الله يرحم ساعي البريد الذي كنا ننتظره دائما بلهفة شديدة ليسلمنا الرسائل التي تحمل إلينا الأخبار أو الاتصالات المكتوبة من قبل أعزائنا أو من جهة العمل أو البنك، أو تحمل إلينا أخبارا أخرى سارة أو غير سارة. الشيء المحزن أن ساعي البريد سوف يتحول قريبا إلى مهنة انقرضت مثل مهنة ألمشاعلي، الذي كان يضيء لمبات الكيروسين في الشوارع قبل أن تدخلها لمبات الكهرباء، أو مبيض النحاس قبل أن تنتشر الأواني الألمنيوم.
قريبا سوف ندخل منطقة السوق المركزي ونشير إلى مكان ما في المنطقة لنقول "هنا كان موقع مكتب البريد" فمع دخول الانترنت حياتنا انخفضت حاجاتنا إلى ساعي البريد بصورة جوهرية، ومع بطئ وتعقد وطول إجراءات إرسال الرسائل عبر مكاتب البريد الحكومية خرجت علينا شركات متخصصة، الله يسامحها فيما تحصل عليه من أتعاب، لكي تريحنا من عناء التعامل مع مكتب البريد الحكومي. لا غرابة إذن في أن تنخفض معاملات مكاتب البريد بصورة كبيرة، إلى الحد الذي أصبحنا معه عندما تدخل مكتب للبريد، ينتابنا شعور بالحسد على الذين يعملون فيه، محظوظون هؤلاء بدخول الانترنت وشركات البريد الخاصة، بعد أن كانت الطوابير هي السمة الأساسية لأي مكتب للبريد.
الحكومة الأمريكية تفكر حاليا في إغلاق المزيد من مكاتب البريد، بعد أن بلغت خسائر خدمة البريد 7 مليار دولار لهذا العام. تأتي هذه الخطوات لتكمل ما بدأته الحكومة الأمريكية منذ فترة في تقليص نطاق أعمال خدمة البريد العام، فقد تم الاستغناء عن 150000 موظف في البريد منذ عام 2000 حتى اليوم، كما تم نقل المئات من صناديق البريد لتوفير التكاليف. حاليا تفكر الحكومة الأمريكية في إغلاق حوالي 700 مكتب للبريد هذا العام، وإعداد خطة لدمج أعمال المكاتب الأخرى. رحمة الله على البريد الحكومي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق