السبت، أغسطس ٠١، ٢٠٠٩

مقال ضيف

تحديات السياسات لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد الأزمة

من الشكليات إلى الجوهر

أحمد محمد محمود نصار – باحث اقتصادي

alahmedonline@yahoo.com


صدر تقرير صندوق النقد الدولي الأخير حول الأزمة المالية والخاص بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتصريحه أن هذه الدول قد تجاوزت الأزمة بفضل سياساتها الملائمة وضخامة احتياطياتها من النقد الأجنبي ، مع التأكيد أن التباطؤ متوقع في عام 2009 بمعدل 2.6 وبعد ذلك تعود اقتصاديات هذه الدول إلى الانتعاش في عام 2010 بمعدل 3.6 وهذه النتائج قد أفرزتها تجربة هذه الدول مع الأزمة وكيفية تعاطي السياسات معها كونها اكتسبت خبرة سابقة في إدارة الأزمات التي تحدثها اقتصاديات الدول المتقدمة ، إلا أن التحديات التي وصفها التقرير على لسان السيد مسعود احمد مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صندوق النقد الدولي لا تعدو كونها تبريرية وليست إصلاحية جوهرية فهيكل الأنظمة المالية المعاصرة يحتاج إصلاحات على مستوى السياسة والهيكل وليس السياسة فقط لان السياسة تحتاج مسبقا إلى دعائم فلسفية مدعومة بهياكل تنظيمية تخدم هذه الفلسفة ، والإصلاحات التي تحدث عنها السيد مسعود احمد هي أولاً : الحفاظ على مستوى الإنفاق العام وزيادته في بعض الحالات دون الخوف من زيادة الدين العام وثانيا ً تقوية النظم المصرفية لضمان قدرتها على مواجه الطوارئ والثالث تحفيز الاستثمار والنمو من خلال السياسة النقدية ورابعاً الاهتمام أكثر بشبكات الضمان الاجتماعي ، وعودا إلى ما قلناه حول الوصفة التبريرية بدلا من العلاجية فإننا لا نقلل من أهمية هذه الإصلاحات بل نؤكد عليها لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ارتباط هذه الإصلاحات بالأسباب المباشرة للأزمة فالإنفاق العام وزيادته يجب أن يخضع للأولويات مع التحرز الشديد من الدين العام بدلا من القول بأنه لا يضر في ضوء الإصلاحات لان السبب الرئيسي للأزمة هو سلوك الدين في المجتمع الذي لا نستطيع التحكم به إذا استفحل في المجتمع لأنه يرفع مستوى الاستهلاك بصورة غير حقيقية مما ينعكس على عدم وضوح الرؤية بالنسبة للنمو والاستثمار وكذلك تقوية النظم المصرفية ليس فقط بإعداد خطط الطوارئ والاهتمام بها ولكن إعادة النظر في النظم المصرفية نفسها فإدارة المخاطر بحد ذاتها ليست هي المقصودة بالإصلاح وإنما كيفية نشوء هذه المخاطر وخاصة النظامية في الاقتصاد المالي ليتم تذليلها مسبقا بدلا من إثباتها ثم قياسها ومن ثم التحوط منها وأما تحفيز الاستثمار والنمو من خلال السياسة النقدية أيضا لا يجب أن ننظر إليه بهذه الصورة لان تحفيز الاستثمار والنمو يتحقق بالتخطيط الاقتصادي السليم للإنتاج الحقيقي لكي يكون متوافقا مع الاقتصاد المالي ( الغير حقيقي ) دون موجات الضغوط التضخمية وإنما موجات التوازن الاقتصادي ، وأخيرا شبكات الضمان الاجتماعي ، فيجب أن يتم التعامل معها وفقا لمبادئ العدالة الاجتماعية التي تنشدها كل المذاهب الاقتصادية وليس فقط الاستناد إلى العلوم الاكتوارية وذلك بتقليل كلفة الضمان الاجتماعي المباشرة والغير مباشرة ونشر هذه الثقافة على مستوى المؤسسات والتركيب الاجتماعي للسكان في هذه الدول كون الرابطة الاجتماعية فيها أكثر تأثيرا ووضوحا من الدول الغربية عموما ، وفي الختام اقو لان تحديات السياسات لا يجب أن تكون استدراكاً للأخطاء وإنما معالجة للأخطاء من جذورها .

إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الفعلي والمتوقع خلال الفترة من 2007 – 2010

فعلي

فعلي

توقعات

توقعات

السنوات

2007

2008

2009

2010

المعدل

6

5.7

2.6

3.6


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق