الأربعاء، أغسطس ١٩، ٢٠٠٩

هل بدأ الاقتصاد الأمريكي الخروج من الكساد؟

كثير من الأسئلة يصعب إيجاد إجابة عليها في علم الاقتصاد، خصوصا عندما نكون في المراحل الأولى للظاهرة الاقتصادية ونحتاج إلى دلائل رصينة يمكن على أساسها الحكم بقوة حول صحة الخلاصة التي نصل إليها. فيما يلي نعرض لوجهة نظر تؤيد الحكم بأن عملية استعادة النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت حاليا تمهيدا للخروج من أعنف أزمات الكساد التي مر بها العالم منذ الكساد العالمي الكبير. وفقا لوجهة النظر هذه فإن الإجابة هي نعم، بدأ الاقتصاد الأمريكي في الخروج من الكساد الحالي، وفيما يلي الدليل على ذلك.

1- أن الرقم القياسي للمؤشرات السباقة (المؤشرات التي تصعد إلى الأعلى قبل أن يبدأ النشاط الاقتصادي في الصعود، والتي تهبط إلى الأسفل قبل أن يأخذ النشاط الاقتصادي في الهبوط)، وفقا للشكل التالي، قد أخذ في الصعود بعد سلسلة مستمرة من الهبوط، مما يعني أن النشاط الاقتصادي سوف يستعيد مستوياته قبل الأزمة قريبا.




2- أن استعادة النشاط الاقتصادي سوف تكون في الربع الرابع من هذا العام، فالجدول التالي يوضح أن بدء تصاعد الرقم القياسي للمؤشرات السباقة في أزمات الكساد السابقة قد تراوح بين شهرين إلى سنة، وبما أن بدء التصاعد قد تم في شهر مايو الماضي، فان ذلك يعني أننا بالفعل نعيش حاليا حال الخروج من الكساد.


3- أن الشكل التالي يوضح أن الملايين من العمال عاطلين عن العمل، وأن أعدادهم تزيد شهريا بحوالي نصف مليون عامل، كذلك فان العمال الذين يعملون بالفعل لا يعملون لكل الوقت، كما أن الملايين من العاطلين قد توقفوا بالفعل عن البحث عن العمل، وهؤلاء لا يحسبون ضمن معدل البطالة وفقا للتعريف الحالي للبطالة في الولايات المتحدة. فهل يعني ذلك أن استعادة النشاط الاقتصادي قد بدأ بالفعل؟ الإجابة هي نعم أيضا لأن مؤشر البطالة ليس من المؤشرات السباقة، وإنما من المؤشرات المتأخرة (أي تصل إلى أعلى مستوياتها بعد أن نصل إلى قاع الأزمة، وتصل إلى أقل مستوياتها بعد أن نصل إلى قمة الرواج).




4- أن المطالبات المبدئية للعاطلين للحصول على إعانة البطالة هي أحد المؤشرات السباقة (مقارنة بمؤشر البطالة كمؤشر متأخر)، والتي تمثل أعداد العاطلين الذين يقومون بملأ استمارات الحصول على الإعانة، والشكل التالي يوضح تراجع المطالبات المبدئية للعاطلين عن العمل للحصول على إعانة البطالة في الأشهر الأخيرة. ماذا يعني ذلك، إنه يعني ببساطة تراجع أعداد المطرودين من العمل.


5- أن مؤشر ISM Manufacturing، وهو أحد المؤشرات الوطنية التي تقوم على مسح لمديري المشتريات في حوالي 300 مؤسسة صناعية أمريكية، والذي يعد أيضا أحد المؤشرات السباقة الدالة على وجود توسع في النشاط الاقتصادي (إذا تجاوزت قيمته 50) أو انحسار فيه (إذا قلت قيمته عن 50)، قد أخذ أيضا في التزايد في الأشهر الأخيرة، مما يعني أننا نعيش حاليا في حالة استعادة مستويات النشاط الاقتصادي.


6- أن مبيعات المساكن قد أخذت في التراجع بصورة واضحة منذ بداية الأزمة، إلا انه حاليا، وفقا للشكل التالي، قد أخذت في الاستقرار عند معدلات ارتفاع محدودة، إلا أنها على الأقل لا تتراجع.


7- أن احد أسباب استقرار الطلب على المساكن هو ارتفاع قدرة المستهلكين على الشراء، والشكل التالي يوضح الرقم القياس لقدرة المستهلكين على شراء المنازل في الولايات المتحدة، ومن الشكل يلاحظ أن الرقم القياسي لقدرة المستهلكين على شراء المساكن قد أخذ أيضا في التصاعد.

8- على الرغم من أن شركات البناء في الولايات المتحدة كانت سابقا تقوم ببناء مساكن ليس عليها طلب (لاحظ الفرق بين عمليات بناء المساكن الجديدة (المنحنى الأحمر) ومبيعات المساكن الجديدة (المنحنى الأزرق)) إلا انه يلاحظ انه في الفترة الأخيرة أخذت عمليات بناء المساكن الجديدة في التراجع إلى مستويات تتقارب مع مبيعات المساكن الجديدة بحيث يتوقع أن يحدث التوازن بينهما قريبا.

9- أن مبيعات المساكن الجديدة، كما يتضح من الشكل التالي أخذت أيضا في التصاعد قليلا في الأشهر الأخيرة.

10- أن مبيعات السيارات الجديدة (الأعمدة الحمراء في الشكل التالي) انخفضت حاليا عند مستويات أقل من مستويات الإنتاج اللازم للحفاظ على أعداد السيارات على الطرق الأمريكية (المنحنى الأزرق)، أي أن معدل تقادم أو التخلص من السيارات للأسباب المختلفة يتم بصورة أسرع من معدلات استبدالها، وهو ما يعني أن الطلب على السيارات سوف يميل نحو الارتفاع قريبا.


بوضع هذه المؤشرات جنبا الى جنب، فان هناك إشارة قوية الى بدء استعادة النشاط الاقتصادي في الاقتصاد الامريكي. غير أن بعض الاقتصاديين يعترض على ذلك، ويرى أن الاقتصاد الامريكي لم يبدأ بعد من الخروج من حالة الكساد، مستندين في ذلك الى أن مستويات الانفاق الاستهلاكي والتي تمثل الجانب الاكبر من الانفاق (حوالي 70%) في الولايات المتحدة ما زالت ضعيفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق