا إلى سن التقاعد، هذه حقيقة مؤكدة، مرة أخرى هذه حقيقة مؤكدة، فما هي استعداداتنا لهذا اليوم؟ الإجابة ببساطة شديدة "صفر".

في مقابلة مع صحيفة الاندبندت البريطانية توقع الدكتور Fatih Birol الاقتصادي بهيئة الطاقة الدولية أن يبدأ العد العكسي لإنتاج النفط في العالم في عام 2020، أي أن ذروة الإنتاج العالمي من النفط سوف تتحقق في ذلك العام، بعدها يأخذ دور النفط في العالم في التراجع وبالتالي يبدأ العالم يتهيأ لنفاد النفط كمصدر رئيسي للطاقة في العصر الحديث، وذلك من خلال البحث عن بديل آخر لتوليد الطاقة.

ماذا تعني عبارة ذروة الإنتاج العالمي من النفط، إنها ببساطة شديدة تعني أن العالم سيواجه اختلالا جوهريا في موازين الطلب والعرض من النفط، ذلك أن الطلب المتزايد على الطاقة لن يتم الوفاء به ببساطة من خلال زيادة المعروض من الإنتاج النفطي، وذلك لبدء تراجع القدرات الإنتاجية النفطية في العالم. ويستند توقع الدكتور بيرول على أساس أن احتياطيات النفط في العالم تتراجع حاليا بمعدلات أعلى مما كان متوقع مسبقا، ومن ثم جاءت التنبؤات التي قام بها بيرول مختلفة عن معظم التنبؤات السائدة حاليا والتي كانت تتوقع أن يبدأ العد العكسي لإنتاج النفط في العالم في سنة 2030، لذلك يحاول بيرول في المقابلة أن يدق ناقوس الخطر للعالم لكي يستعد بشكل أكبر لنفاد النفط، وأن يبدأ خطط الاستعداد لتوفير بدائل الطاقة النفطية بصورة أسرع وبشكل أكثر جدية حتي يتجنب العالم الآثار الكارثية لنفاد النفط، بصفة خاصة على أسعار النفط. بالنسبة لي لا أرى فارقا زمنيا كبيرا بين أن يصل الإنتاج العالمي للنفط إلى قمته في 2020 أو في 2030، أنا انظر بمنظار زمني أطول، أنا أنظر في إطار المدى الزمني لدولة هي الكويت، ووفقا لهذا المنظار فان عشر سنوات هي لحظة زمنية قصيرة جدا في تاريخنا.

من وجهة نظر بيرول فان اختلالات الطلب والعرض في السوق العالمي للنفط سوف تدفع بأسعار النفط إلى الارتفاع لمستويات عالية قد تهدد عملية استعادة النشاط الاقتصادي من الأزمة الحالية في العالم بسرعة وبأمان. ولتوضيح ذلك يعرض بيرول سيناريوهين لتوازنات الطلب والعرض من النفط، الأول يقوم على أنه في حالة ثبات الطلب العالمي على النفط عند مستوياته الحالية فإن العالم سوف يحتاج في المستقبل إلى أربع دول جديدة تنتج من النفط ما يعادل إنتاج المملكة العربية السعودية، أما إذا استمر الطلب العالمي على النفط في التزايد، فان العالم سوف يحتاج إلى ست دول نفطية جديدة تنتج من النفط ما يعادل إنتاج المملكة من الآن وحتى عام 2030. من الناحية المادية فان احتمال تحقق سيناريوهات العرض هذه يعد مستحيلا، أخذا في الاعتبار مستويات الاحتياطي المحدود من النفط في العالم. غير أنه تنبغي الإشارة إلى أن البعض يرى أن عملية التنبؤ بالنقطة الزمنية التي يصل فيها إنتاج النفط إلى القمة غير صحيحة، لأنه يصعب من الناحية العملية التنبؤ بها لأن هناك درجة كبيرة من عدم التأكد المتعلق بحجم الاحتياطيات العالمية من النفط، وهو ما يجعل من المستحيل من الناحية الفنية القيام بذلك.

وفقا لبيرول فان الاحتياطي العالمي من النفط يتراجع حاليا بحوالي 7% سنويا، ماذا يعني ذلك؟ إن ذلك يعني أن هناك مشكلة عرض خطيرة يمكن أن يواجهها العالم في المستقبل القريب إذا صدقت هذه التنبؤات، وسوف تدفع هذه الاختلالات بسعر النفط نحو السماء، ويتوقع بيرول أن سعر النفط ربما يصل إلى 200 دولارا في 2013، أعلم أن البعض سوف يسر لهذه الأخبار السعيدة عن أسعار النفط، ولكن هذه التوقعات لا تسرني، لأنها ببساطة شديدة تعد بمثابة إعلان بداية النهاية للحقبة النفطية في الكويت، وبداية حقبة جديدة لن يكون فيها النفط هو مصدر الدخل.

عزيزي القارئ أتدرك الآن لماذا أنادي من وقت لآخر بأن نفيق من ثباتنا العميق وأن ننتبه بصورة أكبر إلى مستقبلنا واستمرار وجودنا في هذا البلد، ماذا نحن فاعلون بعد أن ينفذ النفط؟ سؤال سألته على الملأ أكثر من ألف مرة، بالنسبة لي هو سؤال البليون دولار، والذي للأسف لا أجد عليه إجابة حاليا، ومما يثير دهشتي البالغة أنه لا أحد يفكر، مجرد يفكر، في أن يحاول أن يجد إجابة له، لا أحد!!.

هل لأنه ليس هناك إجابة جاهزة لهذا السؤال؟ أم لأن الموضوع أصعب من أن نجد له إجابة؟ أم أن لدينا خططا إستراتيجية سرية لا يجوز الكشف عنها حول استعداداتنا لهذا اليوم؟ أم لأننا ببساطة حزمنا حقائبنا ودبرنا أمورنا وحجزنا تذاكرنا على أول طائرة لنغادر الكويت في هذا اليوم. لا أرى أي مشكلة بالنسبة لمن يستطيعون تأمين حياة لهم ولأسرهم خارج الكويت، مشكلتي الأساسية هي فيمن لا يستطيعون وليس لديهم الإمكانيات المادية لكي يقومون بذلك، أو ليس لديهم القدرة التنافسية في أن يجدوا عملا يوفر لهم دخلا كريما خارج الكويت، ماذا سيفعل هؤلاء؟ سؤال أوجهه لمن يستعدون للمغادرة، هل سنتركهم وراءنا ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم؟، أم ماذا؟ متى نتوقف عن هدر ثروتنا النفطية في تمويل استهلاكنا الترفي، ونستغل هذه الثروة في إيجاد بديل آخر للدخل غير النفط؟ سؤال بسيط ما زال ينتظر الإجابة، ولكن للأسف ليس هناك وقت كاف للإجابة.

روابط:
http://www.boom2bust.com/2009/08/05/iea-economist-warns-of-peak-oil-production-by-2020

هناك تعليقان (٢):

  1. دكتور انسحك اب هل فلم

    قمة بالروعة

    http://www.youtube.com/watch?v=3sPDNR2YS3s&feature=fvw

    ردحذف
  2. شكرا على الرابط، نعم الفيلم ممتاز وأنصح القراء بمشاهدته.
    يمكنك أيضا زيارة المدونتين التاليتين، وهما متخصصتان في اقتصاديات ذروة النفط

    http://peakoil.blogspot.com
    http://peakwatch.typepad.com

    الموضوعات التي يتم مناقشتها في هاتين المدونتين مرعبة بالنسبة لنا هنا في الكويت، ولكن للأسف نحن "ودن من طين وودن من عجين" كما يقول المثل الشعبي المصري، ولا أدرى متي سنفيق من غفلتنا عن مستقبلنا ومستقبل اجيالنا على هذه الارض.

    ردحذف